نقصها وفقدانها يؤثر على آلاف المرضى.. أدوية الأورام في حمص عملة نادرة
أكد رجل ستيني مصاب بورم خبيث أنه يعاني جداً حين يريد الحصول على الدواء، لأنه غير متوفر في المشافي العامة، وثمنه مرتفع جداً لدى القطاع الخاص.
كما وردت الى “كليك نيوز” حادثة جرت مع والد فتاة تخضع للعلاج بعد استئصال الثدي حيث يشتري الأبرة الواحدة بمبلغ 450 ألف ليرة سورية، وذات مرة ومن غير قصد وقعت الأبرة من يد الممرضة المكلفة بإعطائها لابنته، فحزن جداً لما حصل.
بينما يلجأ عدد كبير من المرضى لجمعية مكافحة السرطان الكائنة في حي الدبلان، للحصول على مساعدة من الجمعية التي تقوم بحسم نسبة 60% من ثمن الدواء مهما كان سعره، وهي تعتمد أساساً على تبرعات أهل الخير والمقتدرين في المحافظة.
لكن مساهمة الجمعية – رغم أهميتها وقيمتها- ليست حلاً، ولاسيما في محافظة كحمص يزداد عدد مرضى الأورام كل يوم.
من أين نأتي بسعر الدواء المرتفع؟؟
السؤال المهم والوحيد على ألسنة مرضى الأورام وذويهم هو، “من أين نأتي بسعر الدواء المرتفع جداً؟ وبدل أن نوجهه لهم كانوا يوجهونه لنا ونحن نحاول معرفة متاعبهم ومعاناتهم علَّنا نستطيع مساعدتهم لدى الجهات المعنية بالموضوع لتأمين الدواء”.
الشاب “علي يونس” مريض ويتلقى العلاج في مشفى الباسل بحي كرم اللوز قال، “أنا غير موظف وكنت قبل المرض أعمل أعمالاً حرة، وقد توقفت عن العمل بعد اكتشاف المرض، وكل شهر أجد صعوبة في تأمين الدواء اللازم لي خاصة وأن سعره مرتفع وغير متوفر في المشفى”.
مريض آخر مصاب بورم في المثانة – رفض ذكر اسمه – لأنه عسكري أكد أنه لجأ إلى أكثر من جمعية لمساعدته في تأمين القيمة المادية اللازمة لعلاجه لكنه لم يستقد شيئاً.
وبالمقابل أثنى على جهود الأطباء وعناصر التمريض في تقديم الخدمات للمرضى في قسم الأورام معتبرا أن ليس بيدهم حيلة لمساعدة المرضى إلا بالمعاملة الحسنة، أي مساعدة معنوية فقط.
أما ندى فهي الأخرى تعاني الكثير للحصول على الدواء اللازم بعد أن أخبروها أنها بحاجة لأكثر من عشر جلسات علاج وهي غير موظفة.
ندى تلجأ أحيانا إلى جمعية مكافحة السرطان، لكنها تقول أن الدواء لا يصرف من قبل الجمعية والصيدلية المتعاونة معها إلا بعد الساعة الثانية عشرة وهناك “لبكة” لبعد المشفى عن الجمعية، لذلك أعمد إلى شراء الدواء من حسابي وهذا الأمر مربك لي ولعائلتي لأن ثمنه مرتفع جداً، والجمعية لا تساعد المرضى إلا مرة واحدة كل شهر.
وقالت مريضة أخرى تخضع للعلاج، “لا يتوقف الأمر عند الدواء النوعي المخصص لنا –نحن المرضى- فهم يطلبون منا شراء القثطرة الوريدية وأجهزة السيروم ومع أن سعر هذه الأشياء قليل مقارنة مع سعر الدواء الأساسي إلا أنها تزيد الطين بلة وتحمِّل المرضى أعباء مادية أخرى.
عناصر التمريض: حقوقنا مهدورة ولا نملك إلا التعاطف
أكدت الممرضة وفاء من قسم الأورام في مشفى كرم اللوز أنها وزملاؤها العاملون في القسم يتحملون ضغطا كبيراً، ويبذلون جهوداً مضاعفة مقارنة مع العاملين في بقية الأقسام، فقسم الأورام له خصوصيته في المشفى، وعليهم أن يكونوا لطيفين جداً مع المرضى ومرافقيهم، وهم – والحالة هذه- لا يجدون سوى التعاطف والتشجيع المعنوي لتقديمه للمرضى.
ويعتبرون أنفسهم مظلومين جدا لأن المرسوم التشريعي الصادر العام الماضي عن السيد رئيس الجمهورية حدد زيادة نسبة60% للأطباء العاملين في أقسام الأورام في المشافي العامة، و50% لعناصر التمريض لكن المرسوم لم يطبق حتى الآن في محافظة حمص.
وهم يتساءلون عن السبب مستغربين الأمر، مع أن مدير صحة حمص وفي حديث سابق أكد لنا أن المديرية أنجزت البيانات المطلوبة وحددت الأسماء المستحقة للزيادة الواردة في المرسوم، لكن حتى الآن لم يرد شيء بهذا الخصوص، والتقصير من قبل الوزارة وليس في مديرية صحة حمص.
الوزارة هي المعنية
علمنا من مصدر في وزارة الصحة أن أغلب أدوية الأورام متوفرة للمرضى الذين يدخلون المشافي المختصة بعلاج الأورام سواء مشفى المواساة أم مشفى البيروني وهما يتبعان لوزارة التعليم العالي، حيث تصرف بعض أنواع الأدوية ضمن المشفى.
لكن لا يستطيع جميع المرضى الذهاب إلى دمشق لتلقي العلاج، فعدا عن التكلفة المادية المرتفعة للسفر في ظل الظروف الحالية.
هناك تعب جسدي ونفسي كبيران لا قدرة للمرضى على تحملهما، زد على ذلك الازدحام الشديد في حال فكر المرضى من أكثر من محافظة الذهاب إلى دمشق …!!
وفي حمص أكد أحد الأطباء وتحفظ على ذكر اسمه أن الوزارة تبخل في تزويد المحافظات بما يلزمها من أدوية نوعية للأورام، وحتى عندما تحسب حسابها فإن الكمية تكون قليلة ولا تلبي حاجة جميع المرضى.
وفي اتصال هاتفي مع مدير صحة حمص الدكتور “مسلّم أتاسي” أشار إلى أن المديرية لا تستطيع شراء أدوية الأورام والوزارة هي الجهة المخولة بشرائها، ونحن نرسل وبشكل دائم طلبات للوزارة لتزويد مشافي المحافظة بالأدوية اللازمة لمرضى الأورام والوزارة تتأخر في تأمينها.
وعندما تأتينا الأدوية نوزعها على المرضى، وأضاف بأن وضع الأدوية أو القطاع الصحي مثل وضع بقية القطاعات في البلد كالكهرباء – على سبيل المثال – فهي غير متوفرة طيلة الوقت.
معتبراً أن الحرب أثرت سلبا على جميع القطاعات وكانت أضرار القطاع الصحي هي الأكبر في حمص.
مفارقة واضحة
السؤال الذي يطرح نفسه هنا، كيف يتوفر الدواء لدى القطاع الخاص ولا يتوفر في القطاع العام؟
والجواب بالنسبة لنا هو أن القطاع الخاص يوفر ما هو مفقود عن طريق التهريب، ومع أن الأطباء لا ينصحون المرضى بالدواء المهرب، لكن ماذا يفعل المريض؟
وهل بمقدوره ألا يشتري دواءً يفتح له باب الأمل بالشفاء؟ مع الإشارة إلى أن الكثير من الأدوية غير متوفرة في محافظة حمص كأدوية القصور الكلوي “البروتينات والهرمونات البشرية والألبومين والبلازما، ولقاح مرض الكَلب مع العلم أنه يوجد قسم في مشفى كرم اللوز لمن تعرض لعضة كلب أو قطة أو جرذ أو أي حيوان يسبب مرض الكَلب، وهي بالمجمل باهظة الثمن أيضاً..!!
سهيلة إسماعيل – كليك نيوز
اقرأ أيضاً .. “فعلاً بدها قرض” جملة تختصر غلاء أسعار التجهيزات المدرسية في حمص