بعد سنوات على تحريرها.. العائدون إلى بلدة الجلمة بريف حماة يعانون الانعدام الكلي للخدمات
يواجه العائدون إلى بلدة الجلمة بريف محافظة حماة الغربي، صعوبات كثيرة جراء سوء الواقع الخدمي الذي حال دون عودة كثير من الأهالي النازحين والمهجرين إليها.
واشتكى عدد من الأهالي العائدين إلى البلدة عبر كليك نيوز، انعدام الخدمات الأساسية فيها بعد مضي أكثر من 3 أعوام على تحريرها من التنظيمات الإرهابية وبدء عودتهم إليها، مطالبين بتحسين الواقع الخدمي من أجل تشجيع بقية العائلات على العودة إلى منازلهم.
وقال “أبو أمير” وهو من أبناء البلدة العائدين، إنهم لم يجدوا الماء ولا الكهرباء ولا بقية الخدمات التي تُمكنهم من العيش فيها، وإن البلدة تُعاني من كافة الجوانب، ولكن الجانب الذي يهم الكثير هو مياه الشرب، مضيفاً أن بلدة الجلمة تشهد أوضاعاً صحية سيئة في ظل انتشار اللشمانيا، وسط نقص كبير بالمواد والمُستلزمات الطبية والأدوية نتيجة عدم وضع المركز الصحي في الخدمة رغم إعادة تأهيله، وهو يوفر على العائدين عناء الذهاب إلى مدينة محردة أو مدينة حماة.
بينما قال المواطن “حسن حسن” وهو ممرض من أهالي الجلمة، “مضى عام على العودة إلى البلدة مع أفراد العائلة، وكانت بيوتنا مُدمرة بشكل كامل، قُمنا في بداية الأمر بنصب خيم ومن ثم بدأنا بإعادة ما يمكن ترميمه درجة درجة، وحتى اللحظة نحن ننقل مياه الشرب بالكالونات من القرى المجاورة”.
وتابع “أبرز ما يمكن المُطالبة به هو توفير مياه الشرب والإسراع في إعادة تأهيل شبكة المياه وألا تبقى الوعود بإعادة تأهيلها مُجرد وعود وحبر على ورق، لأن استمرارية بقائنا بالقرية في ظل الرُكام المُحاط بنا مُرتبط بتوفر الخدمات، لاسيما مياه الشرب، حيث يُساهم توفرها في عودة العديد من العائلات إلى منازلها”.
اقرأ أيضاً: 50 إصابة حتى الآن.. أهالي السقيلبية في حماة يشتكون انتشار اللشمانيا في مدينتهم
بينما أشار مواطن آخر فضل عدم ذكر اسمه، وهو من سكان الحي الجنوبي الشرقي في بلدة الجلمة إلى عودة 8 عائلات لمنازلها في الحي المذكور، ولم يتم تخديمهم بالتيار الكهربائي، وهو بحاجة إلى نصب أعمدة ومد شبكة، ولفت إلى انتشار اللشمانيا في البلدة نتيجة انتشار القوارض والحشرات بسبب ريكارات الصرف الصحي المكشوفة.
بدوره، رئيس مجلس بلدة الجلمة “محمد خليف العلي” أكد لـ كليك نيوز، أن نسبة العائدين إلى البلدة بلغ 25% بمُعدل 250 عائلة، وهي نسبة تبدو قليلة إذا ما قورنت بالمدة الزمنية التي مضت على تحريرها، ويعود سبب ذلك لضعف الخدمات، وبسبب أن أغلبية المنازل فيها مُدمرة بفعل العمليات الإرهابية بنسبة 90%.
وقال “العلي” إن العائلات العائدة اعتمدت على الزراعة بالمرتبة الأولى كي تُرمم ما تستطيع ترميمه، مُبيناً وجود منازل مُتضررة بشكل كامل وغير قابلة للإصلاح وهي تحتاج لإعادة تأهيل من جديد، وأن هناك عائلات اتخذت من الحرامات أغطية لأبواب وشبابيك منازلها.
وأشار “العلي” إلى أن زيادة نسبة العائدين إلى البلدة قد تتجاوز 70% في حال تم توفير الخدمات الأساسية لاسيما مياه الشرب، وأن الأهالي حتى اللحظة هم يعيشون على أمل إصلاحها، موضحاً أن البلدة تروى من الآبار الزراعية في فصل الصيف، أما في فصل الشتاء تزداد المُشكلة حيث تلجأ العائلات إلى نقل المياه من القرى المجاورة كقرية الشيخ حديد، وهناك عائلات لديها آبار سطحية وهي غير صالحة للشرب كونها تحتوي على جراثيم وديدان وغير ذلك.
وأضاف، أما بالنسبة للصرف الصحي فالبلدة مُخدمة بشبكة صرف صحي لكن الريكارات والمطريات فيها بدون أغطية، لافتاً إلى انتشار حبة اللشمانيا بنسبة 20% من العائدين وأنه تمت مطالبة مديرية الصحة برش المبيدات لكنها اعتذرت.
وطالب “العلي” شركة كهرباء حماة الإسراع في تركيب مولدات باستطاعة أكبر لتحسين واقع الكهرباء في البلدة، حيث تعتمد البلدة في الوقت الحالي على محولة 100kva وهي غير كافية، ونحن موعدون بمولدة 400 لكن الوعود حبر على ورق.
وبالنسبة لواقع التعليم، أوضح “العلي” أنه يوجد في البلدة مدرستين الشمالية وهي تبدو بحالة جيدة، أما المدرسة الجنوبية تم تجهيزها بشكل إسعافي حيث تم إصلاح غرفتين صفيتين تستوعب من الصف الأول إلى الصف السادس، صفوف تجميعية وواقع المدرسة مُذري، وهي بحاجة إلى إزالة الرُكام وتركيب شبابيك وأبواب وسور خارجي.
وقال “العلي” إن أبرز ما يطلبه الأهالي اليوم في بلدة الجلمة هو تأمين مياه الشرب في البداية وتغطية ريكارات الصرف الصحي وتقديم الإعانات الغذائية والإغاثية للعائلات بما يخفف عنهم في ظل الظرف الراهن الذي يعيشونه، حيث يبدو دور المنظمات بسيط مقارنة بدورها في البلديات المجاورة.
وبين “العلي” أن بلدية الجلمة تضم الجلمة وقرى الشيخ حديد والعثمان والجبين مع مجموعة من المزارع التابعة لها، وشهدت هذه القرى عودة للأهالي لكن بشكل بسيط باستثناء قرية الشيخ حديد التي لم تشهد دمار أو حالات نزوح نتيجة حفاظ الأهالي عليها وعدم خروجهم منها خلال سنوات الحرب.
من جانبه، مدير المركز الصحي في بلدة الجلمة الدكتور “عبد القادر ابراهيم” بين لـ كليك نيوز، أن اللشمانيا انتشرت بالفترة الأخير في البلدة وخلال الـ 10 أيام الماضية تم تسجيل أكثر من 10 حالات جديدة، وأنه تم إجراء التحاليل وصرف العلاج للمصابين بالتعاون مع مركز محردة الإشرافي ومركز اللشمانيا في حماة.
وأوضح “ابراهيم” أنه لا يوجد إحصائية دقيقة بعدد الإصابات ولكنه يتم بالوقت الحالي وضع دراسة وإحصائية، لافتاً إلى وجود عائلات بالكامل مُصابة خاصة في الأحياء القريبة من المُستنقعات والمزارع.
وأشار “ابراهيم” إلى أن وضع شبكة الصرف الصحي في البلدة هو السبب الأساسي بوجود الإصابات وانتشار الحشرات، وما يهمنا بالدرجة الأولى هو مُكافحة الحشرات.
وقال “ابراهيم” إن أبرز المطالب هي الإسراع بتجهيز المركز الصحي من أجل تقديم الخدمات لأبناء المنطقة وخاصة أن الوضع الصحي سيء
والمركز بحاجة لتجهيزات طبية والكادر الطبي من ممرضين وأطباء، علماً أنه تم تأهيل المركز الصحي في البلدة ولكن لم يتم فتحه بشكل رسمي.
أوس سليمان – كليك نيوز
المقالات المنشورة لا تعبّر بالضرورة عن رأي الموقع