من يجلب “إسرائيل” إلى المحكمة الجنائية؟
من يجلب “إسرائيل” إلى المحكمة الجنائية؟
مع دخول العدوان الإسرائيلي الوحشي على قطاع غزة شهره الثاني تتصاعد عبارات الإدانة الدولية والعربية لحرب الإبادة وجرائم الحرب التي ترتكبها سلطات الاحتلال الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني بأطفاله ونسائه ومرضاه، وتتزايد الدعوات لمحاكمة مجرمي الحرب الإسرائيليين أمام محكمة الجنايات الدولية.
لكن من يمتلك القدرة على محاكمة سلطات الاحتلال ومسؤوليها الذين يرتكبون حرب إبادة واضحة ومعلنة ضد الشعب الفلسطيني منذ عام 1948 وحتى اليوم؟
من هي الجهة القادرة اليوم على جّر المسؤولين السياسيين والعسكريين في “إسرائيل” إلى محكمة الجنايات الدولية بعد أن طافت دماء أكثر من 5 آلاف طفل فلسطيني وتناثرت أشلاؤهم على جميع وسائل الإعلام العربية والعالمية وعلى وسائل التواصل الاجتماعي؟!
بالأمس تجاوز عدد الشهداء الفلسطينيين جراء العدوان الإسرائيلي المتواصل الذي يستخدم فيه جيش الاحتلال الأسلحة المحرمة دولياً والتي تعادل في قوتها عدة قنابل نووية، 12000 شهيد بينهم ما يزيد عن 5 آلاف طفل وآلاف النساء، وتم تدمير 60% من البنية التحتية في القطاع، وتم تدمير عدة مشافي ومراكز طبية وإخراجها من الخدمة في الوقت الذي يقف العالم عاجزاً عن إيقاف شلال الدماء بسبب الموقف الأمريكي الذي يمنع أي محاولة من قبل مجلس الأمن الدولي لوقف الحرب من جهة وإدانة جرائم الحرب التي ترتكبها سلطات الاحتلال من جهة ثانية.
الأمم المتحدة التي ينبغي أن يكون لها دور في وقف الحرب ومحاسبة النظام العنصري في تل أبيب على جرائمه، تكتفي بالتنديد وتنكيس الأعلام على مقتل أكثر من 100 موظف من كوادر الأونروا بنيران الاحتلال الإسرائيلي في القطاع.
القمة العربية – الإسلامية الاستثنائية التي اجتمعت في الرياض بعد شهر ونيف من بدء حرب الإبادة الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، اكتفت بكل أسف بتوصيف الجريمة الإسرائيلية وتوجيه مطالبات لمجلس الأمن والمجتمع الدولي للقيام بمسؤولياته بوقف الحرب، وتشكيل لجان إعلامية لتوثيق جرائم الحرب الإسرائيلية!!
اقرأ أيضاً: واشنطن تحرك الإرهاب للتخفيف عن “إسرائيل”
بالمقابل كان هناك تحرك شعبي ونقابي واسع على مستوى العالم رفضاً لحرب الإبادة التي تمارسها سلطات الاحتلال الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني، وإطلاق مبادرات لمحاكمة “إسرائيل” على الجرائم التي ارتكبتها قواتها في قطاع غزة بحق الأطفال واستهداف المشافي والكوادر الطبية وتدميرها، وتم إطلاق حملة بمشاركة 300 محامي عبر العالم لتقديم شكاوى أمام المحاكم الوطنية والدولية ضد “إسرائيل” وتوعدوا مسؤولي الاحتلال بمصير أسود.
لا شك أن جلب مسؤولي الاحتلال إلى المحاكمات الدولية هي مسؤولية أممية من جهة وإنسانية من جهة ثانية، وعلى جميع الدول التي تؤمن بالقانون الدولي وحقوق الإنسان أن تدعم وتشارك في التحرك نحو محاسبة مسؤولي الكيان ًالغاصب المنفلت من كل القيم والأعراف على جرائمه بحق الأطفال والمرضى الفلسطينيين.
لكن وبسبب التوازنات الدولية، يبدو أنه لن يكون ممكناً اليوم، خصوصاً بسبب الفيتو الأمريكي الشريك في القتل، سحب المسؤولين الإسرائيليين إلى محكمة الجنايات الدولية، غير أن دول العالم تستطيع أن تحاكم سلطات الاحتلال الإسرائيلي بطريقة مختلفة، وقد تكون أكثر جدوى وأكثر تأثيراً عبر فرض المقاطعة الدبلوماسية والاقتصادية وقطع العلاقات مع نظام الإبادة في تل أبيب، وعندها تكون العدالة الدولية قد أخذت مجراها الطبيعي عقاباً لسلطات الاحتلال واحتراماً لدماء أطفال غزة ونسائها.
إن هذه المحاكمة، إن حدثت بهذه الطريقة، ستكون أشد إيلاماً لسلطات الاحتلال، وينبغي أن تبدأ من الدول العربية والإسلامية التي تقيم علاقات مع كيان الاحتلال الإسرائيلي، لا أن ننتظر دول في أمريكا اللاتينية التي كانت المثل والنموذج الحي في الدفاع عن الإنسانية المذبوحة في غزة عبر قطع العلاقات الدبلوماسية مع الكيان الإجرامي المحتل.
وبهذه “المحاكمة” فقط يمكن لدول العالم المدافعة عن حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي إلزام كيان الاحتلال وقف جرائم الحرب بحق الفلسطينيين وإنهاء الحصار الخانق المفروض على الشعب الفلسطيني وإعادة حقوقه المسلوبة.
عبد الرحيم أحمد – كليك نيوز
المقالات المنشورة لا تعبّر بالضرورة عن رأي الموقع