مقالات

74 عاماً من النكبة.. فلسطين لم تمت

74 عاماً من النكبة.. فلسطين لم تمت

 

مع مرور 74 عاماً على نكبة الشعب الفلسطيني وتشريده وتغريبه من أرضه في أرجاء العالم، كان الكيان الإسرائيلي المحتل يأمل بأنه مع مرور هذه السنوات أن تكون فلسطين قد دُفنت وإلى الأبد، وشعبها نسي الدرب إلى القدس، فالكيان عمل بدعم غربي مطلق لتحقيق ذلك الهدف على مستويات عدة، بالحرب مرات والسلام المزعوم مرة وبالتطبيع أيضاً، فهل استطاع؟

74 عاماً من النكبة.. فلسطين لم تمت
74 عاماً من النكبة.. فلسطين لم تمت

تفيد آخر أرقام الجـهـاز الـمـركـزي للإحصاء الـفلسطيني التي أصدرها في الذكرى 74 للنكبة أن ما تبقى من أرض فلسطين التاريخية تحت سيطرة الشعب الفلسطيني وسلطته لا يشكل سوى نسبة 15% في الضفة الغربية وقطاع غزة، فمنذ النكبة عام 1948.

وما رافقها من تهجير وعمليات تطهير عرقي من قبل العصابات الصهيونية وتشريد ما يزيد عن 800 ألف فلسطيني من قراهم ومدنهم من أصل 1.4 مليون فلسطيني كانوا يقيمون في فلسطين آنذاك، تواصل سلطات الاحتلال الإسرائيلية حتى يومنا هذا سياسة التهجير والسطو على الأراضي الفلسطينية وهدم المنازل وإقامة المستوطنات لطمس هوية فلسطين وتغيير اسمها وخريطتها.

ورغم هذه الأرقام المؤلمة إلا أن خريطة فلسطين من البحر إلى النهر لم تزل في وجدان وقلب وعقل كل فلسطيني على أرض فلسطين وفي بلدان الشتات.

والشعب الفلسطيني الذي عمدت سلطات الاحتلال إلى تهجيره عن أرضه وتفريغها منه تضاعف عشرة مرات عما كان عليه عام 1948، بحسب الإحصاءات الأخيرة.

نحو مليوني فلسطيني في أراضي 48

 

بلغ عدد الفلسطينيين الإجمالي في العالم نهاية عام 2021 حوالي 14 مليون نسمة نصفهم (7 مليون) نسمة في فلسطين التاريخية، (1.7 مليون في المناطق المحتلة عام 1948)، و3.2 مليون في الضفة الغربية “بما فيها القدس” وحوالي 2.1 مليون في قطاع غزة.

وهذا ما يرعب المحتل الإسرائيلي خصوصاً أن الأجيال الجديدة تتبنى نهج المقاومة وتحمل هوية وخريطة فلسطين في قلبها وتتناقلها جيلاً بعد جيل.

الدليل على ما نقول أن عقوداً من الاحتلال ومن حروب التدمير والتهجير وكذلك من بيع أوهام السلام والاستسلام لم تستطع أن تنزع من يد الفلسطيني مقلاعه وبندقيته.

ولم تقدر جدران الفصل العنصري والحصار ونقاط التفتيش والاعتقال أن تمنع شاباً فلسطينياً ولد بعد النكبة بخمسة عقود من أن يستل سكينه ويطعن بها صدر جنود المحتل الجلاد في الأراضي المحتلة عام 1948.

74 عاماً من النكبة.. فلسطين لم تمت
74 عاماً من النكبة.. فلسطين لم تمت

نمر من ورق

 

أربع عمليات بطولية في غضون شهر توزعت من جنوب فلسطين في النقب إلى وسطها وشمالها هزت الكيان المتباهي بقدراته العسكرية وحولته إلى نمرٍ من ورق، يصيبه الهلع ويهرب مستوطنوه أمام شاب فلسطيني يحمل بندقيته بكل ثقة واقتدار.

وآخرون يهرولون أمام شاب فلسطيني يدافع عن أرضه بسكين ويواجه دبابات الاحتلال بمقلاع، بعد أن حولت صواريخ معركة سيف القدس قبابه الحديدية إلى بيت عنكبوت.

الهلع الإسرائيلي الذي يشكل مقتلاً للمحتل، كشف عنه الإعلام الإسرائيلي الذي تحدث عن شعور المستوطنين بانعدام الأمن في مناطق اعتقدوا أنها باتت خارج الصراع وبأن مناطق الـ 48 لم تعد تشكل خطراً على الاحتلال.

ليكتشف أنها تحولت إلى مصدر الهام في المقاومة للشعب الفلسطيني وأصبحت تشكل بثقلها البشري (1.7 مليون فلسطيني) قوة يحسب لها ألف حساب.

يتوهم الاحتلال أن عمليات الدهم وهدم منازل المقاومين في جنين وقصف منازل غزة يمكن أن تكسر إرادة المقاومة لدى الشعب الفلسطيني، لكنها في الحقيقة تقوي عزيمة هذا الشعب وتزيده إصراراً على التمسك بحقوقه وبالمقاومة طريقاً لتحرير الأرض خصوصاً أن كيان الاحتلال لم ينتصر في أي حرب شنها منذ عام 2000 بعد اندحاره من جنوب لبنان.

100 ألف شهيد على مذبح فلسطين

 

ما يزيد عن مائة ألف فلسطيني استشهدوا دفاعاً عن حقهم في أرضهم ودولتهم منذ النكبة وحتى اليوم، حسب الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني.

فيما بلغ عدد الشهداء منذ بداية انتفاضة الأقصى 11,358 شهيداً، وتجاوزت حالات الاعتقال التي نفذها الاحتلال ضد الفلسطينيين نحو مليون حالة اعتقال منذ العام 1967.

وتجاوزت مدة الاعتقال في بعضها ربع قرن، لكن الشعب الفلسطيني لم يضعف أو يتراجع عن الدفاع عن أرضه والتضحية في سبيل استرجاع حقه، ولن يتراجع.

يعتقد الاحتلال الإسرائيلي أن إشغال الدول العربية وشعوبها بحروب ومشاكل داخلية من جهة وتوقيع اتفاقيات تطبيع مع دول وأنظمة أخرى من جهة ثانية يمكن أن يفصل الشعوب العربية عن قضيتها المركزية في فلسطين.

لكنه وإن نجح نسبياً في إشغال سورية بحربها ضد الإرهاب لكنه لم يستطع أن يغير في دعمها المتواصل لنضال الشعب الفلسطيني من أجل استرجاع حقوقه المغتصبة وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.

74 عاماً من النكبة.. فلسطين لم تمت
74 عاماً من النكبة.. فلسطين لم تمت

العد التنازلي بدأ

 

ربما يتوهم الاحتلال بأن قدراته العسكرية يمكن أن تحميه وأن إجراءاته التعسفية في الضفة والقطاع يمكن أن تردع وتمنع الفلسطينيين من المقاومة.

لكنه يتفاجئ في كل يوم بقوة إرادة هذا الشعب وقدرته على استنباط وسائل جديدة للمقاومة ليس آخرها الصواريخ الدقيقة في غزة التي طالت تل أبيب.

الكيان المحتل بدأ يعترف أنه لا يوجد حل مع العمليات الفدائية الفلسطينية، وأن برميل البارود الذي يجلس عليه اشتعل فتيله، وأما توقيت انفجاره فهو مجرد وقت.

يقول بعض الإسرائيليين أنهم لا يتوقعون أن يصل عمر الكيان ثمانون عاماً، ونقول لهم.. فلسطين لم تمت وهي تُبعث من جديد.

عبد الرحيم أحمد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى