450 ألف ليرة شهرياً لأرخص أنواعه.. كيف نقلع عن التدخين؟

شكل ارتفاع أسعار الدخان في سورية، “الكبير وغير المسبوق”، عبئاً كبيراً على محبيه، ولا سيما المدمنون منهم، الذين باتوا أمام خيارين، فإما الاستمرار فيه وبالتالي “كوارث ماديّة”، أغلبهم غير قادر على تحمّلها، أو الإقلاع عنه، ومواجهة صعوبات كثيرة، فشلوا في مواجهتها أغلب الأحيان.

وروى سائق تاكسي، تجربته في الإقلاع عن التدخين، مشيراً إلى أنه حاول إلّا أنه لم يستطع بالرغم من غلاء سعره، حيث يحتاج إلى علبتي سجائر يومياً وسعر الواحدة 7500 ليرة، “يعني 15 ألف ليرة يومياً وما يقارب 450 ألف شهرياً”، مشيراً إلى أن التدخين هو الطريقة الوحيدة للتنفيس عن الضغوطات التي يعيشها.

وتقول إحدى السيدات، خلال حديثها لصحيفة “تشرين” المحلية، إنها تركت التدخين منذ حوالي الشهر بسبب ارتفاع سعره، إلا أنها انتقلت إلى تدخين الأرجيلة، مشيرة إلى أن الخسارة المادية “أخف”، حسب وصفها، لأنها لا تدخنها كل يوم.

من جهته، قال صاحب محل لبيع الدخان، إن الشخص الذي كان يشتري علبتي سجائر بات يشتري واحدة فقط، مشيراً في ذات الوقت، إلى أن هناك أشخاص يحرمون أنفسهم من الأكل في سبيل شراء علبة سجائر.

في السياق، بيّنت “عبير العبيد”، مديرة برنامج مكافحة التدخين في وزارة الصحة للصحيفة نفسها، أن العمل في عيادات الإقلاع عن التدخين يتم وفق دليل إرشادي، مشرة إلى أنه تم تدريب كادر من المحافظات على تقديم الخدمة؛ ويعد بمنزلة مرجع في العيادة لمقدمي الرعاية الصحية والمهتمين في مجال مكافحة التبغ وعلاج الإدمان عليه.

ولفتت “العبيد”، إلى أن الدليل يحتوي على مجموعة من الإجراءات والتوصيات، تمكن مقدمي الرعاية الصحية والمرشدين الصحيين من التعرف إلى مرضاهم، من المدخنين وتوفير ما يلزم للتعامل معهم من أجل علاج إدمانهم على التبغ.

وأضافت مديرة برنامج مكافحة التدخين في وزارة الصحة، أن هناك نسبة عالية من المراجعين للعيادات، في محاولة منهم للإقلاع عن التدخين من الجنسين وبإشراف الفريق الطبي، مشيرة إلى أن هناك سلوكيات إيجابية يستفيد منها المقلع عن هذه العادة أهمها توفير مبلغ المال الذي كان يشتري به علبة السجائر في شراء حاجيات أكثر فائدة له ولأسرته.

بدوره، قال الدكتور “سمير بركات” اختصاصي الصحة العامة، لـ “تشرين”، أن الاقلاع عن التدخين ليس أمراً صعباً فهو يحتاج إلى إرادة وتصميم من الشخص وتغيير السلوكيات القديمة؛ واتباع سلوك غذائي وصحي متكامل.

اقرأ أيضاً: بعد ارتفاع كلفتها وعزوف المستخدمين عنها.. الاتصالات تتجه لـ “مواصفة جديدة” بديلاً عن “الفايبر نت”

وبين “بركات”، أن غلاء أسعار التبغ ومواد الدخان والمعسل والأرجيلة لن تكون سبباً في الإقلاع عن التدخين إلا إذا ساعد الشخص نفسه، فهناك أشخاص كثيرون وضعهم المادي سيئ جداً، وبالرغم من ارتفاع أسعار السجائر فهم مستعدون لحرمان أنفسهم من عدة أمور ضرورية في سبيل شراء علبة سجائر

وبحسب “بركات”، فإن مدة علاج الإقلاع عن التدخين هي من أسبوعين إلى ثلاثة أشهر وفي هذه المرحلة من الانقطاع عن التدخين، ينخفض خطر الإصابة بالنوبات القلبية بشكل كبير وتبدأ وظائف الرئة والدورة الدموية في التحسن، وتزداد القدرة على ممارسة الرياضة.

من جهتها، أشارت الاختصاصية الاجتماعية “صبا حميشة”، إلى أنه خلال الفترة الأولى من الإقلاع عن التدخين يمكن أن يعاني الشخص أعراضاً انسحابية مثل زيادة القلق والعصبية والتوتر، والصداع، والغثيان، كما يمكن أن يعاني صعوبة في التركيز، لذا يجب أن يتهيأ جسمه لهذه التغيرات، ويحدد كيف سيتعامل معها، فهذا يساعده على الالتزام وعدم العودة للتدخين.

وأضافت “حميشة” من الطرق التي تساعد على تجاوز هذه المرحلة شرب الكثير من الماء وعصائر الفاكهة الطبيعية، وتقليل المشروبات الغنية بالكافيين والسكر بنسبة كبيرة، والتوجه إلى ممارسة أنشطة اجتماعية كزيارة الأقارب وقراءه الكتب وحضور الأمسيات الثقافية التي تمنع التدخين ضمن صالاتها.

يذكر أن أسعار الدخان في سورية، سجلت ارتفاعات كبيرة خلال العام الجاري، وتختلف حسب نوعها، حيث يتراوح سعر علبة دخان “الحمراء” بين 7000-10000ليرة، وسعر “مالبورو” بين 30 – 40 ألف، وسعر علبة دخان “وينستون أحمر”، 34 ألف، ووصل سعر علبة “سيديرس” إلى ألف ليرة، ودخان “إليكنس” 14 ألف ليرة، أما الدخان العربي، فتتفاوت أسعاره حسب النوع والجودة، لتبدأ من 100 ألف ليرة للكيلو وتصل إلى 150 ألف ليرة.

وكانت افتتحت في شهر حزيران، العام الفائت 2022، في مشفى المواساة الجامعي بدمشق أول عيادة تخصصية في سورية تستقبل الراغبين بالإقلاع عن التدخين من مختلف الأعمار.

كما أطلقت سورية منذ عام 1996 برنامج مكافحة التدخين، إلى جانب عدد من القوانين والمراسيم التشريعية، آخرها المرسوم التشريعي 62 لعام 2009، الذي نص على منع التدخين وبيع منتجات التبغ وتقديمها في الأماكن العامة.

كليك نيوز

المقالات المنشورة لا تعبّر بالضرورة عن رأي الموقع

الوسوم