وصلت حتى 2 مليار ليرة.. جنون الأسعار يطال السيارات والإصلاح “حدث بلا حرج”
وصلت حتى 2 مليار ليرة.. جنون الأسعار يطال السيارات والإصلاح “حدث بلا حرج”
بعد الارتفاع الكبير في أسعار السيارات خلال السنوات الأخيرة، والذي تجاوز آلاف الأضعاف، بات اقتناء سيارة في سورية ترف قاسي لا يمكن الوصول إليه، حيث يبدأ سعر أرخص سيارة موديل 83، بمبلغ 30 مليون ليرة، وينتهي بـ 2 مليار ليرة، إذا كانت من الطراز الحديث.
وعند سؤال تجار السيارات، عن سبب جنون الأسعار، يعيدون الأمر لقرار إيقاف الاستيراد، لكن في المقابل يتحدث الكثيرون عن سيارات موديل “السنة الماضية” تجوب في الشوارع، متسائلين عن كيفية دخولها البلاد؟!
وفي هذا السياق، كشف أحد تجار السيارات، عن وجود سوق حرة لبيع السيارات في لبنان يتم شراؤها هناك ومن ثم جمركتها وإدخالها إلى البلد، لافتاً إلى أن هذا ما يفسر وجود سيارات جديدة في الشوارع رغم منع الاستيراد.
وأشار إلى انحسار سوق السيارات، مؤكداً أن تاجر السيارة بات سمساراً لا أكثر ولا أقل.
وحول أحوال السوق، أكد مدير جمعية صيانة السيارات “يوسف الجزائري”، لصحيفة “تشرين” الرسمية، أن سوق بيع السيارات انتهى، وشبه متوقف منذ عامين، فلا يوجد بيع ولا شراء ونسبة البيع لا تتجاوز 5%.
اقرأ أيضاً: بعضها وصل إلى 800 مليون!.. أسعار السيارات تتضاعف بنسب تزيد عن 1000% منذ عام 2011
وأشار “الجزائري” إلى أن ذلك يعود لعدم وجود قوة شرائية، مضيفاً، من يقوم بالشراء هو من يحصل على ورثة أو لديه مبلغ من المال ويريد أن يجمده، مشيراً إلى أن أغلب السيارات التي يتم شراؤها اليوم سيارات قديمة للغاية.
وكشف أن سعر السيارة يحدده ارتفاع سعر الصرف، مضيفاً، أسعار السيارات “شي للجنان”، فالسيارة التي عمرها 40 عاماً يتجاوز سعرها 30 مليوناً، متسائلاً كيف سيتمكن الموظف من شراء سيارة في ظل هذا الغلاء الفاحش.. يتابع بسخرية، ربما يستطيع أولاد أولاده ذلك!.
لم يقف الأمر حدّ تحول شراء السيارة لحلم، بل بات أصحاب السيارات أنفسهم يعتبرونها هما إضافياً فوق همومهم اليومية، بعد أن باتت الأمور التي تتعلق بالسيارة تكلف بالملايين، ما بين البنزين، وأسعار قطع التبديل، ومبالغ استئجار المصفّات، وغيرها.
وقال سائق سيارة عمومي، إن إصلاح السيارات معاناة مستمرة يواجهها مالكوها، مضيفاً، أصغر عملية إصلاح في السيارة باتت تكلف بين 25 و45 ألف ليرة حسب نوع السيارة، على حين تكلفة عملية تبديل “البواجي” تبدأ من 75 ألفاً إلى 85 ألفاً دون حساب أجرة التركيب.
كما أن أي “نعرة” صغيرة تتعرض لها السيارة فإن مبلغ الإصلاح يبدأ من 400 إلى 800 ألف ليرة، إضافة إلى أن بخ السيارة ويبدأ من 100 وقد يصل إلى 500 ألف ليرة، أما إصلاح المحرك أو تبديله فيحتاج إلى ملايين.
فيما أشار صاحب سيارة خصوصي لصحيفة “الوطن” المحلية، إلى أن أصغر عطل بالدوزان يبدأ من 50 ألف ليرة، والحدادة أصغر عطل فيها يبدأ من 150 ألف ليرة، أما السيارة التي تحتاج إلى إصلاح كامل بالحدادة فالأمر يتطلب 3 ملايين وما فوق.
ولفت إلى أن أصغر عطل كهرباء اليوم تكلفته 75 ألف ليرة، أما تكلفة الأعطال الكبيرة فبالملايين حسب كل سيارة، موضحاً أن تكلفة إصلاح كل عطل مرتبط بأسعار القطع، فأجور التركيب أو الإصلاح لا ضوابط عليها وهي تفوق نصف ثمن كل قطعة يتم إصلاحها أو تبديلها.
وحول مخصصات كل سيارة من المحروقات، بيّن أصحاب السيارات، أن مخصصات السيارة الخاصة 100 ليتر مدعوم شهرياً، وفعلياً يصل منها 50 ليتراً فقط أي بمعدل رسالتين فقط، على حين مخصصات السيارة العامة 350 ليتر بنزين مدعوم، يصل منها 4 رسائل فقط أي 100 ليتر بنزين مدعوم.
وأشاروا إلى أن كل 4 عمليات تعبئة بنزين تحتاج إلى تبديل زيت للسيارة بحسب نوعها والمسافات التي تقطعها، ووسطياً ثمن بيدون الزيت المختوم 115 ألف ليرة، كما أن كل عملية غيار زيت للسيارة تتطلب تبديل “البواجي والمصفاية”.
وحول ارتفاع أجور تصليح السيارات وعدم ضبطها، أكد “جزائرلي”، أن ذلك يعود لتغير الأسعار بشكل عام، مضيفاً، سابقاً كانت تكلفة تنزيل المحرك 5 آلاف ليرة، أما اليوم فتكلفة أرخص عملية تنزيل محرك 4 ملايين ليرة.
وأوضح، أنه ضمن مجمع حوش بلاس في ريف دمشق يوجد نشرة أسعار موحدة لأجور الإصلاح والجميع ملتزم بها، وكل ما هو مخالف لهذه النشرة يكون غير مسجل في الجمعية.
وأكد “جزائرلي”، أن المهنة تواجه صعوبات كبيرة خاصة بالنسبة للضرائب المفروضة على الحرفيين، وصعوبة تأمين الكهرباء، بالإضافة إلى إيجارات المحال المرتفعة جداً، وهذا كله ينعكس على أجور الإصلاح والحرفي لن يخسر فيها بل يأخذ فرق الأسعار من أصحاب هذه السيارات.
وطالب “جزائرلي”، بتخفيف الأعباء الضريبية عن الحرفيين العاملين في مجال إصلاح السيارات، خاصة المسجلين في الجمعية، كما طالب بوجود ضوابط أكثر بالمعتدين على المهنة ومخالفة كل من يعمل بها من دون وجود شهادة خبرة من الجمعية الحرفية.
واللافت أمام هذا الواقع، أن أسعار السيارات تواصل ارتفاعها الجنوني في الأسواق، على الرغم من كثرة العرض وقلّة الطلب، بشكلٍ لا يتناسب بالمطلق مع القدرة الشرائية للسوريين، حتى أصبح امتلاك سيارة، حتى وإن كانت مستعملة ضرباً من المستحيل، وباتت سورية من أغلى أسواق السيارات في المنطقة.
يذكر أن سورية أوقفت استيراد السيارات منذ 2011، حيث اعتبرتها وزارة الاقتصاد من السلع الكمالية.
وقرر مجلس الوزراء، العام الفائت، 2022، إعادة السماح باستيراد مكونات السيارات وفق نظام CKD لشركات تجميع السـيارات، بعد أن أوقفت استيراد جميع المكونات منذ تشرين الثاني عام 2019.
المقالات المنشورة لا تعبّر بالضرورة عن رأي الموقع