مقالات

دمشق – طهران .. الريادة

دمشق – طهران .. الريادة

 

تحت عناوين متعددة وضع الإعلام والصحافة زيارة السيد الرئيس بشار الأسد إلى طهران “٨ أيار الجاري” وإذا كانت كل العناوين الصديقة قد رحبت بالزيارة، وراحت تبحث بالأفق الاستراتيجي الجديد الذي رسمته لقاءات الرئيس الأسد مع قائد الثورة الإسلامية في إيران السيد علي الخامنئي، والرئيس إبراهيم رئيسي، فإن الملفت أن الإعلام الآخر ذهب لاعتماد “مفاجئة” صفة ملازمة للزيارة، ذلك في كل عناوينه التي راحت تعكس مقادير واضحة من الألم والقلق.

لماذا هي مفاجئة؟ أين عنصر المفاجأة؟ من هم الذين شعروا بالمفاجأة؟ وكم هم واهمون حالمون لطالما كانت الزيارة مفاجئة لهم، بل كم هي تقديراتهم خاطئة، وكم هي كبيرة مقادير الجهل لديهم في فهم العلاقة السورية – الإيرانية، ولهذه العلاقة في مبناها ومعناها؟.

في الشكل، في المضمون، وفي التوقيت، لا شك أنها الزيارة الهامة، بل بالتأكيد ربما هي الزيارة الأهم التي تؤكد المؤكد من أن الخط الذي اختطه البلدان لا يستمر فقط، لا يرسخ فحسب، بل يراكم نجاحات تنقل البلدين إلى الريادة في رسم آفاق استراتيجية تخص المنطقة وليس سورية وإيران فقط. وفي خلق واقع إقليمي مؤثر يسهم بجعل التحولات العالمية الجارية تحمل معنى آخر يزيد من قلق القوى المعادية التي تبحث عن الهيمنة وتمكين احتلالها والإرهاب الذي صنعته وسخرته لخدمة مصالحها ومخططاتها.

لأن هذه القوى اشتغلت طويلاً على محاولة تفكيك العلاقة السورية – الإيرانية التي أنتجت عوامل قوة غير مسبوقة أجهضت مشاريع كبرى تستهدف المنطقة، كانت الزيارة مفاجئة لها، إذ اعتقدت أن ما أخفقت فيه سابقاً، ينجح اليوم تحت تأثير الاستهداف بالعقوبات والخنق الاقتصادي، ومع ما تتوهم من أثر تتركه حركة التطبيع مع الكيان الإسرائيلي.

وإذا فإن عنصر المفاجأة لكل من تفاجأ بالزيارة مبني على اعتقاد أن الإرهاب الاقتصادي الذي يمارس ضد سورية وإيران وبقية مكونات محور المقاومة لا بد أن يؤثر في العلاقة الثنائية، وبالتالي أن يؤثر سلباً لجهة تفكيك الروابط التي تشد كل قوى المقاومة إلى بعضها لطالما كانت العلاقة السورية – الإيرانية اسها وأساسها.

“زيارة الرئيس الأسد إلى طهران تظهر أن الحلف مع إيران سوف يبقى، وحتى يزداد قوة”.. هذا ما أجمع عليه الإعلام الإسرائيلي، وهو ما شكل قاسما مشتركا في تحليل وقراءة الزيارة، ما يعني أن ثمة حسابات ورهانات لدى العدو وداعميه في الغرب وأميركا كانت تشكلت وهي تأخذ اتجاها آخر، وتنتظر نتاجاً مختلفاً يبدد قلقهم وينقل مخططاتهم خطوة إلى الأمام!.

هو الوهم، هي الحسابات الخاطئة مجدداً التي ستجعل العدو يغرق أكثر وأكثر، ويكفيه أن يتحسس موقعه اليوم قبل أن يفكر بمواصلة اعتداءاته وتطوير مخططاته، ذلك مع تكسر أدواته وأذرعه، ومع اندحار تنظيماته الإرهابية، ومع التحولات العالمية الجارية باتجاهات أخرى ترسمها الحرب في أوكرانيا، وتتعمق معها أبعاد لا تخفى يفرضها المقاومون في الساحة الفلسطينية.

الملفات الحية أبدا، القضايا الحيوية التي تناولتها مباحثات الرئيس الأسد في طهران، نعم تتصل بالساحة الفلسطينية من كون قضيتها العادلة أس يمنحها المركزية، وتتركز على منع الولايات المتحدة من إعادة تدوير حثالاتها، وتتعلق بالتحولات الدولية الجارية، لكنها تنطلق إلى بناء أفق رحب الطريق فيه وإليه هو في اتجاه واحد، إذ لا تراجع إلى الخلف، بل تقدم مستمر يحاكي استحقاقات المرحلة الجديدة ويلبي متطلباتها.

ما بناه البلدان، سورية وإيران منذ انتصار الثورة الإسلامية في إيران، شاهق وعظيم، ما أسساه راسخ وقيم، وما أنجزاه كبير ومؤثر، سيستكمل قولا واحدا، وإن الريادة في الدور والفعل لهما ليس شعارا يرفع، بل هو مسار تاريخي كل الأحداث والتطورات أثبتت صوابيته وأهمية استمراره، سيستمر، سيتعمق، وسيشكل رافعة نهوض إقليمية – دولية.

الثورة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى