ما هو جدري القرود وما احتمال وصوله إلى سوريا؟
أثارت الأخبار المتداولة حول انتشار مرض جدري القرود في عدة دول حول العالم المخاوف والتساؤلات حول احتمالية تحول المرض إلى جائحة، ووصوله إلى سوريا.
وأوضح الأستاذ الدكتور نبوغ العوا اختصاصي الأنف والحنجرة، في حديث لتلفزيون الخبر، أن “سوريا لم تشهد انتشاراً لهذا المرض سابقاً أو حالياً، ولكنها ليست بمنأى عن ذلك.”
وأردف أنه “في حال وصوله إلى سوريا، سيتعذّر الكشف عنه لعدم وجود التقنية المخبرية لذلك، وإنما يمكن التعامل معه فقط من خلال الأعراض السريرية”.
وبيّن “العوا” أن “المرض لا علاج له حتى الآن، خاصة وأنه كان من المفاجئ عودة انتشاره خارج أفريقيا”.
وأضاف أنه “ليس هناك لقاح محدد لجدري القرود لكن المعلومات توضح أن اللقاحات التي تستخدم للوقاية من الجدري فعّالة بنسبة عالية ضد جدري القرود خاصة إذا لم يمض وقت طويل على أخذها”.
وأشار إلى أن “مضي وقت طويل على توقف تصنيع هذه اللقاحات بسبب القضاء على الجدري، ربما ساهم في عودة انتشار مرض جدري القرود في دول عدة، وقد يكون متطور وبطفرات جديدة”.
ولفت “العوا” إلى أنه “هناك سلالتان للفيروس، الأولى سلالة الكونغو ونسبة الوفيات فيها 10%، والثانية سلاسة غرب أفريقيا، وهي أقل خطورة بنسبة وفيات لا تتجاوز 1%”.
وحول التشخيص، أفاد “العوا” أن “تضخّم العقد اللمفاوية خلال مرحلة ظهور بوادر المرض تعتبر سمة سريرية رئيسية لتمييز المرض عن الجدري وآفات أخرى مسببة للطفح.
ولا يمكن تشخيص جدري القردة بشكل نهائي إلاّ في المختبر حيث يمكن تشخيص عدوى الفيروس بواسطة عدد من الاختبارات المختلفة”.
وتأتي أعراض المرض وفقاً لـ “العوا”، على شكل “حرارة عالية وصداع وآلام في العضلات والمفاصل، بالإضافة لتورم بالغدد اللمفاوية في منطقة الرقبة وتحت الإبط بشكل واضح، مع ظهور الطفح الجلدي على الجسم بالكامل بما فيه راحة اليد”.
ووفقاً لمنظمة الصحة العالمية، فإنه عادةً ما يكون جدري القردة مرض محدود ذاتياً وتدوم أعراضه لفترة تتراوح بين 14 و21 يوماً، ويُصاب الأطفال بحالاته الشديدة على نحو أكثر شيوعاً بحسب مدى التعرض لفيروسه والوضع الصحي للمريض وشدة المضاعفات الناجمة عنه.
وتتراوح فترة حضانة جدري القردة (وهي الفترة الفاصلة بين مرحلة الإصابة بعدواه ومرحلة ظهور أعراضها) بين 6 أيام و16 يوماً، بيد أنها يمكن أن تتراوح بين 5 أيام و21 يوماً.
ويمكن تقسيم مرحلة العدوى إلى فترتين، الأولى هي فترة “الغزو” وتبدأ من صفر يوم وحتى 5 أيام، والثانية هي فترة ظهور الطفح الجلدي، وذلك في غضون مدة تتراوح بين يوم واحد و3 أيام عقب الإصابة بالحمى خلال الفترة الأولى، وفقاً لمنظمة الصحة العالمية.
ويتطوّر الطفح في حوالي 10 أيام من حطاطات بقعية (آفات ذات قواعد مسطّحة) إلى حويصلات (نفاطات صغيرة مملوءة بسائل) وبثرات تليها جلبات قد يلزمها ثلاثة أسابيع لكي تختفي تماماً.
وقال الدكتور نبوغ العوا لتلفزيون الخبر، إن “الفيروس ينتقل إلى الإنسان بسبب مخالطة سوائل الحيوانات المصابة، أو عن طريق القوارض من خلال لسعة البعوض أو الذباب للإنسان بعد أن حملت دم من حيوان مصاب”.
وتابع “العوا”: “تنتقل العدوى إلى الإنسان أيضاً عن طريق ملامسة سطح فيه مفرزات حيوان مصاب، ومن ثم ملامسة مجاري التنفس أو اللعاب، وقد تنتقل عن طريق تناول لحوم نيئة لحيوانات مصابة”.
ونوّه إلى “ضرورة اتخاذ الإجرءات الوقائية الاعتيادية كالابتعاد عن ملامسة الحيوانات المشتبه بإصاباتها بأي آفة، والتحقق من إعطاء كافة اللقاحات للحيوانات المنزلية، ويفترض على الأشخاص المشتبه بإصابتهم بأي أعراض مشابهة، الابتعاد عن مخالطة الآخرين ومشاركتهم الأغراض الشخصية”.
وعقدت منظمة الصحة العالمية اجتماعاً طارئاً، الجمعة، لبحث التفشّي الجديد لمرض جدري القرود، بعد تأكيد أو الاشتباه بأكثر من 100 إصابة في عدة دول أوروبية.
ومن المقرر أن تجتمع المجموعة الاستشارية الفنية المعنية بمخاطر العدوى التي يمكن أن تتحول إلى أوبئة.
وتقدم المجموعة المشورة لمنظمة الصحة العالمية حول مخاطر العدوى التي يمكن أن تشكل تهديداً للصحة العالمية.
ووصف معهد روبرت كوخ للأمراض المعدية تفشّي جدري القرود بأنه جائحة.
وتوقع مع ذلك أنه “من غير المرجح بدرجة كبيرة أن تستمر هذه الجائحة طويلاً، إذ يمكن عزل الإصابات بشكل جيد عبر تعقب المخالطين، وهناك أيضا عقاقير ولقاحات فعالة يمكن استخدامها عند الضرورة”.
وظهر الفيروس لأول مرّة بين البشر في عام 1970 بجمهورية الكونغو الديمقراطية، لدى صبي عمره 9 سنوات كان يعيش في منطقة استُؤصِل منها الجدري في عام 1968.
وتأكدت حتى الآن إصابات في خمس دول على الأقل هي بريطانيا وإسبانيا والبرتغال وألمانيا وإيطاليا فضلاً عن الولايات المتحدة وكندا وأستراليا.