دير الزور بين تقنين الكهرباء والصيف اللاهب.. معامل الثلج تنشط وبُشرى “الميغات” لم تُغير الواقع!!
لم تحمل بُشرى أعضاء في مجلس الشعب عن دير الزور بإضافة كميات أخرى لحصة المحافظة من التيار الكهربائي جديداً، فبقي التقنين على حاله، في ظل أجواء الطقس اللاهبة، والتي تساوى ليلها بنهارها.
فمع دخول شهر تموز بطقسه الحارق، زف النواب من على صفحاتهم الشخصية على “الفيسبوك” عن تخصيص المحافظة زيادة عن استجرارها من الكهرباء 5 ميغا، تلحقها 5 أخرى، لمواجهة ظروف الطقس القاسيّة.
غير أن لا شيء بهذا الصدد تغير، فالتقنين هو هو، ومضاعفاته السيئة يمكن تلمسها بشكل أكبر في ريف المحافظة كأحد أكبر العوائق أمام تشغيل محطات مياه الشرب لفترات تفي بحاجة الأهالي من المياه.
4 × 2 لكن!
برنامج التقنين المعمول به من قبل شركة كهرباء دير الزور هو 4 ساعات قطع، مقابل 2 من الساعات وصل، فيما واقع الحال كما منذ سنوات يخترق وصله انقطاع مفاجئ قد يمتد لنصف ساعة، لتكون المحصلة هذا الصيف تيار كهربائي لساعة ونصف أو ساعة، وفي أوقات خفت فيه حرارة الطقس، لاسيما ليلاً قد تُكمل الساعتين.
بينما وضع الريف الديري هو الأسوأ على هذا الصعيد، واقع الحال هذا أنعش معامل بيع الثلج (البوظ)، كما يشير “توفيق الشيخ” في حديثه لـ “كليك نيوز” “لا تمنح ساعات مجيء التيار الكهربائي فرصة للثلاجات المنزليّة لتوفير مياه الشرب الباردة”.
ويردف “بل إنّ الطعام بات يُعد لوجبة غداء واحدة، فمن غير الممكن حفظ كميات أكبر ليومٍ ثان، فبقاء الثلاجات بلا كهرباء يُعرض ما فيها من مأكولات للتلف”.
ويضيف “نشتري قالب الثلج بسعر 4 آلاف ليرة سورية، وبحسبة بسيطة تحتاج شهرياً 120 ألف ليرة سورية لتأمين المادة المذكورة، وسط معاناة معيشيّة ضاغطة على الأهالي، وفي الغالب تكتفي أغلب الأسر بنصف قالب، أو أن تبقى على ما توفره الثلاجات من مياه شرب فيها أثراً من برودة “.
من جانبه ” أحمد العبد الله ” أكد أنّ التقنين حول حياة أهالي المحافظة إلى جحيم لا يُطاق “درجات الحرارة بدير الزور وعموم الشرق السوري تتجاوز 40 درجة، بل أي نسمة هواء لن تكون سوى هواءً مُحملاً بحرارة تلفح الوجوه”
ويضيف، “الحالٌ أشبه بمن يسكن صحراء لم تطالها خدمات العصر الراهن، عاماً إثر آخر تتزايد معامل الثلج، حتى باتت أكثر المشاريع ربحاً فترة الصيف، وهي إحدى أكبر محال الاكتظاظ، نظراً للطلب المتزايد على المادة المذكورة”.
ويشير، “أن من وضعه المالي مريح لا مشكلة لديه، أما من هم ليسوا كذلك – وهم أكثرية – فليس أمامهم سوى عد أيام الصيف منتظرين رحيله، إن بقيت في منزلك فالجو حارق، وإن ذهبت خارجه، فالأمر سواء، لتبقى الحدائق هي الملجأ الوحيد، لكن ليلاً فقط، علماً أنّ الحرارة تكاد تتساوى، بل هي كذلك ليلاً ونهاراً”.
الريف يشكو
مع عودة الحياة لمناطق دير الزور المحررة وتزايد أعداد السكان العائدين لقراهم وبلداتهم ومدنهم يزداد الطلب على الخدمات، الكهرباء ولا شك تأتي في المقدمة، ومع تأهيل أغلب الشبكات الكهربائية، وتزويد الريف بالمحولات.
غير أنّ مناطق كثيرة فيها لا تزال بحاجة للمزيد منها بغية تغطية حاجاتها، أمّا وضع التقنين فيه فهو الأسوأ كما يفيد “خالد حنادة” من سكان “حطلة”، ” مدة وصل التيار لا تتجاوز الساعة، الأمر الذي يجعل خدمات مرتبطة بالكهرباء مُتعثرة، هنا تبرز مشكلة مياه الشرب، إذ لا تكفي الساعة لوصولها إلى الكثير من منازل الأهالي بالرغم من وجود 3 محطات فيها”.
والأمر لا يختلف كما يشير “خليل الذياب” في عموم الريف الديري، إذ يضطر الأهالي لشرائها من الباعة الذين يجلبونها بصهاريج خاصة من محطات المياه”، علماً أنه يجري تكثيف التشغيل، فتأتي المياه كل ثلاثة أيام.
ويكمل “دياب” واقع التقنين فرض هكذا أمر كون أغلب محطات مياه الشرب تعمل على الكهرباء، وهنا أيضاً نلجأ لمعامل الثلج بغية الحصول على مياه باردة.
مدير مياه دير الزور المهندس “لورانس الحسين” أكد في تصريح لـ ” كليك نيوز ” أن تجاوز مُنعكسات التقنين السلبيّة على وفرة مياه الشرب، لاسيما في الأرياف جاء ضمن ثلاثة حلول.
الأول منها هو تجميع ساعات الوصل الكهربائي لتأمين ضخ كافٍ، غير أن ذلك حسب الأهالي سيحرمهم الكهرباء.
والثاني هو المبادرة لدفع الرسوم بشكل كامل لكل منطقة، الأمر الذي يوفر مالاً لتأمين الوقود اللازم لمولدات التوليد العاملة على “الديزل”.
فيما الحل الثالث هو التوجه للطاقة الشمسيّة لتأمين التشغيل المستمر بما يضع حلاً جذرياً للمشكلة التي تتفاقم صيفاً.
وأوضح “الحسين” أن هنالك مسعى مع المنظمات الدوليّة الناشطة بالمحافظة لتزويد تلك المحطات بتجهيزات الطاقة الشمسيّة، والتي بدأت خطواتها الأولى بمدينة الميادين، والأمل أن يجري تعميمها، فالتقنين الجاري يُشكل عقبة أمام التشغيل، فالضخ المستمر الذي ينبغي توفيره”.
هذه حصتنا
مدير شركة كهرباء دير الزور المهندس “خالد لطفي” أشار أن حصة المحافظة من الاستجرار تصل إلى 45 ميغا، يذهب منها 15 لمناطق الجزيرة، وهذا الواقع التقنيني حالة عامة في القطر ككل.
“لطفي” أكد أن الميغات الـ 5 أضيفت، ونأمل زيادة الكميات لتصبح 10 ميغا، بما يضمن تغييراً يؤمن تغذية مقبولة في ظل واقع طقس دير الزور القاسي بحرارته المرتفعة.
وأضاف “بعض الأهالي يُحمّل الشركة مسؤولية التقنين وبشكل شخصي، أو حسب تعبيرهم لا أضع الجهات العليا بصورة الحال، أو أنني لا أطالب بزيادة الكميات وهذا أمر مؤلم، واقع الخراب والتدمير الذي طاول شبكاتنا ومحطات التوليد أسهم في هذا الواقع، ناهيك عن العقوبات الأمريكيّة التي استهدفت مجمل الوضع الخدمي والاقتصادي.
وأشار “لطفي” أن تأمين وقود محطات التوليد يأخذ وقتاً ليس بالقليل، ناهيك عن عرقلات برعاية أمريكية وغربيّة من دول استهدفت سورية بأزمتها، أمور كثيرة لا يعلم بها المواطن تُسهم في خلق هذا الواقع عبر أداة العقوبات الأمريكيّة الخارجة عن القانون الدولي”.
دير الزور – عثمان الخلف