الزراعة المنزلية.. سبيل مئات الأسر لتحقيق وفر مادي في ظل الواقع الاقتصادي المتردي
دأبت الكثير من الأسر مؤخراً، خاصة في ظل الحصار الذي تعرضت له البلاد خلال سنوات الحرب، للاعتماد على الزراعات المنزلية الصغيرة، التي لا تحتاج إلى الخبرات، ورأس المال قليل.
وتشكل الزراعات المنزلية 90% من الزراعة على مستوى العالم، وتحظى بشعبية كبيرة لما تسهم به من تأمين حاجات الأسرة، ودخل شبه دائم، مع بيع الفائض من الانتاج، وتالياً تخفيف الأعباء الاقتصادية التي نعيشها في الظرف الراهن.
وتنوعت أشكال العمل من الزراعة على الأسطح إلى الاستفادة من المساحات الصغيرة المحيطة بالمنازل، وحتى على مستوى (البلكونة) في البيت، على أمل أن يشكل ذلك كما أشارت العديد من الأسر، سبيلاً لتجاوز المعاناة.
وعن تجربة الزراعة المنزلية، تحدث المتقاعد “نبيل الغضبان” لـ كليك نيوز، أن زراعة الأسطح هي متعة حقيقية للإنسان، وفرصة ليكون محيطاً بها، فهناك العديد من الخضار التي يمكن الحصول عليها بسرعة أكثر من غيرها، وتوفر على المرء مادياً كثيراً، كالبقدونس والبصل الأخضر والجرجير والنعنع والرشاد والكزبرة، ومساحة متر مربع واحد لكل صنف تساعد الأسرة على تأمين احتياجاتها.
وأضاف “الغضبان” حرصت على جلب التربة المناسبة إلى السطح، وقمت بتشميسها عدة أيام قبل إضافة السماد البلدي المتخمر لها، ثم تعبئتها بالأوعية المتوافرة لدي، سواء كانت أحواض بيتونية قمت بإنشائها، أو (بانيو قديم) وأوعية أخرى متعددة، لتكون جاهزة للزراعة في كل موسم، وقمت بزراعة الفليفلة الحرة والحلوة، والبقدونس والنعنع والرشاد والجرجير.
اقرأ أيضاً: رغم ارتفاع أجورها.. التغطية الخلوية والإنترنت تغيب عن أحياء اللاذقية
ووزعت ما يزيد عن احتياجاتي اليومية في السنوات السابقة، وحالياً قسماً منها على أقاربي وجيراني، كما حرصت على الاهتمام بالنباتات العطرية ذات الفوائد الطبية من استعمالها كالقرويص وإكليل الجبل والقرنفل والريحان والزعتر البري والعطرة والورد الجوري، والأوليفيرا، سواء كان ذلك مع المشروبات الساخنة، أو عبر تجفيفها لاستخدامها لاحقاً.
واللافت أن الزراعات المنزلية تجذب مختلف الفئات الاجتماعية والتعليمية لما لها من أثر إيجابي، حيث أوضح عدد من الصحفيين في محافظة ريف دمشق كيف حولوا أجزاء من أسطحة منازلهم لحدائق صغيرة تنوعت المزروعات فيها ما بين خضار صيفية وشتوية، لسد احتياجاتهم اليومية، كالبقدونس والرشاد والنعنع والجرجير والهندباء والبصل الأخضر، بالإضافة لزراعة الباذنجان والذرة والخيار، مؤكدين أن الظروف المعيشية الصعبة، وارتفاع أسعار الخضار هي التي دفعتهم لذلك، بغية التخفيف من بعض الأعباء المادية من جهة، وللحصول على خضار طازجة من دون أي ملوثات كيميائية من جهة ثانية.
وأضافوا أنه لتحسين قوام التربة يضيفون السماد البلدي لخلطه معها، بعد نقلها إلى أسطح تلك المنازل، كما يلجؤون لمكافحة الآفات الحشرية بالطرق التقليدية من دون الاستعانة بالمبيدات الكيماوية غالباً.
وحول أهمية الزراعة المنزلية تحدث الدكتور “سائر برهوم” من كلية الزراعة في جامعة دمشق لـ كليك نيوز، أن الزراعة المنزلية هي توليفة من الأنشطة الزراعية، النباتية أم الحيوانية أو كلاهما معاً، تُستخدم فيها الموارد الطبيعية، البشرية، المادية بنسب مختلفة لتحقيق غايات متنوعة، ومن الركائز الأساسية لها ممارسة نشاط زراعي قد يكون غير متخصّص ضمن الحيز الجغرافي للمنزل، وانحصارها بأفراد الأسرة مع تنوع فوائدها وغاياتها.
وتستخدم لأغراض علاجية، وزيادة نسبة الرطوبة الجوية، وتسهيل عملية التنفس، إضافة لتوفير خضار وفواكه صحية غنية بالعناصر الغذائية، كما تساهم في تحقيق وفر في أموال الأسرة، نظراً لتكلفتها المنخفضة مقارنة مع الأسعار السائدة المرتفعة في الأسواق، ولردم الفجوة الكبيرة بين الدخل الأسري، والإنفاق على المنتجات والسلع الغذائية.
وأضاف، غالباً ما يعمد ممارسو الزراعة المنزلية بمشاركة منتجاتهم مع الغير والتواصل مع بعضهم بهدف تبادل الخبرات والمعرفة وحلّ مشكلاتهم، وتبادل المنتجات فيما بينهم، للحد من الاحتياجات المتزايدة للأفراد، ولتخفيف الأعباء المادية عن كاهل تلك الأسر.
يذكر أن الزراعة المنزلية وفقاً لتعريف منظمة الفاو توفر فرصة فريدة لضمان الأمن الغذائي، وتحسين سبل العيش وإدارة الموارد الطبيعية بشكل أفضل، وحماية البيئة وتحقيق التنمية المستدامة، لا سيما في المناطق الريفية.
أيمن فلحوط – كليك نيوز
المقالات المنشورة لا تعبّر بالضرورة عن رأي الموقع