فرار جماعي لموظفي القطاع العام.. استقالة 1800 شخص بدمشق خلال ستة أشهر فقط
لطالما كانت الوظيفة العامة في سورية، حلماً لكثير من المواطنين، غير أنها اليوم وعلى ما يبدو، باتت تشكل عبئاً عليهم، بسبب الرواتب الهزيلة التي أصبحت عديمة القيمة لا تكفي قوت الخبز طوال الشهر، الأمر الذي جعل الخيار الوحيد أمام النسبة الأكبر من الموظفين، الاستقالة، والبحث عن عمل آخر لتأمين كفاف أسرهم.
وفي هذا السياق، ذكرت صحيفة “تشرين”، أن طلبات الاستقالات من مختلف القطاعات كثرت، ففي دمشق وحدها خلال ستة أشهر وصل عدد الاستقالات خلال النصف الأول من العام الحالي 2023، إلى نحو 1800 استقالة، نتيجة تدني الرواتب التي لم تعد تغطي نفقات المواصلات، والبحث عن فرص عمل بديلة.
وأضافت الصحيفة، وصل عدد الاستقالات في دمشق وريفها خلال ستة أشهر لنحو 1800 استقالة تتضمن حالات “استقالة أو وفاة أو نقل”، لعامل وعاملة أغلبيتهم من القطاع العام.
وقال أمين شؤون تنظيم العمل في اتحاد عمال دمشق “عمر البوشي” أن أغلبية المستقيلين، من المصارف والقطاعين الصحي والخدمي، وهم من الشرائح التي تتطلب ظروف عملهم الالتزام بالدوام وهذا ما يجبر كثيرين على التقدم باستقالاتهم.
وأضاف “البوشي” إن الظروف المعيشية الضاغطة والهمّ اليومي لتأمين أدنى متطلبات الحياة، تأتي في مقدمة الأسباب التي تدفع ذوي الدخل المحدود إلى التخلي عن وظائفهم.
وأشار إلى أن الشغل الشاغل لأغلبية الناس خاصة ذوي الدخل المحدود هو السعي لإيجاد مصدر دخل إضافي لهم ولأسرهم منها عن طريق الاستقالات، والبحث عن فرصة عمل إضافية تزيد من دخلهم.
اقرأ أيضاً: تدني الأجور يدفع مئات الموظفين إلى الاستقالة.. الحكومة مستمرة بدراستها لتحسين الوضع المعيشي!
بدوره، أشار أمين شؤون العمل في اتحاد العام لنقابات العمال “جمال الحجلي” إلى أن بعض الجهات توافق على الاستقالة، ضمن أسس وضوابط معينة، مشيراً إلى أنّ بعض الوزارات عملت على منع أو عدم الموافقة على الاستقالات.
وأضاف، كما هو معروف أن الراتب لا يغطي أجور المواصلات لاسيما في المناطق والأرياف التي تتطلب ظروف سكنها الذهاب يومياً إلى عملها.
وفي ذات السياق، نقلت الصحيفة، عن مصدر في جامعة دمشق، أنّه تمّ رفض جميع طلبات الاستقالة المقدمة للجامعة باستثناء الاستقالات المبررة صحياً، أو بسبب نهاية الخدمة، مشيراً إلى أنه يوجد نقص كبير بالكادر التدريسي والجامعة بصدد إعلان مسابقة عن تعيين أعضاء الهيئة التدريسية، وكذلك فنيين ومعيدين.
وأضاف، فيما يتعلق بالكادر الإداري كذلك يعاني من نقص حاد في جميع الفئات، ويتم ترميم النقص من خلال قبول جميع المتقدمين بطلبات نقل من الوزارات الأخرى.
وكانت الصحيفة ذكرت في حزيران الفائت، أن الشهور القليلة الماضية، شهدت ازدياداً كبيراً في أعداد الموظفين الراغبين في الاستقالة، تزامناً مع تفاقم الأزمة الاقتصادية والمعيشية التي أثرت في الجميع، نتيجة ارتفاع الأسعار والتضخم غير المسبوق.
وبحسب بيانات اتحاد العمال، ارتفعت أعداد المستقيلين ومقدمي طلبات الاستقالة من القطاع العام خلال النصف الأول من العام الجاري، مسجلاً استقالة 400 موظف في محافظة السويداء، و300 آخرين في محافظة القنيطرة أغلبهم من قطاع التربية.
في حين تم تقديم 516 طلب استقالة في محافظة اللاذقية، بينها 230 طلباً من عمال في شركات الغزل، و149 من عمال في مؤسسة التبغ، و58 من عمال في قطاع الزراعة، و31 من عاملين في مديرية الصحة، و48 طلباً من موظفين في مختلف القطاعات الأخرى.
وبذلك يتحول الحلم القديم إلى كابوس، والهروب الجماعي من الوظائف الحكومية، بات واقعاً، من المفروض أنه ينذر بخطر حقيقي تواجهه العمالة في سورية، بعد أن باتت الهجرة الهاجس الأول للأغلبية.
يذكر أن راتب الموظف في القطاع العام لا يتجاوز في أقصاه 150 ألف ليرة سورية، بينما المصروف الشهري لا يقل عن 3 مليون ليرة، لتأمين أقل الاحتياجات.
المقالات المنشورة لا تعبّر بالضرورة عن رأي الموقع