مقالات

سورية تحطّم قيود الحرب والحصار  

سورية تحطّم قيود الحرب والحصار  

 

تتسارع الخطوات السورية لتحطيم جدران العزلة والحصار التي فرضتها سنوات الحرب الإرهابية التي تعرضت لها البلاد على مدى عقد ونيف، وما كان يعتبر (أحلاماً) من وجهة نظر العديد من المحللين السياسيين. أصبح واقعاً تتناقله كبريات وسائل الإعلام العربية والعالمية بدهشة واستغراب.

لم يكن صمود السوريين وتضحياتهم بلا ثمن، فالحرب لم توفر شيئاً إلاّ واستهدفته، ولم تدخر أسلوباً في القتل إلاّ وجربته، لكن ثبات السوريين في ميدان المواجهة جعل من كان يَعدُّ الأيام والأشهر للإطاحة بالحكومة السورية وتنصيب دمية أخوانيه مكانها، يعيد اليوم النظر في حساباته.

النظام التركي الذي تورط حتى أذنيه في معركة إسقاط الدولة السورية وقيادتها، يتوسط الروسي للمصالحة مع دمشق منذ بداية العالم الجاري.

صحيح أنه لايزال يشكل العقبة الأكبر أمام استعادة الحكومة السورية سيطرتها على كامل الجغرافيا السورية من خلال دعمه التنظيمات الإرهابية التي تسيطر على إدلب، لكنه بدأ يدرك أن الاستمرار في هذا المسار لن يكون في صالحه. لذلك بدأ يبحث عن المصالحة مع القيادة السورية التي أوغل في محاربتها وفي التشهير بها على مدى عقد ونيف.

لكن لسورية شروطها للمصالحة مع النظام التركي، أو لنقل مع الدولة التركية التي طعنت سورية في الظهر والخاصرة بعدما كانت العلاقات الثنائية في أحسن أحوالها.

وأعلن الرئيس بشار الأسد أنه لن يلتقي رئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان من دون تعهد تركي بالانسحاب من الأراضي السوري إلى ما كان عليه الوضع قبل عام 2011.

الأشقاء العرب بدؤوا مشوار العودة إلى دمشق من بوابة الإمارات وعُمان والأردن ومصر والعراق، وبدأت العواصم العربية والعالمية تفتح أبوابها لزيارات رسمية متتالية للرئيس الأسد بدأها إلى سلطنة عُمان في 20 شباط 2023 وتلتها زيارة رسمية إلى موسكو في 14 آذار، ثم زيارة رسمية إلى الإمارات العربية في 19 آذار.

لقد كان لكل من سلطنة عُمان والإمارات العربية والعراق والجزائر اليد الطولى في فتح الأبواب المغلقة أمام سورية وتدفق العرب إلى العاصمة دمشق.

وقد أكد الرئيس الأسد خلال زيارته إلى أبو ظبي أهمية دور الإمارات الإيجابي الذي يتفق مع رؤية سورية في تعزيز العلاقات الثنائية بين الدول العربية، فيما أكد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان أهمية عودة سورية لمحيطها العربي وبناء الجسور وتمتين العلاقات بين كل الدول العربية.

الانفتاح العربي الذي زاد زخمه بعد الزلزال المدمر الذي ضرب شمال غرب البلاد في السادس من شباط 2023. بدأ يتصاعد مع إعلان تونس رفع تمثيلها الدبلوماسي مع سورية إلى مستوى سفراء وزيارة وزيري خارجية مصر والأردن إلى دمشق للمرة الأولى بعد انقطاع أكثر من عشر سنوات، وزيارة الوفود البرلمانية العربية إلى دمشق.

هذا الانفتاح سوف تتسارع وتيرته بعيد المصالحة السعودية الإيرانية التي جاءت برعاية صينية.

الحديث اليوم عن اقتراب موعد عودة العلاقات السورية مع الرياض التي عدّلت من سياساتها خلال السنوات الأخيرة حيال الأزمة في سورية وبدأت تنأى بنفسها عن دعم معارضي الدولة السورية، لم يعد تكهنات وتحليلات.

والتسريبات أصبحت تصريحات آخرها ما نقله التلفزيون السعودي عن مصدر بوزارة الخارجية بوجود محادثات رسمية لإعادة تقديم الخدمات القنصلية في كل من الرياض ودمشق.

وبالرغم من عدم وجود مواعيد رسمية محددة لإعادة فتح السفارات في البلدين، غير أن الحديث يدور عن زيارة مرتقبة لوزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان إلى العاصمة السورية ربما في شهر نيسان القادم بالتوازي مع إعادة فتح السفارات.

تتحرك الأمارات وعُمان لإعادة ترتيب العلاقات العربية مع سورية، وهو ما تعوّل عليه دمشق إذ أعلنت أكثر من مرة أنها لم تكن في يومٍ من الأيام بعيدة عن محيطها العربي ولن تكون، لكنها تفضّل وفق تصريحات الرئيس الأسد بناء العلاقات الثنائية مع الدول العربية على عودتها إلى الجامعة العربية.

عربياً ودولياً بدأت سورية تحطّم جدران الحصار الأمريكي – الغربي، وبدأت تخرج من أغلال الحرب التي طوقتها وأغرقتها في مستنقع الدمار والويلات أكثر من عقد من الزمن، كل ذلك بفضل تضحيات السوريين وصمودهم، والأيام القادمة ستكون مليئة بالمفاجئات الإيجابية.

عبد الرحيم أحمد – كليك نيوز

اقرأ أيضاً: سورية وتركيا.. طريق طويل وشاق

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى