أجورنا المتأكلة لم تعد مجدية.. وراتبنا ما عاد يكفي يومين!!
أجورنا المتأكلة لم تعد مجدية.. وراتبنا ما عاد يكفي يومين!!
“نزل الراتب”.. سؤال متداول بين الموظفين مع اقتراب نهاية الشهر.. قبل أيام وبينما وجهت هذا السؤال لأحد زملائي أجابني “لك يازلمي انشالله عمرو ما ينزل وشو مستفيدين منو.. صار هالراتب نقمة بدل ما يكون نعمة”.
صمتت مصغيا إليه وهو يقول “راتبي وإلي أكتر من عشرين سنة خدمة 140 ألف ليرة.. السمان الو عليي 200 ألف.. بدي اعطيه دفعة متل كل شهر 50ألف.. وابني بالجامعة بكلية الطب سنة رابعة واعدو بمريول لانو العندو سلامتك، حقو 40 ألف.. عن أي راتب عم تحكي، أنا اللي ضل من راتبي ما بكفيني آكل خبز”.
صديقي الذي يتحدث بحسرة تحكي حال معظم السوريين، أضاف: “أنا يا عمي راتب ما بكفيني يومين، اللحمة نسيناها، والفواكه ماعاد زارت بيتنا، كل شي بيخطر عبالك استغنينا عنو، إذا السكر بـ 5500 ليرة، والرز أسوأ نوع بـ 5000 ليرة، والبرغل بـ 6000 والبطاطا 2000، البندورة 2000، شو بدي عدلك لعدلك، انا راتبي مابجبلي طبخة ليومين..
وتابع قائلاً:” يارجل الراتب شو بدو يعمل إذا اكل لكم يوم ما بكفي .. وهاد ما احكينا عن مرض أو أدوية .. لا فواتير كهربا ولا مي وحتى هاتف ؟؟.. اللي متلنا يا صديقي إذا بيمرض بموت بعلتو .. لان مافينا نداوي حالنا .. خلينا ساكتين أحسن شي!!.
“تركتو ومشيت ورحت شيكت عبطاقتي طلع الراتب نازل.. سحبتو ورحت ع السوق.. ومتل العادة بدي جيب كم غرض أساسي للبيت.. وما تصدقو شو اشتريت براتبي الـ 135 ألف.. نص كيلو معكرونة بـ 10000، كيس محارم 6000، كيلو دوا غسيل 12ألف، صابونتين 6000، علبنة جبنة بـ 10000 لبنة، نص كيلو متة خارطة بـ 15 ألف، نص كيلو سمنة بـ 19ألف، 4 كيلو بطاطا، 2 كيلو رز و2 كيلو سكر و2 كيلو برغل وعلبة بسكوت ونص كيلو لبن.”
“أنا متعود كل شهر آخد هالغراض عالقليلة إذا ضربنا ايدنا على شي ناكلو بنلاقيه، وطبعا أنا عندي صبي وبنت صف تاني وخامس ومرتي، بالعادة هالغراض بنمشي حالنا فين وشوي من هون وهون مع شغلي التاني بنقضي الشهر لناكل، وطبعا لعلمكن بلا لحمة أو فروج أو فواكه أو حلويات، حتى مصروف ولادنا لغيناه لأنو الـ ألف ليرة ما بتشتريلن بسكوته، صرنا نقتصر كل شي أسبوع إذا تيسرت مرة.”
“المهم وبلا طول سيرة راتبي ما كفاني حق الغراض.. ضل لصاحب المحل “جارنا” 10 آلاف ليرة.. رحت عالبيت سألتني مرتي شو جايبلنا طبخة؟؟!! اطلعت فيا وسكتت!! أنا فعلا مو جايب طبخة للبيت من أي نوع خضرة ممكن نستفيد منو.”
“عنجد أنا كيف بدي كمل الشهر مرتي مو موظفة، حق خبز ماضل معي، أنا عم اشتغل شغل بعد الضهر براتب 100 ألف، لك حتى هاد مو مكفي حق خبز، شو نعمل، كيف نعيش، ليش مكتوب علينا نحرم ولادنا من كل شي، والله شي بيأس!!.
رجعت تذكرت شو قلي رفيقي “رزق الله عأيام زمان.. رزق الله أيام ما كانت الـ 10 آلاف نشوفا ثروة.. كان كل شي الو قيمة وطعمة.. أما هلق صار كلشي بلا أي معنى.”
ما نوّد قوله إن الهوة باتت سحيقة بين واقع الأسواق وأجورنا.. ولم تعد كافة أساليب التحايل مجدية أمام أجورنا المتآكلة.. فهل الأيام القادمة ستكون قاصمة لظهر المواطن أكثر أم أن لقمته وقوته ستستدعي استنفاراً حكومياً لانتشاله!! هذا ما ستكشفه الأيام القادمة!!
اقرأ أيضاً: استقالات بالجملة.. بدل مواصلات أم بدل خدمة؟