مناورات عائلية يومية.. منازعات لكسب الود أم لإثبات الوجود؟
“بين الطنة والرنة ضاعت بين الحماية والكنة”، “أنكوي بالنار ولا أقعد مع حماتي في الدار”، كثرت الأقاويل والأمثال الشعبية التي لامست قضايا المجتمع وأعطتها وصفاً دقيقاً لم يستطع أحد حتى اليوم معرفة طرق علاجه، فمنذ القدم والحرب مستعرة بين الحماه والكنة، “وهذا ليس بجديد”، فكلمة واحدة من إحداهن كفيلة لتحديد مصير بيت بأكمله، وحتى اللحظة لم يجد أي من العلماء تفسيراً منطقياً لما يحدث من توترات ضمن في هذه العلاقة، التي وصلت حد الخراب وحرمان الطرفين من لذة الاستقرار ونعيم الحياة الزوجية الهادئة.
المتهم الأول
قد تكون الحماة (أم الزوجة) هي السبب بنظر الكثير، ممن رأوا في غالبية المشاكل الأسرية تأثيراً كبيراّ لها، لا سيما وهي المحرك الأول للزوجة والمتبني الأكبر لأفكارها، ما يخلق نوعاً من القلق وزعزعة للثقة بين المرأة والرجل، إلا أن ما لم يكن بالحسبان إغراق الزوجين بمشاكل يصعب الخلاص منها، أو تنتهي بالطلاق.
إلا أنه لمجرد إطلاق مصطلح “الحماة” ستتكون بداخل الطرف الآخر مفاهيم مغلوطة، لارتباطها عبر الزمن بصفات وسلوكيات غير محببة للجميع، ولا زالت حتى يومنا هذا أسيرة سوء الفهم في المجتمعات كافة، فمهما بادرت الحماة وقدمت من جميل، تظل في نظر الجميع وبالأخص زوجة الابن الإنسانة المتسلطة صاحبة المشاكل، إلا أنها في نظر البعص نعمة في حياة الكنة، ما يفرض عليها إدراك كيفية التعامل معها بأسلوب ذكي لكسب حبها واحترامها برأي “هنادي حمدوش”.
دلالات خاطئة
“انتِ متل بنتي” عبارة تحمل في طياتها صفات الحماة القوية متسلطة الشخصية، والتي ستكون سبباً لخلق مشاكل لدى الكنة، هذا ما عبرت عنه المعلمة “ريهام شهلا” من وادي الدهب، في حين رأت “غفران السعيد” أنه في كثير من الأحيان تكون الكنة هي الظالمة وليس الحماة، واصفة واقع الحال بقولها: “تأتي الكنة لأجواء عائلية جديدة، رغبة منها بإظهار نفسها على أنها سيدة المنزل، ضاربة بعرض الحائط العادات والتقاليد المتعارف عليها ضمن العائلة، ما ينعكس سلباً على احترام الوالدين بكل شيء”.
حب التملك
أكثر ما يثير حساسية كل طرفي المشكلة، رغبة كل منهما في الاستيلاء على الابن والانفراد باهتمامه، ما يسوق لخلافات كبيرة، وهنا لا بد للرجل العاقل أن يتحمل المسؤولية لفض الخلافات وتقريب المسافة بينهما، حتى لا تشعر الأم بالغيرة ولا الزوجة بالإهمال.
في حين تبرز في هذه اللحظة حنكة وفطنة الزوجة في فض الخلاف من خلال أسلوبها، هذا ما أكدته “إنصاف المرعي” من خلال تجربتها قائلة، “هدوئي وحسن معاملتي واحترامي لحماتي وصبري على تصرفاتها، كانت الحل الأمثل في تغيير معاملتها معي، والآن أصبحنا كالأم وابنتها تماما”.
حلول نهائية
إلا أنه أمام ما يواجهه الكثير من الأبناء في إيجاد حلول وسطية لهذه المشاكل، قد يعجز الابن وزوجته عن معاملة الحماة ومحاولة ارضائها، ليبقى الحل الأمثل بنظرهم البعد عنها، لتخفيف المشاكل، لنجد أن ما يصل إليه في النهاية هو القطيعة النهائية.
وبالتالي حرمان الأطفال من جدتهم وبالعكس، والذي ينافي مبادئ الحياة الطبيعية من الناحية الدينية التي تنادي بصلة الرحم، وبالتالي فإن السكن بالقرب من الأهل هو أحد أهم أسباب الخلافات بين الحماة والكنة، والتي عدها كثير من الأزواج سبيلاً لمتابعة أخبارهم ومراقبتهم والتدخل بهم أحياناً.
إلا أن توازن شخصية الحماة وخبرتها في الحياة وحبها المتوازن والعقلاني لابنها وعدم غيرتها غير المبررة، تجعل العلاقة متوازنة بينها وبين الكنة، حسب توصيف المرشدة الاجتماعية “سالي الأحمد”.
وبالمقابل على الكنة أن تكون ناضجة عقلياً وأكثر وعياً، في حين تشكل شخصية الابن الذي من الواجب عليه فرض الاحترام المتبادل على الطرفين، لبناء علاقة صحيحة منذ البداية، قائمة على احترام حاجات الطرفين وعدم تدخل أي منهما في أمور الأخرى.
ربى العلي – بارعة جمعة – كليك نيوز
اقرأ أيضًا: المرأة والتعليم.. خروج عن المألوف وكسر للعزلة