“الأمبيرات” تحلّق إلى مستويات قياسية في حلب
اصطدم الحلبيون أثناء دفعهم تعرفة الاشتراك الأسبوعي بـ “الأمبيرات”، بأرقام قياسية مرتفعة غير مسبوقة منذ بدء عمل المولدات في المدينة قبل سنوات.
فخلال الأسبوع الجاري، حلّق سعر “الأمبير” في كافة أحياء المدينة إلى مستويات “فلكية”، ناهزت 15 ألف ليرة سورية للاشتراك المنزلي، و20 ألف ليرة لـ “الأمبير” التجاري، بالتزامن مع تخفيض مدة ساعات التشغيل إلى أقل من 7 ساعات يومياً للمنزلي، وإلى ما بين 10 و11 ساعة يومياً للاشتراك التجاري الذي يشكل أصحاب الفعاليات التجارية والصناعية والسياحية النسبة الأكبر من مشتركيه.
أسباب الارتفاع الجديد بحسب ما أوضحه عدد من أصحاب المولدات، تركزت حول مسألة استمرار المحافظة في عدم الإيفاء بالتزاماتها لناحية توفير المازوت المدعوم المخصص للمولدات، والذي كان يفترض أن يوزّع عبر الشركة الخاصة المعتمدة بسعر 1700 ليرة سورية لليتر، وفق قرار المحافظة السابق المتضمن تحديد سعر ساعة تشغيل “الأمبير” بـ 125 ليرة، في مقابل تأمين مخصصات المازوت اللازمة لعمل المولدات.
يقول “ع. م” صاحب مولدة “أمبيرات” فضل عدم الكشف عن مكان عمل مولدته اتقاءً لـ “شر دوريات التموين”، أن أصحاب المولدات ومنذ صدور قرار المحافظة ووعدها بتأمين المازوت، لم يحصلوا على مخصصاتهم سوى لمرتين أو ثلاثة في أحسن الأحوال: “الأمر الذي جعلنا أمام خيارين، أولهما أن نتوقف عن العمل بشكل كامل لحين تأمين مخصصاتنا، أو أن نشتري المازوت من السوق السوداء ونواصل عملنا، وهو ما أصبحنا نقوم به بالفعل في الآونة الأخيرة”.
واتفق حديث “ع. م” مع أحاديث كافة أصحاب المولدات، والذين أشاروا إلى أن ارتفاع سعر “الأمبير” أمرٌ طبيعي جداً ولا يجوز استغرابه، وخاصة بعد وصول سعر ليتر المازوت في السوق السوداء إلى 4500 ليرة، عدا عن تكاليف إصلاح الأعطال، واستبدال زيوت المولدة التي سجلت بدورها ارتفاعات كبيرة مؤخراً.
وعلى حين يستنكر أهالي حلب خطوة رفع سعر “الأمبيرات”، يجد بعض أصحاب المولدات أنفسهم مظلومين وبريئين من تهمة الجشع، معتبرين أن الارتفاع أمر محق بالاعتماد على حسبة رياضية بسيطة فصلها أحد مشغّلي “الأمبير” بالقول: “المحافظة فرضت تسعيرة 125 ليرة للساعة على أن نحصل على المازوت بسعر 1700 ليرة، ونحن الآن نشتري المازوت بـ4500 ليرة، أي بثلاثة أضعاف ما وعدتنا به المحافظة، ونحن بدورنا رفعنا سعر الساعة بموجب سعر المازوت إلى أقل من 350 ليرة أي حتى أقل من ثلاثة أضعاف، وبالتالي إذا ضربنا الرقم 350 بسبع ساعات تشغيل يومياً سنجد أن السعر المنطقي هو 2450 ليرة يومياً ونحو 17 ألف ليرة أسبوعياً، وبالتالي فنحن نتقاضى ما هو أقل من السعر الحقيقي والمنطقي للتشغيل”.
وفي ظل الارتفاع الجديد، وجد العديد من الحلبيين أنفسهم مضطرين إلى اتخاذ إجراءات قسرية تحت وطأة الضغوط المعيشية، حيث قام أرباب أسر بتخفيض حجم اشتراك منازلهم من “أمبيرين” إلى “أمبير” واحد، أو من ثلاثة إلى اثنين، وهكذا دواليك، معلنين عزوفهم عن استخدام ما باتت تصنف “وسائل الرفاهية” في منازلهم، والحديث هنا عن “البرادات، والمجمدات” وحتى “التلفزيونات”.
وما بين عجز المعنيين، وتحكّم أصحاب المولدات، وفقدان الحلول الوسطية، يبقى المواطن الحلقة الأضعف في كل ما يجري في حلب، لتزيد أزمة “الأمبيرات” الحالية، من وقع سلسلة الأعباء المعيشية المتراكمة التي يرزح أبناء حلب تحت وطأتها، بدءاً من ارتفاع أسعار مختلف السلع والمواد الغذائية، وليس انتهاءاً بموجة البرد القارس وانعدام وسائل التدفئة التي سبّبها فقدان المشتقات النفطية المدعومة وتحليق أسعارها في السوق السوداء.
وكانت قد أصدرت محافظة حلب قبل عدة أشهر، قراراً يقضي بتحديد سعر ساعة تشغيل “الأمبير” بـ 125 ليرة، مقابل تأمين المازوت المدعوم للمولدات بسعر 1700 ليرة، الأمر الذي لم يبصر النور، ولم يجد سبيله إلى التطبيق، في ظل عجز المحافظة عن إلزام الشركة الخاصة المسؤولة عن توزيع المازوت في حلب بإيفاء التزاماتها، ليبقى القرار حبراً على ورق، حاله حال العديد من القرارات التي صدرت وما تزال تصدر بين الحين والآخر.
المصدر : أثر برس