راتب الموظف السوري يكفيه مصروف يوم واحد.. خبير اقتصادي يحذٌر من زيادة في مستويات الفقر والجريمة
راتب الموظف السوري يكفيه مصروف يوم واحد.. خبير اقتصادي يحذٌر من زيادة في مستويات الفقر والجريمة
بات الحديث عن الوضع المعيشي في سورية، أشبه “بحديث الطرشان”، فيوماً بعد يوم يزداد الوضع اختناقاً، وهو الأمر الذي تراه في وجوه الناس، الشاحبة المكفهرة، البائسة اليائسة، والتي لن تستطيع كل الكلمات أن تصف أحوالهم، فالجوع حاصرهم من كل الجهات، ولم يعد العمل الإضافي مجدياً أما حجم التضخم الذي حصل ويزيد كلّ ساعة، وذلك كلّه يحدث أمام مرأى “الجهات الحكومية”، المعنية “بقوت الناس”، والتي لا تقدّم شيئاً “سوى الاستعراض لبطولاتها وإنجازاتها أمام كاميرات الإعلام كما فعلت الأحد أمام مجلس الشعب”، “دون أن نعلم عن أية إنجازات تتكلم.
وفي هذا السياق، أكد الدكتور في كلية الاقتصاد “حسن حزوري”، أن الراتب الذي تدفعه المؤسسات الحكومية لا يكفي أياماً معدودة، بل أصبح لا يكفي مصروف يوم واحد فقط، وأحياناً لا يكفي الراتب نفقات نقل وانتقال من مكان السكن إلى مكان العمل.
وأضاف “حزوري” لصحيفة “الوطن” المحلية هذا الأمر يجعل الموظف يفضل الحصول على إجازة بدل الالتحاق بالعمل، ولذلك نشهد آلاف طلبات الاستقالة من العمل الوظيفي من أجل البحث عن عمل آخر لدى القطاع الخاص، أو من أجل الهجرة خارج الوطن.
اقرأ أيضاً: السكر بـ 8500.. سعر المركزي يرفع أسعار المواد بنسبة تصل حتى 10%
وأضاف “حزوري” إن استمرار الوضع على ما هو عليه الآن، من دون أي تحسن بمستوى الرواتب والأجور يعني مزيداً من تدهور مؤسسات القطاع العام والمزيد من خسارتها لكوادرها البشرية والفنية، والمزيد من ضعف الأداء الحكومي وترهله، وبالتالي إلى مزيد من خرق القانون وتجاوزه، والمزيد من الفقر الذي سيؤدي إلى زيادة انتشار الجريمة وتفاقمها والمزيد من الفساد والرشاوى العلنية بعد أن كانت سرية وغير معلنة.
وقال الأستاذ في كلية الاقتصاد لصحيفة “الوطن” أمام هذا الوضع، وبدل معالجة موضوع الرواتب والأجور وتحسين الوضع المعيشي، تلجأ الحكومة إلى التهديد والوعيد بالعقاب وإلى التشدد في قبول الاستقالات، وتصدر التعاميم المختلفة التي تمنع قبولها إلا على نطاق ضيق، وتطالب القضاء بتطبيق أحكام المادة 364 من قانون العقوبات، بالحبس من ثلاث سنوات إلى خمس سنوات، وبغرامة لا تقل عن الراتب الشهري مع التعويضات لمدة سنة كاملة، لكل من ترك عمله أو انقطع عنه، قبل صدور الصك القانوني بقبول استقالته.
وأكد “حزوري”، أن معظم المتسربين من العمل هم من المهنيين وأصحاب الخبرات الفنية، وقسم آخر من غير المثبتين، أو من يعملون بعقود مؤقتة، إذ يلجأ هؤلاء إلى تفضيل العمل لدى القطاع الخاص، لأن الأخير يدفع رواتب وأجوراً لا تقل عن خمسة أضعاف القطاع الحكومي في حده الأدنى.
واقترح “حزوري”، من أجل تحسين الرواتب والأجور وإيقاف نزيف العاملين في شركات القطاع العام لمصلحة القطاع الخاص، التمييز بين نوعين من مؤسسات القطاع الحكومي، الأول المؤسسات ذات الطابع الاقتصادي الإنتاجي، والثاني المؤسسات ذات الطابع الإداري والخدمي.
وأضاف، بالنسبة لمؤسسات القطاع الاقتصادي الإنتاجي، التي تنتج سلعاً ومنتجات، كالشركات الصناعية، فيجب أن تمنح المرونة الكافية كمرونة القطاع الخاص، وأن تحاسب إداراتها على النتائج من ربح أو خسارة، وأن تخفف عنها وصاية الجهات الرقابية المتعددة، وتمنح كل المرونة والحرية في اتخاذ القرارات المتعلقة بالخطط الإنتاجية والمبيعات وأيضاً بتحديد الرواتب والحوافز، وأن تحاسب على النتائج.
اقرأ أيضاً: قرارات المركزي تتسبب برفع سعر الدخان.. استهلاك باكيت أجنبي واحد يومياً يكلّف قرابة نصف مليون ليرة شهرياً
وتابع “حزوري” القول، لا يعقل أن يكون الراتب الشهري لمن يعمل في إحدى شركات الألبسة الجاهزة التابعة للمؤسسة العامة للصناعات النسيجية 100 ألف ل.س، وراتب قرينه في القطاع الخاص 400 ألف ليرة.
مضيفاً، لهذا نجد أن هذه الشركات تعاني ليس من نقص العمالة، بل من تناقصها وبشكل شهري، ما يؤدي إلى توقف خطوطها الإنتاجية بشكل كامل، وتتكبد مبالغ كبيرة من الخسائر نتيجة توقف الإنتاج، بسبب نقص العمالة، ولا تجد من حل سوى أن تقوم بتأجير آلاتها أو بعض خطوطها الإنتاجية للقطاع الخاص، عبر ما يسمى عقود استثمار، من أجل تخفيف الخسائر.
يذكر أن الفقرة 2، من المادة 40، من دستور الجمهورية العربية السورية تنص على أنه “لكل عامل أجر عادل حسب نوعية العمل ومردوده، على ألا يقل عن الحد الأدنى للأجور الذي يضمن متطلبات الحياة المعيشية وتغيُرها”.
وكانت آخر الدراسات المحلية، أفادت بأن نسبة خسارة الليرة السورية أمام الدوﻻر اﻷمريكي، بلغت 109.78%، منذ بداية العام 2023، محذرة من أن خسارة الليرة ستزداد أمام الدولار، مع مزيد من الانعكاسات السلبية على مجمل الواقع الاقتصادي في البلاد، وخاصة على المستوى المعيشي للغالبية المفقرة سلفاً.
وذكرت صحيفة “قاسيون” المحلية، أنه مع انتهاء الربع الأول من عام 2023، ارتفع وسطي تكاليف المعيشة لأسرة سورية مكوّنة من خمسة أفراد، إلى أكثر من 5.6 ملايين ليرة سورية، أما الحد الأدنى فقد وصل إلى 3,546,083 ليرة سورية، ويجري ذلك كله بينما لا يزال الحد الأدنى للأجور، 92,970 ليرة سورية، أي أقل من 13 دولار شهرياً.
المقالات المنشورة لا تعبّر بالضرورة عن رأي الموقع