“اليوتيوب” يغزو عالمنا.. طريق للوصول إلى المال في ظل محتوى تافه
“اليوتيوب” يغزو عالمنا.. طريق للوصول إلى المال في ظل محتوى تافه
في ظل التطور التقني، ومع ازدياد تدهور الأوضاع المعيشية، فإن الكثير من السوريين استغلوا هذه التكنولوجيا لكسب الأموال، حتى ظهرت الكثير من المصطلحات تحت هذا الإطار، مثل “يوتيوبر”، أو “صناعة المحتوى”، وغيرها الكثير من الوسائل، التي راجت في أوساط الشباب من الذكور والإناث.
حيث انتشرت هذه الأعمال “كالنار في الهشيم”، وصارت “شغلة اللي مالو شغلة”، في السنوات الخمس الأخيرة، عندما بدأ اليوتيوب يعطي أموالاً، ما دفع الكثير للاتجاه لذلك بغرض الربح والبحث عن الشهرة، كونها لا تحتاج سوى امتلاك جهاز جوال بمواصفات كاميرا جيدة حتى يحقق الشهرة من خلال ما يقدمه سواء كان نافعاً أم تافهاً، وإذا كانت “اليوتيوبر” فتاة، فيكفي أن تكون جميلة لتحقق أعلى نسبة متابعة.
ولا شك أننا جميعاً نسمع وقد نشاهد “اليوتيوبر بيسان”، والتي بدأت العمل بهذا المجال منذ أربع سنوات، لتصبح يوتيوبر شهيرة على اليوتيوب، ولديها مئات الألوف من المتابعين.
وقالت “بيسان”، كانت القصة في البداية لمجرد التسلية ونشر صوري وعمل مقاطع فيديو أثناء ذهابي إلى الجامعة، وبدأت المشاهدات تزداد لدي ومن ثم انهالت علي عروض لعمل إعلانات عن الملابس أو أدوات التجميل، وخلال فترة قصيرة انقلبت حياتي من فتاة تأخذ مصروفها من والدها إلى سيدة أعمال أقوم بعمل إعلانات لمحال تجارية وماركات معروفة، ووصل عدد المتابعين إلى ما يقارب المليون متابع من مختلف الدول العربية.
وأضافت “بيسان” لصحيفة “تشرين” الرسمية، إعلانات المطاعم والكافيهات أقوم بتقديمها على الإنستغرام، فلدي عليه ما يقارب مليون متابع، لأن اليوتيوب للجمهور الذي يريد المحتوى، أما الإنستغرام فيبدأ بـ “ستوري” أو قصة، بأنني سوف أقدم شرح محتوى المنتج الذي أقوم بالإعلان عنه خلال فيديو قصير.
وقال “اليوتيوبر عصام”، إنه بحث طويلاً عن عمل فلم يجد أمامه إلّا أن يركب موجة اليوتيوب وبدأ يعمل فيديوهات عن الطبخ، مشيراً إلى أن اليوتيوب يقيم الفيديو بعد ساعة من عرضه، وإذا لم يتم التفاعل معه يصبح الفيديو مملاً.
وأضاف، عندما يكتب صانع المحتوى عنواناً على الفيديو ويدخل المشاهد ويجد المحتوى مختلفاً فسيخرج الجمهور بعد ثانيتين، ويصبح فيديو مضللاً ليقوم اليوتيوب بوضعه أسفل كي لا يشاهده أحد، مضيفاً، دائماً يبحث اليوتيوب، عما يفضله الجمهور فإذا كان الفيديو ناجحاً، يخطر بذلك، بسبب نجاحه لأن الجمهور شاهده مدة طويلة أو لأنه أعجبهم.
اقرأ أيضاً: بعد تطبيقها على الصور ومقاطع الفيديو.. “واتساب” تطلق ميزة جديدة للرسائل الصوتية
وأكد اليوتيوبر “علي”، أن اليوتيوب أو حتى الإنستغرام لا يفضل المحتوى المثير للجدل والخلافات والانتقادات أو أخباراً سلبية، ويفضل المحتوى الترفيهي الذي يحصد مشاهدات واسعة مثل الطبخ أو الغناء أو عرض الأزياء وغيرها من القصص الترفيهية.
وقال المهندس “وليد تنبكجي” خبير تكنولوجيا معلومات للصحيفة نفسها، إن المحتوى غير الأخلاقي المقدم لا تعدّه المنصة محتوى غير أخلاقي، فهو يختلف من دولة لأخرى، وما يحد من هذه الظاهرة هو الجمهور المشاهد للمحتوى والذي غالباً ما يقبل على مشاهدة مقاطع الفيديو التي كتب عليها سري أو خطير أو شاهد قبل الحذف.
وأضاف، يوجد أشخاص هدفهم صناعة محتوى مزيف لتحقيق أعلى نسبة مشاهدات وأن يصبح تريند وغالباً ما يكون المشاهير هم أكثر تأثيراً، قائلاً، الفيسبوك يحسب المشاهدة بعد ثلاث ثوان واليوتيوب بعد نصف دقيقة، مشيراً إلى أن المحتويات التي يتم وضعها ليس عليها رقابة من الأهل، ومن تمت ملاحقتهم قانونياً لا يتعدون 5% من الموجودين على السوشيال ميديا.
وأشار إلى أن محتويات اليوتيوب الذي ظهر منذ عام 2005، قد تكون هادفة لنفع الناس وتحقيق الصالح العام أو محتوى إخباري وترفيهي أو من أجل التواجد ذاته.
من جهتها، أوضحت الدكتورة “حنان ضاهر” من قسم التربية بجامعة دمشق، أن هناك عدداً غير قليل يمتهن مهنة “اليوتيوبر” يلجؤون للإثارة والبحث عن التريند لتحقيق مكسب مالي دون درجة من الوعي لصورتهم وتأثيرهم السلبي على الشباب والمجتمع.
وأضافت “ضاهر” لـ “تشرين” من الممكن تقنين تلك الممارسة ونقوم بتدريبهم وتوعيتهم بكيفية تقديم مادة من دون تجاوز الحدود وتحقيق مشاهدات كبيرة من المتابعين عبر محتوى أخلاقي يحظى بالاحترام والتقدير.
من جانبها، أشارت المحامية “رهف عبد الرحيم”، إلى أنه بإمكان المواطنين الإبلاغ عن أي صانع محتوى وتقديم معروض يوضحون فيه أن ما يُقدم فيه إساءة للأفراد والمجتمع.
يذكر أن “اليوتيوبر”، مصطلح يطلق على من يستخدم اليوتيوب من أجل بث المحتوى الخاص به، ومشاهير اليوتيوب هم الذين تتعدى مشاهدتهم الملايين حيث يحصل على 30 % لكل مليون مشاهدة من الإعلانات التي توضع على الفيديوهات، وغالباً كل مليون مشاهدة قد يحصل على ما يعادل 15 مليون ليرة، و10 ملايين مشاهدة يحصل على 50 مليوناً، وهكذا فهي أموال غير ثابتة لأنها مرتبطة بعدد الإعلانات، كما أن معدل الاستخدام اليومي للفرد ما يقارب من 8 ساعات.
ولا شك أنه ومع هذا الانتشار الكثيف لهذه الأعمال، فإن دور الأهل يكمن في زيادة الرقابة على أطفالهم، لا سيما الذين يشاهدون هذه الفيديوهات بشكل يومي، حتى يضمنوا عدم تعرضهم لمحتوى غير لائق، ولمنعهم من استسهال الطرق لكسب الأموال، بغض النظر عن المضامين التي تحملها حتى لو كانت فارغة.
المقالات المنشورة لا تعبّر بالضرورة عن رأي الموقع