الدواجن مشكلة عصيّة عن الحل.. صمت حكومي حيال إنقاذها
الدواجن مشكلة عصيّة عن الحل.. صمت حكومي حيال إنقاذها
تعد “الدواجن” أهم القطاعات الحيويّة التي تدخل في تأمين الأمن الغذائي للسوريين، ومع ذلك يبدو أن مشكلته لم تجد طريقها إلى الحل، وذلك بعد الخسائر الكبيرة التي لحقت بالمربين وخروج معظمهم من الخدمة، خاصة الصغار منهم، الأمر الذي أدّى إلى تراجع القطاع ووصوله حافة الانهيار، في ظل عدم تحريك ساكن من قبل الحكومة لاتخاذ أي اجراء لإنقاذ هذا القطاع، وإعادة انتعاشه مجدداً حسب ما قاله شيوخ الكار في هذا المجال لـ كليك نيوز.
لكن في المقلب الآخر ورغم كل الصعوبات والعثرات تحاول المؤسسة العامة للدواجن إنتاج أكبر قدر ممكن من منتجات الدواجن بالإمكانات المحدودة لديها بهدف تغطية السوق المحليّة.
إنتاج 54 مليون بيضة حتى الآن
حيث أشار مدير عام مؤسسة الدواجن الدكتور “سامي أبو دان” في حديث خاص لـ كليك نيوز، إلى أنّه رغم المعوقات فإنّ المؤسسة أنتجت لغاية شهر أيار 54 مليون بيضة بنسبة تنفيذ 40%، وأن المخطط لعام 2023 انتاج 135 مليون بيضة.
كما أنتجت المؤسسة 135 طن لحم فروج بنسبة تنفيذ 20%، بينما المخطط لنهاية العام الجاري هو انتاج 700 طن لحم، منوهاً أن المبيعات لغاية 31 أيار بلغت 46 مليار ليرة، مضيفاً أنّ المؤسسة كانت في السنوات السابقة خاسرة، بينما رابحة في عام 2022، حيث حققت أرباحاً بقيمة 109 مليون ليرة، وفي الربع الأول من العام الحالي بلغ ربحها 2.3 مليار ليرة، علماً أن للمؤسسة ديون قديمة على مؤسسة الأعلاف.
استيراد قطيع أمّات من أوروبا
وفيما يتعلق باستيراد قطعان الأمات بيّن “أبو دان”، أنه تمّ استيراد قطيع أمات بيّاض في بداية هذا العام، وأن العمل جار لاستيراد قطيع ثان من الشركات العالميّة المختصة بهذه السلالات من دول أوروبية، مؤكداً أنه لا يوجد أي فكرة للتصدير وذلك من أجل تغطيّة السوق المحليّة، نافياً وجود أي تهريب لمادتي البيض واللحم من تركية باتجاه الأسواق السوريّة، لكن في حال حصل سوف تكون الضربة القاضية لقطاع الدواجن.
معاناة المربيّن بدأت منذ أكثر من خمس سنوات الماضية واستمرت حتّى اللحظة دون وجود استجابة من المعنيين رغم علو صرخات المربين مراراً وتكراراً لحل مشكلاتهم لكن دون جدوى.
العمل مقرون بالربح من أجل الاستمرار
كبار مربيّ الدواجن “حكمت حدّاد” كشف لـ كليك نيوز، أنّ انتعاش القطاع من جديد يحتاج الى تحقيق أرباح من قبل المربّين لزيادة رأسمالهم كي يتمكنوا من الاستمرار في التربية، إلاّ أنه وحسب المعطيات المتوفرة يبدو أن هذا الأمر مستحيلاً، وبذلك يكون الأمل ضعيف جداً بازدهار قطاع الدواجن مرة أخرى.
لافتاً إلى أنّ مشكلة القطاع خلال السنوات الخمس الأخيرة هي أنّ الدولة كانت تسعر المنتج على أساس بما يتناسب ودخل المواطن، وليس بما يتناسب مع التكلفة، الأمر الذي أدّى إلى خسائر كبيرة للمربين، وخروج الكثير منهم عن الخدمة بشكل تدريجي خاصة الصغار، حتى المربين الكبار الذين يربون 100 ألف دجاجة بيّاضة تناقص العدد إلى تربية 10 ألاف فقط، ومن كان يربي 20 ألف فروج حالياً، اكتفى بتربية خمسة آلاف فروج فقط ..الخ.
وأكد “حداد” أنّ تدهور القدرة الماليّة لهم منعهم من الاستمرار في التربية وهذا لا يمكن تعويضه، لأنه على سبيل المثال المربي الذي كان رأس ماله عشر مليارات ليرة انخفض إلى مليار ليرة، لذلك أغلب المربين أصبحوا خارج عمليات التربية.
اقرأ أيضاً: “البيضة بـ 1500 ليرة وبالطالع “.. مؤسسة الدواجن: لا يوجد أي مؤشرات تدّل على انخفاض السعر
بالإضافة إلى ارتفاع أسعار الأعلاف بشكل غير منطقي حيث وصل سعر سيارة الذرة التي تتسع لـ 50 طن حوالي 200 مليون ليرة، بينما وصل سعر سيارة الصويا إلى نصف مليار تقريباً، متسائلاً من يستطيع دفع هذا المبلغ من المربين؟
مضيفاً أن الحكومة لم تتخذ أي اجراءات داعمة للمربيين كالحد من ارتفاع أسعار الأعلاف، علماً أنّ أسعارها في دول الجوار أرخص بكثير من بلادنا، ولا ننسى كذلك مشكلة توفر الوقود وارتفاع أسعارها.
وختم “حداد” من يعمل حالياً في تربية الدواجن لا تشكل نسبتهم أكثر من 25% مقارنة بالسابق، وأن طاقتهم الانتاجية انخفضت بين 5- 20%، من هنا يمكن القول من الواضح أن مشكلة قطاع الدواجن ليس لها حلول.
غياب الجهات التمويّليّة
للخبراء في مجال القطاع الثروة الحيوانية آرائهم، واقتراحاتهم التي ربما تساعد في إيجاد حلول لهذه المشكلة.
الخبير في قطاع الدواجن المهندس “عبد الرحمن قرنفلة” أشار لـ كليك نيوز إلى أنّ قطاع الدواجن عانى من صعوبات متعددة خلال الفترة الراهنة وترتبط بشكل وثيق بالعقوبات الاقتصادية المفروضة على البلاد من جهة، وتباطئ التدخل الحكومي من جهة ثانية لكبح سرعة تدهور انتاج القطاع.
حيث أدى تدهور سعر صرف العملة المحليّة الى تضخم تكاليف الانتاج الى الدرجة التي أصبح من الصعب على منتجي الدجاج توفيرها وتوقف كثير منهم عن الانتاج في ظل غياب جهات تمويليّة قادرة على منح قروض تشغيل للمداجن.
مما أدى الى تراجع حجم المعروض من منتجات الدجاج بالسوق، وترافق ذلك بتراجع القدرة الشرائية للمواطن، ونظراً لكون بيض المائدة ولحم الفروج مواد غير تخزينية ويرغب أغلب المستهلكون تناولها طازجة فقد خضعت أسعارها الى تشوهات عميقة في الأسواق.
لافتاً أنّ التسعير القسري الذي يهدف لحماية المستهلك ساهم بوصول الأسعار دون التكلفة مما ألحق خسائر إضافيّة للعاملين في القطاع، مؤكداً أنّ هذا الأمر يتطلب إعادة النظر بحركية قطاع الدواجن وتوفير التمويل المناسب له وتسهيل الحصول على القروض بشروط ميسّرة ومساعدة التجّار لتأمين المواد العلفية، وكذلك توسيع دور المؤسسة العامة للأعلاف بتوفير أعلاف للمداجن، ومنح مرونة لعمليات تسعير المنتجات.
ميليا اسبر – كليك نيوز
المقالات المنشورة لا تعبّر بالضرورة عن رأي الموقع