ازدياد عدد العاملين من الأطفال خلال السنوات الأخيرة.. التربية: 36% نسبة الفاقد التعليمي حتى 2020
هكذا دائما هي الحروب، لها فاتورتها الغالية التي يدفع ثمنها الجميع، وغالبا ما تترك آثارها الأكبر على الأطفال، ففي ظل الأزمة الاقتصادية التي تعيشها البلاد، تفاقمت ظاهرة عمل الأطفال المعيلين لأسرهم، حيث يعمل الكثير منهم بعد المدرسة وفي أيام العطل، فيما ترك البعض الآخر مدرسته وتفرغ للعمل.
يروي أحد الأطفال الذي لم يتجاوز من العمر 11 عاما، لموقع “أثر برس” المحلي، أنه “يعمل بائعاً في أحد محال الخضار ويحصل على ستة آلاف ليرة أجراً يومياً”، مضيفا أن “والديه موظفان، وله أربعة أشقاء أكبرهم في السادسة عشرة من عمره يعمل في أحد محلات النجارة، ويعيشون في بيت مستأجر، إذ يعمل وشقيقه على مساعدة والديهما لمواجهة أعباء الحياة.”
ويقول طفل آخر يبلغ من العمر 12عاما، إنه “يعمل في محل حلاق رجالي، ينظف له المحل مقابل أجر قيمته خمسة آلاف ليرة يومياً”؛ مصيفا أنه “سيعمل طيلة أيام العطلة الانتصافية، لأنه يحتاج وأخوته إلى أغراض وقرطاسية مع بداية الفصل الدراسي الثاني وليس بمقدور أهله شراؤها لهم.”
كما يعمل أحد الأطفال 15 عاماً، في مغسل للسيارات، مقابل أجر يتراوح بين 7 آلف و8 آلاف يومياً، إضافة إلى الإكراميات من أصحاب السيارات، حيث يقول إنه “يعمل بعد انتهاء دوام المدرسة وليس في العطلة فقط، ففي أيام العطل يعمل من الساعة الثامنة صباحاً وحتى التاسعة مساءاً”، لافتاً إلى أنه “يساعد والدته في إعالة الأسرة، وأنه أتقن غسيل السيارات جيداً”، مبيناً أن مستواه الدراسي متوسط ولا ينوي دخول الجامعة لأن هذه المهنة برأيه مربحة أكثر.
وفي أحد صالونات التجميل، تعمل إحدى الفتيات البالغة من العمر 15 عاماً، على تنظيف الشعر المتساقط على الأرض جراء عمليات القص، وتعد القهوة والشاي للزبائن مقابل 15 عشر ألف ليرة في الأسبوع، ومدة عملها من الساعة 11 صباحاً حتى السابعة مساءاً، وتقول إنها تعمل فقط في أيام العطل بهدف مساعدة أسرتها، وتعلم المهنة، إضافة لتوفير مبلغ من المال تشتري به ما تشاء.
ليس هذا فحسب، فالمتجول في الشوارع، يلاحظ وجود الكثير من الأطفال بين سن العاشرة و16 عاماً على الإشارات الضوئية، فمنهم من يبيع العلكة أو الأزهار أو الألعاب البسيطة للأطفال، وما إن تقف السيارات على الإشارة إلا وتجد العديد منهم ينتشرون حولها يتوسلون البيع بإلحاح كبير يضطر فيه سائقون إلى الشراء.
وعن نسبة التسرب المدرسي، بيّن “عماد هزيم” مدير التعليم في وزارة التربية لموقع “أثر برس”، أن نسبة الفاقد التعليمي بلغت 36% لغاية عام2020، فيما لم يتم رصد نسبة التسرب لعام 2022 حتى الآن.
وقال “هزيم”: “هنا يأتي دور وزارة التربية بكونها أحد المعنيين الرئيسين في حماية الطفولة وبناءها جنباً إلى جنب مع المؤسسات والهيئات الأخرى التي تعنى بالطفولة، ويأتي دورها الأكبر في محاربة ظاهرة التسرب المدرسي التي تشكل إحدى الأسباب الرئيسة في ظاهرة عمالة الأطفال”، مشيراً إلى أن “ظاهرة التسرب المدرسي، تعود لتوافر عدد من الأسباب الاجتماعية والاقتصادية والتربوية، حيث يعتبر العامل الاقتصادي صاحب اليد العليا في هذه الظاهرة وأهم أسبابها”.
وأضاف “هزيم”، “أن وزارة التربية عملت على اتخاذ كافة الإجراءات والقيام بعدد من المشاريع للحد والتخفيف من آثار الحرب وتأمين حق التعلم للجميع، حيث صدر القانون رقم /7/ لعام /2012/، لمعالجة التسرب في مرحلة التعليم الأساسي الإلزامي، والذي يُلزم في أحد مواده، جميع أولياء الأطفال العرب السوريين ومن في حكمهم (ذكوراً وإناثاً) بإلحاق أطفالهم الذين تتراوح أعمارهم ما بين (6-15) سنة بمدارس التعليم الأساسي، وفي حال امتناع ولي الطفل أو المسؤول عنه قانوناً عن إرسال الطفل إلى المدرسة بعد إنذار بعشرة أيام، ويعاقب بغرامة مالية مقدارها من 10 إلى 15 ألف ليرة سورية، وحسب القانون، عند تكرار امتناع ولي الطفل أو المسؤول عنه قانوناً عن إرساله للمدرسة يعاقب بغرامة مالية كبيرة، كما يعاقب بالحبس من شهر إلى ثلاثة أشهر.”
من جهتها، رأت “سلوى محمد” أخصائية علم الاجتماع، أن “العمل خلال العطلة له إيجابيات أيضاً فلا يمكننا النظر إلى السلبيات فقط”، مضيفة أن من “إيجابيات العمل بالنسبة لليافعين أنه يعتبر بداية لتبلور الهوية الفردية، والاحتكاك المباشر مع سوق العمل ولو بشكل يسير، والإحساس بالقدرة على الإنتاج رغم العناية الفائقة التي يحرص الأبوان على تحقيقها لأبنائهم غالباً”.
مهما يكن الأمر، بين إيجابيات عمل الأطفال وسلبياته، بقي أن نتمنى بأن تتعافى سورية، ليعيش الأطفال كل تفاصيل طفولتهم ويمارسوا أدوارهم المناسبة لأعمارهم.
اقرأ أيضاً: أزمة الدواء تدخل منعطفاً خطراً.. نقص بأكثر من 50 % من حاجة السوق