فاتورته تقصم الظهر.. الزواج في سورية “لمن استطاع إليه سبيلا”
يوما بعد يوم تزداد أحلام الشباب في سورية بالزواج تبدداً وتلاشياً، في ظل الظروف الاقتصادية وحالة التضخم التي تمر بها البلاد، حيث شكَّل ارتفاع أسعار الذهب ضربة لآمال الشباب في الاستقرار، بعد أن تجاوز سعر الغرام 410 آلاف ليرة سورية.
وبات أكبر تحديات الزواج أمام الشباب، الوضع الاقتصادي المتردي، فالرواتب متدنية ولا تكفي الفرد كمصروف شخصي، ومن المستحيل أن يستطيع الموظف تكوين عائلة أو تجهيز منزل حتى بالآجار.
ويقول أحد الشباب، إن الزواج أصبح كالحج فقط لمن استطاع إليه سبيلاً، مشيراً إلى أنه ليس لديه القدرة حتى على مجرد التفكير بالزواج في ظل الظروف الصعبة التي يعيشها، ففكرة الزواج بالنسبة له باتت مستحيلة في ظل التضخّم الحاصل، لأن خاتم الخطبة لوحده يحتاج راتب أربعة أشهر “بشرط أن تعيش بلا أكل وشرب”.
اقرأ أيضاً: “تراجعت حتى النصف”.. الأوضاع الاقتصادية ترخي بظلالها على نسبة الولادات في سورية
وقال آخر، بات الحديث عن الزواج في سورية رفاهية، متسائلاً، كيف لي أن أتزوج وراتبي لم يتجاوز 100 ألف ليرة، وغرام الذهب تجاوز 400 ألف ليرة.
مضيفاً، الحل الوحيد هو السفر، فسعر أي منزل في منطقة المخالفات يتجاوز 50 مليون ليرة وفرش المنزل يكلف أكثر من 20 مليون ليرة، في حال اشتريت أقل الأنواع جودة من الكهربائيات والمفروشات، فيما يتجاوز إيجار الغرفة الواحدة في أسوأ مناطق العاصمة دمشق 200 ألف ليرة.
وتحدثت إحدى الفتيات، أنها مخطوبة منذ عام، مشيرة إلى أن خطيبها اشترى خاتم فضة واشترى لها خاتم ذهب فقط كصيغة أثناء خطبتها.
لافتة إلى أن زواجهم في هذا الواقع الذي نعيشه بات على المحك، حيث كثرت الخلافات بينهم، بسبب صعوبة تأمين أدنى متطلبات الزواج.
مؤكدة أنه وعلى الرغم من رضا الفتيات هذه الأيام بأدنى المتطلبات، غير أن حتى هذا “الحد الأدنى” بات صعباً، مؤكدة أن أحلامها “بالفستان الأبيض” بدأت تندثر بعد أن بات استئجار الفستان يقارب نصف مليون ليرة.
اقرأ أيضاً: الزواج بحمص نجاة من العنوسة أم مصيدة للفقر والحاجة
يذكر أنه بلغ سعر غرام الذهب عيار 21 قيراط 411 ألف ليرة للمبيع، و410 ألف ليرة للشراء، كما بلغ سعر غرام الذهب عيار 18 قيراط إلى 352286 ليرة للمبيع، و351286 للشراء، فيما وصل سعر الأونصة الذهبية السورية إلى 15 مليون و360 ألف ليرة، وسعر الليرة الذهبية عيار 21 بلغ 3 مليون و516 ألف ليرة، وسعر الليرة الذهبية الرشادية بلغ 3 ملايين و100 ألف ليرة سورية.
وكان الدكتور في كلية الاقتصاد بجامعة دمشق، محمد كوسا، بيّن أن الشباب لو تغاضى عن مظاهر العرس والفرح وتبعاتها، فهناك أمور المنزل ومحتوياته المادية، ولو أن تأمينها سيكون في الحدود الدنيا فإن أسعارها كاوية وحتى لو ارتفعت الأجور والرواتب أضعافاً فلن تتأمن بسهولة ويلزمها الاقتراض.
واقترح “كوسا”، منح القرض مشروطاً بالزواج لأول مرة من وزارة الشؤون الذي يغطي الحدود الدنيا من احتياجات الزواج ومن دون فوائد، إضافة لمساهمة الجمعيات الخيرية بمساعدة العرسان الجدد وفق شروط.
كما اقترح بناء برنامج لتمكين الشباب من الزواج، بالتعاون مع عدة جهات وصناديق يتم تمكين الشباب من الجنسين بتأمين فرص عمل سريعة، أو فتح مجالات أوسع لأعمالهم القائمة.
وأمام هذا الواقع المرير أصبح الزواج من الخطوات التي يصعب الإقدام عليها لدى غالبية السوريين، بل وحتى من سابع المستحيلات لدى السواد الأعظم من الشباب السوري، حيث صادرت الحرب في سورية أحلام الشباب ومنعتهم من تحقيق “أدنى شروط الحياة التي تليق بأي كائن بشري”.
المقالات المنشورة لا تعبّر بالضرورة عن رأي الموقع