التاريخ لم يعد نفسه.. اللاجئون السوريون حول العالم منكلون ومضطهدون!!
التاريخ لم يعد نفسه.. اللاجئون السوريون حول العالم منكلون ومضطهدون!!
هكذا هي الحروب دائماً، تخلف وراءها مآسي تحتاج لعشرات السنين لترميمها، ففي سورية كانت الحرب ناراً التهمت كل ما حولها، مخلفة ضحايا وخسائر يطول تعويضها، ودفع ثمنها الكثير من الأبرياء والفقراء، ومنهم اللاجئون السوريون التي كانت الحرب سببا لمأساة جديدة في حياتهم.
حيث تعرض اللاجئون السوريون في كثير من البلدان للتمييز والعنصرية والاضطهاد، ففي لبنان التي استضافت ما يقرب من 1.5 مليون لاجئ، تعرضوا للتعنيف اللفظي والجسدي الذي وصل حدّ الضرب وتسببت بمقتل عدد منهم وإحراق بعض المخيمات، عدا عن فرض القوانين التي تحد من قدرتهم على التمتع بحقوقهم الأساسية، ولا سيما الحق في الصحة والعمل.
وفي تركيا التي استضافت أكبر عدد من اللاجئين السوريين في العالم، حيث تجاوز عددهم 3 ملايين لاجئ، تعرض اللاجئون للكثير من الاعتداءات العنصرية كما قوبلوا برفض شعبي تسبب في تقييد الحق في التنقل والحركة وإلزامهم الحصول على إذن سفر عند التنقل بين الولايات، وعدم الحصول على الرعاية الصحية في حال عدم توفر بطاقة الحماية المؤقتة، وصعوبة الحصول على إذن للعمل والتمييز في الأجور، وجميعنا يتذكر الفيديو الذي ظهر فيه مجموعة من الجنود الأتراك يبرحون ضرباً أربعة شبان سوريين أوقفوا بعد عبورهم الحدود بين البلدين بطريقة غير شرعية، كما وصل الاضطهاد ضدّ اللاجئين السوريين للمدارس، ونذكر منها حادثة تعرض طفلتين سوريتين لمضايقات لفظية وجسدية وسلوكيات عنصرية وصلت للضرب من قبل مجموعة طلاب وطالبات أحد الثانويات التركية.
وفي بريطانيا، يعاني اللاجئون من تمييز عنصري أيضاً، حيث فرضت السلطات البريطانية جملة قيود على اللاجئين السوريين ودعت لترحيلهم، ففي أيلول الفائت، تعرض لاجئون أثناء محاولة ترحيلهم من بريطانيا إلى رواندا، لمعاملة غير إنسانية، حيث أجبروا على صعود الطائرة مكبلي الأيدي، نتيجة لرفضهم الترحيل، وقبل أيام تعرض قاصران لاعتداء أثناء إقامتهما في أحد الفنادق التي خصصتها السلطات البريطانية لإيواء اللاجئين، كما انتهجت بريطانية “سياسة تمييز عنصري سرية”، حيث خصصت للاجئين منازل طُليت واجهاتها باللون الأحمر، وذلك جعل من السهولة التعرف على مساكن طالبي اللجوء، وبسببها بات قاطنوها عُرضة للعديد من الهجمات والمضايقات والإهانات.
وفي اليونان، تعرض اللاجئون السوريين لانتهاكات جسيمة، حيث استخدمت القوات اليونانية القوة المفرطة والذخيرة الحية والاحتجاز غير القانوني ضد طالبي اللجوء، كما تم سلبهم ممتلكاتهم الشخصية، وإجبارهم على العودة إلى تركيا، من خلال قذفهم على الحدود بطرق غير إنسانية، وضربهم بشكل مبرح، وتكسير أطرافهم بالعصي، واستخدام الكلاب البوليسية لتخويفهم، كما وضعت السلطات اليونانية جهازين إلكترونيين قادرين على إصدار موجات صوتية قوية لاستخدامهما ضد اللاجئين الذين يحاولون العبور إلى الأراضي اليونانية.
كما تعرضون اللاجئون السوريون لمعاملات مماثلة وعنصرية في السويد وألمانيا وهولندا وكندا وغيرها الكثير البلدان التي لجؤوا إليها.
من الصعب علينا ذكر جمع حالات الاعتداء التي تعرض لها اللاجئون لكثرتها، وفي الوقت الذي يذوق فيه اللاجئون السوريون مرارة التشرد واللجوء والنزوح، دون أدنى شعور بالمسؤولية والإنسانية من قبل الدول المستضيفة، يبدو أن “التاريخ لم يعد التاريخ نفسه للشعب السوري”، الذي فتح أراضيه منذ عقود طويلة أمام قوافل اللاجئين من دول عربية وغربية، بدءاً من اليونان ونهاية بفلسطين.
ففي عام 1943، استقبلت سوريا، أكثر من 12 ألف لاجئ يوناني فروا أثناء الحرب العالمية الثانية، وخلال حرب الخليج واحتلال العراق للكويت عام 1990م، فر العديد من الكويتيين إلى الأراضي السورية، وخلال الحرب على العراق في عام 2003 من قبل الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا، نزحت العديد من الأسر العراقية إلى سورية، وخلال الحرب العالمية الأولى عام 1915، وصل لمدينة حلب السورية النازحون الأرمن من مناطق مختلفة من كيليكيا، كما نذكّر بمحطات النزوح اللبناني إلى سورية خلال عام 1996م، عندما شنت إسرائيل غارات على البلاد، الأمر الذي دفع العديد من العائلات اللبنانية إلى الهروب من نيران الحرب والتوجه نحو سورية، كذلك مع بدء الحرب الإسرائيلية على لبنان في 12 تموز 2006، فتحت سورية أبوابها أمام اللبنانيين وعاملتهم معاملة السوري، أما الفلسطينيين، فقد استضافتهم سورية بعد النكبة عام 1948م، و وفرت لهم سبل العيش الكريمة، وتأمين حياة آمنة لهم.
هذا هو تاريخ سورية والشعب السوري الأصيل، الذي لم يجد وللأسف معاملة بالمثل، الأمر الذي جعل الدولة السورية تضع نصب أعينها إعادة أبنائها لحضنها، حيث قدمت لهم العديد من التسهيلات وصدرت الكثير من مراسيم العفو، في سبيل عودتهم لحياة كريمة في وطنهم.
اقرأ أيضاً: أستانا، مؤتمر عودة اللاجئين.. طيف الاعتداءات والتهديدات.. وخطوات التطويق