“الطاعون” يفتك بدواجن حماة ويكبد المربين خسائر فادحة.. مطالب بزيادة دعم الثروة الحيوانية
أكد عدد من مُربي الدجاج بمُختلف مناطق ريف محافظة حماة نفوق أعداد كبيرة من الطيور لديهم وبمُختلف أنواعها (البراهما – النمساوي – البلدي) جرّاء انتشار مرض “الطاعون” وفتكه بحظائرهم، وتهديده ما تبقى منها، مُحملين مسؤولية ما جرى للدوائر والنقابات البيطرية المعنية والمُكلفة باستلام لقاحات الدواجن لعدم ملاحقتهم الجائحة.
وقال الخبير في مجال التنمية “أكرم عفيف” لـ كليك نيوز، إن الدجاج البلدي السوري إلى انقراض بسبب هذا الوباء، مؤكداً أنها ليست المرة الأولى التي يُصاب بها قطاع الدواجن بالأمراض والتي تؤدي دائماً لنفوق أعداد كبيرة، وكان الحل بالتلقيح، لكن الأسباب تعددت إما بعدم وجود لقاح، وإما بعدم إعطاء اللقاح نتائج وذلك بسبب سوء التخزين.
وأشار “عفيف” إلى أن الكميات التي نفقت هائلة جداً وهي بالآلاف، ويجب أن يكون هناك إحصاءات كونها غائبة عن كميات النفوق التي حصلت وقيمتها وخسائر الناس بها وتأثيرها الاقتصادي على الأُسر التي كانت مُكتفية من البيض في ظل موجة الغلاء وعدم قدرتها على شرائه.
بدوره نقيب الأطباء البيطريين في محافظة حماة الدكتور “عبد العزيز شومل” أوضح لـ كليك نيوز، أن الأمراض الفيروسية موجودة في سورية بشكل عام مثلها مثل أي دولة، كالنيوكاسل والبرونشيت والغومبورو، مؤكداً وجود خطط تحصين مُتبعة من قبل وزارة الزراعة ويتم استشارة نقابة الأطباء البيطريين، وأن عملية التحصين تتم بشكل دائم.
لافتاً إلى أنه لا يمكن تحميل أي جهة سبب حالات النفوق لأن الفيروسات التي أتت في الفترة الماضية كانت شديدة الضراوة، علماً أنها فيروسات كانت موجودة سابقاً واعتيادية كالنيوكاسل، فهو مرض موجود بالأساس ولقاحاته متوفرة لكنه أتى شديد الضراوة، وأن هذه الحالات تحصل خلال سنوات التربية التي مضت وكل فترة ينتشر فيروس بشكل ضاري يؤثر على القطعان وتحصل خسائر كبيرة.
وبيّن “شومل” أنه يتم التعامل مع المرض ضمن الإمكانيات المُتاحة، وأن اللقاحات التي يتم استخدامها هي مستوردة، وأنه إلى حين أخذ إجراءات الفحص والعزل كوزارة أو كقطاعات يصبح الوقت عامل ليس في مصلحة المربين مما يؤدي إلى حصول جزء كبير من الأزمة، بمعنى أنه عندما يأتي المرض ضاري يكون الزمن ضد الجهة التي تُكافح، لذلك لا يمكننا تحميل مسؤولية مرض يأتي فجأة لأي جهة، مؤكداً أن الجائحة مرّت وخفت، وأنه لا يوجد إحصائية ثابتة ولكن هناك أعداد كبيرة من النفوق.
وأشار “شومل” إلى أن أمراض الدواجن بشكل عام تنتقل مع الطيور المُهاجرة، وشدد على موضوع مُكافحة ظاهرة التهريب التي تحصل من قبل بعض ضعاف النفوس الذين يقومون بإدخال صيصان قد تكون مصابة بالفيروسات، ففي محافظة حماة تم تشكيل لجان لمتابعة قطاع الدواجن والمفاقس للتأكد من عدم دخول أي شيء من خارج المحافظة.
وبيّن “شومل” أن أبرز ما سيواجه قطاع الدواجن خلال الأيام القادمة هو مشكلة التدفئة، لعدم توفر الفحم الحجري الذي يُعتمد عليه كتدفئة أساسية في هذا القطاع، وأنه في حال عدم تأمين مادة الفحم الحجري يجب البحث عن بدائل، لأن دخول مربي الدواجن في فصل الشتاء دون امتلاكه مصدر رخيص للتدفئة سيؤدي إلى ارتفاع التكاليف جداً، واليوم نرى بأن تكاليف الدواجن أساساً مُرتفعة كثيراً نتيجة غلاء الأعلاف وغلاء المواد الأولية التي تدخل بشكل عام بتربيتها، وعند إضافة التدفئة فبكل تأكيد سترتفع التكاليف بشكل كبير وتصبح غير منطقية، ولا قدرة للمواطن على تحمل التكاليف.
وطرح “شومل” فكرة استخدام مخلفات الزيتون كبديل للتدفئة كونها ذات مصدر عالي جداً للطاقة، ويمكن للدولة الاستفادة منها عن طريق التعاقد مع معامل خاصة تقوم بتحويل هذه المخلفات إلى مكعبات للتدفئة وتجهيزها ويتم منحها للمربي مثلها مثل المقننات وبأسعار مدعومة، وهذا يُحقق نوع من انخفاض التكلفة.
وأرجع “شومل” سبب غلاء الدواجن إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج والتراجع الكبير في تربيتها وخروج جزء كبير من القطاع عن التربية بسبب الخسائر الكبيرة التي مُني بها مربي الدواجن خلال السنوات الأخيرة، حيث لا يتجاوز اليوم حجم التربية 10% عما كان عليه قبل الأزمة.
إضافة إلى ضعف الاستهلاك، والنسب العالية للنفوق التي رافقت التربية خلال الجائحة الماضية، مؤكداً إحجام الكثير من المزارعين عن التربية خوفاً من الخسارة، وأنه يجب الحفاظ على ما تبقى منهم، وهنا يمكن أن نطلب من وزارة الزراعة تكثيف دعمها من خلال زيادة كميات المازوت الزراعي لأن الكميات التي تم توفيرها قليلة لكنها تُخفف من التكاليف ويجب أن تكتمل بالفحم الحجري، كما طالب بفتح مقننات علفية لمربي الدواجن لتكون حافزاً للتربية وداعماً لمربي الدواجن مما يخفف من تكاليف الإنتاج وبالتالي قيمة المنتج للمستهلك.
أما فيما يتعلق بقطاع المواشي كثروة أغنام ونعاج وماعز وأبقار، أشار “شومل” إلى أنها كانت في تراجع كبير وكانت مُهددة بنقص كبير في أعدادها، لكن الأمطار وما رافقها من خيرات في العام الماضي أنعش هذا القطاع بشكل بسيط، واليوم نحن بحاجة إلى دعم هذا القطاع بشكل مُستمر، لأنه استُنزف بشكل كبير لو تحدثنا أرقام ما بين عام 2011 والأرقام الحالية فهناك فرق كبير، وسورية كانت من الدول المُتقدمة بهذا المجال وكان لديها أرقام ضخمة جداً.
وبيّن نقيب الأطباء البيطريين في حماة، أن الأغنام ستكون في عودة سريعة بمجرد دعمها وزيادة مقننها العلفي خاصة في فصل الشتاء لأنه فصل قاسي جداً وخاصة على أنثى النعاج والماعز، لذلك يجب أن يكون لديها مقننات بكميات كافية وعدم قطع المربي من الأعلاف خلال فصل الشتاء.
لافتاً إلى أن الأبقار بوضع غير جيد أبداً وهي إلى تناقص في أعدادها، وأن مُربي الأبقار في حالة ضياع وهو يحتاج إلى دعم بكميات كبيرة من الأعلاف، في ظل عدم كفاية سعر الحليب الذي تنتجه البقرة قيمة الأعلاف اللازمة، لذلك المربي يجب أن يكون له دعم خاص وإجراءات صارمة، لأن استنزاف هذا القطاع يعني انتهاء للأبقار، بما فيها الحيازات الفردية التي هي داعم للاقتصاد الوطني وهي جهد شخصي وثروة للمربي.
وحول موضوع المكون العلفي، قال “شومل” إن الأعلاف في سورية تبدو أغلى من الأعلاف في الدول المُجاورة، نتيجة الحصار المفروض على البلاد أولاً، وعدم وجود أولوية للأعلاف على المنصة ثانياً، لذلك يجب أن يكون تمويل استيراد الأعلاف بشكل مباشر أو بتمويل ذاتي من التاجر عن طريق استثماراته الخارجية فأغلب المستوردين يضعون هامش ربح إضافي بين 20 إلى 30% بسبب تأخر التمويل وهذا ينعكس على المربي، فالأعلاف هي غذاء الحيوانات ويجب أن تؤمن للحيوانات أعلافها بأرخص الأسعار، مقارنة برخص المنتجات التي تقدمها.
وحول عدم وجود تأمين على الأبقار قال “شومل” إن سببه المفهوم العام للمُربي وعدم معرفته بهذا الاجراء نتيجة اعتياده على اقتناء بقرة دون التوجه لتأمينها، وهنا دور الإرشاد بالمناطق والمُربي لا يُحمل مسؤولية عدم معرفته.
وطالب “شومل” بأن يتم فتح مسابقة سريعة أو فرز للأطباء البيطريين نظراً للحاجة لهم في ظل النقص الشديد بالمؤسسات الحكومية التابعة للعديد من الوزارات، مؤكداً وجود مقترح سابق لرئاسة الحكومة ينص على فرز الأطباء البيطريين أسوة بالمهندسين أو السماح بالتعاقد المباشر معهم أسوة بالأطباء البشريين، فالبرغم من حاجتنا لهم لا يسمح لنا بإجراء عقود معهم.
وفي المسالخ يتم الاستعانة بأطباء من مديرية الزراعة التي تعاني هي أساساً من نقص شديد بالأطباء البيطريين، والعديد من هؤلاء الأطباء والبالغ عددهم حوالي 1600 طبيب بيطري في حماه عاطلين عن العمل وهذا يدل على وجود خلل بعملية التخطيط ضمن هذا القطاع.
وتمنى “شومل” أن يتعافى قطاع الثروة الحيوانية بتضافر الجهود والتشبيك بالعمل ويعود كما كان قبل الأزمة، مُشيراً إلى أن سورية كانت من الرواد بقطاع الدواجن على مستوى الدول المجاورة وأن عدد الأغنام كانت كبيرة والأبقار جيدة، وأن الثروة الحيوانية هي ثروة وطن وليست ثروة شخص حتى وإن كانت حيازات فردية لذلك نطلب الدعم المستمر للمُربي.
من جهتها ذكرت وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي أن ما يشاع عن انتشار مرض “نيوكاسل” على الدواجن أو ما يسمى شبه طاعون الدجاج وتسببه بنفوق كبير بقطعان الدواجن عارٍ عن الصحة.
وأكدت مديرية الصحة الحيوانية أن الانتشار محدود في هذه الأوقات، حيث حصلت إصابات متعددة وكانت نسب النفوق مرتفعة خلال موجة الحر في فصل الصيف، ولكن حالياً الإصابات في مزارع تربية الفروج أصبحت أقل بكثير وخاصة عند المربين الملتزمين ببرنامج تحصين وقائي فعال وموثوق مع تطبيق إجراءات الأمن الحيوي خلال مراحل التربية.
مع الإشارة إلى أن معظم مزارع تربية البياض لم تصب بالمرض لأنها بطبيعة الحال تطبق برامج تحصين وقائي أكثر دقة وديمومة.
أوس سليمان – كليك نيوز
المقالات المنشورة لا تعبّر بالضرورة عن رأي الموقع