بعد كارثة الزلزال.. آجار المنزل يتجاوز 100 ألف ليرة يومياً ومليون ليرة شهرياً
بعد كارثة الزلزال.. آجار المنزل يتجاوز 100 ألف ليرة يومياً ومليون ليرة شهرياً
في الوقت الذي لايزال فيه المواطنون في المناطق المنكوبة تحت تأثير وطأة الزلزال المدمر الذي أصابهم، وأفقدهم عدا عن أحبائهم، جنا عمرهم “منازلهم”، فإنهم وأصحاب البيوت المتصدعة، وجدوا أنفسهم أمام خيارات معدومة للعيش والسكن، فالإيجارات مستحيلة ومراكز الإيواء تنغل بالعشرات.
تقول إحدى الناجيات من الزلزال الذي أصاب محافظة اللاذقية، لموقع “سينسيريا”، بأنها اضطرت للانتقال إلى دمشق بمنطقة قدسيا، بعد أن وجدت صعوبات كبيرة بتأمين المأوى لها ولأولادها، لتتفاجأ بأن الأجرة المطلوبة منها تبلغ 100 ألف ليرة سورية يومياً لمنزل عادي وبسيط، وإن لم يعجبها فيوجد غيرها الكثيرون.
فيما تحدثت سيدة من سكان حلب، أنها لم تستطيع التحمل والصمود أكثر في حدائق ومساجد حلب، وخصوصاً بعدما خسرت فتاتها الصغيرة تحت أنقاض منزلها الذي دمره الزلزال، وقررت حينها اللجوء إلى ريف دمشق بحثاً عن منزل تأوي إليه، ولكن في ظل الارتفاع الكبير للإيجارات لم تجد أمامها إلا القبول باستئجار غرفة صغيرة في المعضمية يصل إيجارها الشهري إلى 400 ألف ليرة سورية.
فيما تحدث أحد الناجين والغصة تحرق قلبه، بأنه كان يملك منزلاً وضع فيه كل شقى العمر وفي ثواني أصبح المنزل ركاماً وغباراً، وبحمد الله تمكن من النجاة مع أسرته، وبعد أن وجد بأنه يثقل بالإقامة لدى الأقارب وأراد التخفيف عنهم، سعى لاستئجار منزل في جبلة ليتفاجأ ببعض من كان يعرفهم يطلبون مبلغ مليون ليرة سورية إيجار شهري للمنزل، فعاد أدراجه إلى أقاربه بانتظار أن يجد منزلاً بإيجار مقبول.
إلى ذلك، أكد صاحب مكتب عقاري، أن “سوق العقارات نار، والأسعار حسب قوله “تشليف ولا تطاق”، مشيراً إلى أن من حق المالك طلب سعر مرتفع لعقاره، وخاصة في ظل الارتفاع الكبير بالأسعار، الذي يقاس بسعر الصرف، لكن يجب أن تكون الأسعار ضمن المنطق والمعقول.”
وأضاف: “وصل سعر المتر المربع في بعض أحياء طرطوس حتى 5 ملايين ليرة، وبيع بيت مساحة 160 “على العضم” بـ 800 مليون ليرة في إحدى البرجيات، وتراوح سعر المتر المربع في أطراف المدينة بين 500 ألف ومليون ليرة.”
في السياق، أكد صاحب مكتب للتوثيق العقاري في طرطوس، لصحيفة “تشرين”، أن “أصحاب الأموال ما زالوا ينظرون إلى أن الاستثمار في سوق العقارات هو الأكثر أماناً”.
مضيفاً: “لذا نرى الكتل الإسمنتية ترتفع في كل مكان من مدينة طرطوس، كأننا نعيش ظروفاً طبيعية”، مشيراً إلى توجه بعض أصحاب رؤوس الأموال إلى تبييض رؤوس أموالهم في سوق العقارات، من هنا نرى مئات الشقق فارغة، فهي للاستثمار فقط.
في سياق متصل، أوضح الخبير الاقتصادي بمجال العقارات “عمار يوسف”، “أنه بعد الزلزال الذي ضرب البلاد شهدنا ارتفاع غير مسبوق في أسعار الإيجارات بسبب زيادة الطلب على الإيجارات من قبل المواطنين الذين تأثروا بالزلزال وتهجروا من منازلهم التي تدمرت أو تصدعت، وانخفاض القدرة الشرائية لليرة السورية أمام الارتفاع الغير مسبوق لسعر الدولار أمام الليرة السورية، بالإضافة إلى استغلال بعض ضعاف النفوس من أصحاب العقارات للوضع السيء الذي حل بالبلاد نتيجة الزلزال والتهجير وغياب الحكومة في معالجة ارتفاع أسعار العقارات”.
وأشار “يوسف”، إلى أن المناطق التي شهدت ارتفاعاً في أسعار عقاراتها هي المناطق المنكوبة في كل من اللاذقية وحلب وجبلة، حيث أصبحت فيها العقارات خارج الخدمة العقارية وهذا أثر بشكل كبير في ارتفاع أسعار العقارات فيها إضافة إلى المناطق الأخرى التي تم اللجوء إليها مثل دمشق وحمص وغيرها.
وحول إيجاد آلية لضبط أسعار الإيجارات في سورية، بينّ “يوسف”، أن هذا الأمر لا يمكن ضبطه لأن صاحب العقار المؤجر في هذه الحال سوف يحجم عن تأجير عقاره، ولا يوجد قانون أو غيره يلزمه بتأجير عقاره، وفي هذه الحالة سوف يتم خلق مشكلة أخرى.
في ظل ذلك كثيرة هي التساؤلات حول الخطط الحكومية السريعة اللازمة وإعلانها بهدف إنقاذ المنكوبين من جشع وسماسرة العقارات الذين فاق طمعهم حدود الخيال.
اقرأ أيضاً: أكثر من 44 مليار دولار حجم الضرر الناتج عن الزلزال.. خبراء يقدّمون اقتراحات للمرحلة المقبلة