تفاقم ظاهرة الشعوذة والتبصير في سوريا
تفاقمت ظاهرة المنجمين والعرّافات في سوريا أخيراً، في الوقت الذي تشير فيه أرقام المكتب المركزي للإحصاء إلى أن نسبة الأمية قبل الحرب كانت 14.2%، لكنها ارتفعت كثيرًا بعد الأحداث.
وتقول” جهينة“، التي تتردد على العرّافات، إن” العرافة موجودة في كل الدول العربية، ولا ترتبط بالجهل. ومن حق الناس البحث عن حلول لمشاكلهم بشتى السبل“.
وتنقسم هذه المهنة إلى اختصاصات متنوعة، منها: قراءة المستقبل، وكتابة التعويذات، ومعالجة الأمراض المستعصية، وفك السحر.
وتضيف “جهينة” هناك أشخاص لديهم طاقات روحية عالية يستخدمونها لمعالجة اليائسين والمرضى. فما المشكلة في ذلك؟
وتعاقب المادتان 752 و754 من قانون العقوبات السوري، ممارسي مهنة الشعوذة أو التنجيم بقصد الربح، بالسجن ستة أشهر مع الغرامة المالية.
وتقول أم محمد “لجأت إلى إحدى الشيخات لمعالجة ابني من المرض العضال بعد أن فشل الأطباء. وبالفعل تحسن كثيرًا بفضلها“.
ويبدو أن إقناع المؤيدين لهذه المهن بعدم جدواها صعب للغاية.
وتقول جهينة “شهدت بعيني إزالة السحر عن جارتنا العانس التي تزوجت بعد زيارة البصارة“.
وازدهرت هذه الظاهرة خلال الحرب، مع تقلص النشاط الاقتصادي إلى 60% تبعًا لتقديرات البنك الدولي، وارتفاع البطالة إلى 55% مقارنة بما كانت عليه قبل الأحداث.
ويعرض أصحاب هذه المهن خدماتهم على الأرصفة، أو في المنازل بعيدًا عن الأعين حتى لا يتعرضوا للملاحقة.
وتقول البصارة ”أم عزيز“: ”أقرأ الكفّ لمن يريد أن يعرف حالته الصحية، وما ينتظره في المستقبل، أما البنات فأخبرهن عن الزواج“.
وتصل أجرة المشعوذين والعرّافات إلى أرقام خيالية تبعًا لشهرتهم والنجاح الذي حققوه مع الزبائن.
ويقول سامر ”قبض مني أحد المشعوذين مئات الآلاف من الليرات، ولم أستفد شيئًا. فقررت الإقلاع عن هذا الهوس“.
وفي ريف دمشق، يضطر المراجعون لحجز موعد مسبق عند ”أبو ياسر“ المعروف بمعالجة الأمراض المستعصية بالأعشاب والطقوس الغريبة.
ويضيف سامر ”أصيب صديقي بارتفاع كبير بالضغط وكاد يموت بسبب الأعشاب التي تناولها من أحد العرّافين“.
وتتسبب تفسيرات المشعوذين أحيانًا بخلافات عائلية وعراك بين الأقرباء وتدخل من قبل الشرطة.
وتقول أم يزن ”أخبرت العرافة جارتنا بوجود تعويذة تجلب الحظ العاثر في منزلها وضعتها إحدى القريبات، فنشب خلاف بين النساء أدى إلى عراك بين الرجال“.
ويحاول بعض العرافين استهداف المقتدرين ماليًّا، بعد جمع المعلومات عنهم لإقناعهم بأنهم يعلمون بالغيب.
وتضيف أم يزن ”لقد سرقوا صاحب السوبرماركت وابتزوه بمبالغ كبيرة من المال، قبل أن تقبض عليهم الشرطة“.
وأصبحت هذه المهن هدفًا للعاطلين عن العمل والرازحين تحت خط الفقر الذين تقدر الأمم المتحدة نسبتهم بـ 90% من عدد السكان.
وتقول أم يزن ”هناك أناس لم يمارسوا التبصير في حياتهم نهائيًّا، لكنهم فجأة أصبحوا من المعروفين في هذا المجال نتيجة المكاسب المادية من هذه المهنة“.
بعدما استعصت حلول الأرض على السوريين، لجؤوا إلى قراءة الكف وتبييض ”الفال“، رغم قناعتهم بأنّ المنجمين كاذبون.. ولو صدقوا!.
إرم نيوز