ارتفاع مؤشر تكاليف الحياة لأكثر من ثمانين ضعفاً
ارتفاع مؤشر تكاليف الحياة لأكثر من ثمانين ضعفاً
اقترب العام 2022 من نهايته، العام الذي يمكن وصفه بأنه أطول وأقسى الأعوام التي مرت على السوريين منذ عقود، حيث أن سورية اليوم، وللعام الحادي عشر على التوالي مازالت تواجه ظروفاً وتحديات استثنائية على مختلف المستويات وخاصة الاقتصادية.
هذا العام الذي يوصف بأنه “عام تضخم الأسعار”، والتي بدأت منذ الأشهر الأولى له على الصعيدين المحلي والعالمي، اتسم بارتفاع غير مسبوق لمختلف أنواع السلع الأساسية والغذائية وغيرها.
وأكد “طلال عليوي” أمين الشؤون الاقتصادية في الاتحاد العام لنقابات العمال، أن “مؤشر تكاليف الحياة ارتفع لأكثر من ثمانين ضعفاً خلال سنوات الحرب، إذ باتت تحتاج الأسرة المكونة من 5 أشخاص من (1.5-2) مليون ليرة لسدّ نفقات معيشتها، كما تراجعت القدرة الشرائية لأصحاب الدخل المحدود بنسبة تزيد عن 90% بسبب الارتفاعات الكبيرة في الأسعار التي وصلت إلى مستويات تجاوزت نسبها 100 ضعف عما كانت عليه قبل الحرب”.
وأكد عليوي لصحيفة “البعث” الرسمية، أنه “كان لتردي الأوضاع المعيشية للمواطن السوري تأثيره السلبي الواضح على التعليم لدى أفراد الأسرة، ما دفع بكثير من العائلات لإرسال أطفالهم إلى سوق العمل من أجل تأمين مصدر دخل إضافي من جهة، ومن جهة أخرى لعدم قدرتهم على دفع تكاليف ما تتطلبه العملية التعليمية من أجور نقل، لباس، قرطاسية وغيرها من مستلزمات التعليم”.
ولفت إلى أنه أمام هذا الواقع، “المطلوب من الحكومة دراسة أشكال التصدير والاستيراد وتنظيمه، كما يجب أن يكون هدف السياسة الاقتصادية للحكومة، الوصول إلى معدلات نمو واقعية حقيقية ومستدامة على النحو الذي يخدم تحسين الوضع المعيشي للمواطن، وتعزيز موارد الدولة وإيجاد فرص عمل إضافية”.
وأوضح “عليوي”، أن “الظروف التي تمر بها البلاد دفعت بأغلبية المواطنين نحو خط الفقر نتيجة تعطل أعمالهم أو تركهم لأراضيهم، حيث أشارت بيانات التضخم الرسمية الصادرة عن المعهد الوطني للإحصاء الى ارتفاع معدل التضخم خلال العام 2022 مقارنة بالسنوات السابقة، وتراجع القدرة الشرائية بنسبة كبيرة خاصة خلال العام 2022.”
من جهة أخرى، بين الباحث الاقتصادي “فاخر قربي”، لصحيفة “الثورة” الرسمية، أن “نسبة ارتفاع أسعار المواد الغذائية تمثل حوالي ٦٠% من حجم التضخم الكلي مقارنة مع العام الماضي، حيث وصلت معدلات التضخم إلى أضعاف مضاعفة بنسبة تفوق كل التوقعات الاقتصادية، كما ارتفعت معدلات أسعار محركات الطاقة إلى نحو أكثر من 55% وأسعار الصرف بنسبة تزيد عن 60% عن العام السابق، ونسبة 700% عن عام 2011،” مضيفاً أن “هذا ليس غريباً في ظل اقتصاد يعتمد على الاستيراد بالدرجة الأولى”.
من جانبه، قال أمين سر جمعية حماية المستهلك بدمشق “عبد الرزاق حبزة”، أن” الارتفاع في الأسعار بين عامي 2021-2022، تراوح ما بين 100-200%”، مشيراً إلى أن “الارتفاع لم يقتصر على المواد فقط بل تخطاها ليصل إلى أجور الخدمات والنقل التي تركت أثراً كبيراً على ارتفاع باقي المواد”، معتبراً أن هذا العام كان عاماً استثنائياً لجهة ارتفاع الأسعار وارتفاع أسعار المشتقات النفطية على الصعيد المحلي.
وقال معاون مدير التجارة الداخلية وحماية المستهلك بدمشق “محمد خير بردان”، لنفس الصحيفة، أن “النصف الثاني من عام 2022 شهد الارتفاع الأكبر في أسعار المواد والسلع، حيث ارتفعت على الصعيد المحلي أسعار المواد المستوردة كالمشتقات النفطية والأسمدة والأعلاف بشكل كبير”، مضيفاً: “حتى ربطة البقدونس تأثرت بالارتفاع تحت مسمى ارتفاع أسعار الأسمدة والمشتقات النفطية، وهذا ما زاد من الأعباء على الفلاح ورفع من تكلفة الإنتاج.”
يذكر أن ما تعيشه البلاد يعود بمعظمه إلى الحصار الاقتصادي الجائر المفروض على سورية، إلى جانب وجود بعض المحتكرين والفاسدين، ما أدى إلى حد كبير بخلق خلل في الأمن الغذائي وجعل المواطن أمام صعوبة تحمل تكلفة الغذاء اليومي بالحد الأدنى.
اقرأ أيضاً: ضعف الأجور يدفع قرابة مليون عامل لترك وظائفهم