الهجرة هاجسهم الأول.. الشباب السوري يعزف عن الزواج جراء تكاليفه الباهظة
الهجرة هاجسهم الأول.. الشباب السوري يعزف عن الزواج جراء تكاليفه الباهظة
أصبح الزواج حلماً صعب المنال لكل شاب سوري بسبب الأوضاع الاقتصادية القاسية التي تمر بها البلاد، وارتفاع أسعار كل شيء، ابتداءً من السلع الغذائية وانتهاءً بالسيارات والعقارات، فتكاليف الزواج بالحد المتوسط تتجاوز 120 مليون ليرة حسب رأي خبراء الاقتصاد.
وأمام هذا الواقع المؤلم للسوريين بشكل عام والشباب بشكل خاص، لم يكن أمام الكثيرين منهم إلا الابتعاد عن فكرة الارتباط وتكوين عائلة خوفاً من مستقبل مجهول لهم ولأطفالهم، ليبقى السفر الهاجس الأول الأهم والذي يسعون إليه بما يستطيعون.
تكاليف مرهقة
يقول “أحمد” شاب يبلغ من العمر 46 عاماً، يعمل أعمال حرّة، يقول إنه لا يفكر بالزواج قط فعندما كان أصغر سناً سرقت الحرب أجمل أيام عمره، أما حالياً وبعد أن أصبحت تكاليف الزواج مرهقة وصل إلى حد العجز وعدم القدرة على تأمين مسكن في ظل ارتفاع العقارات بشكل جنوني.
إضافة إلى ارتفاع الذهب أيضاً بشكل هستيري، مؤكداً أن كل ذلك منعه من الإقدام على تلك الخطوة، حيث لم يعد هناك طموح في هذا البلد، فالأفق مسدود، لا بصيص أمل ولا ضوء يشعّ حتى في آخر النفق.
مغامرة
بينما شبّه المهندس “رائد” 38 سنة الاقدام على الزواج بالمغامرة، ربما تنجح وربما لا، لكنها بحاجة إلى قلب شجاع لمن يريد أن يخطو نحوها، مشيراً إلى أنه يعمل إضافة لوظيفته في شركة خاصة، ومع ذلك لا تكفي مصروفه الشخصي، متسائلاً كيف سيكون الأمر إذا كان هناك زوجة وأطفال، مبيناً أنه في ظل هذه الظروف لم يعد الزواج من أولوياته إلا في حال تغيرت الأمور نحو الأفضل، وما يشغل باله حالياً هو السفر والعمل في الخارج.
اقرأ أيضاً: فرحة العمر تتحول لكابوس.. الغلاء يطيح بأحلام الشباب المقبلين على الزواج
بينما تنتظر الشابة “رهف” نصيبها فهي في منتصف الثلاثينات، مشيرة إلى أن خيارات الفتاة ومتطلباتها تغيرت، خاصة بعد هجرة الكثير من الشباب للخارج، لافتة أنها خفّضت شروط العريس كثيرة، فما كان أساساً في الماضي أصبح ثانوي اليوم كالبيت والذهب وحفلة العرس وغيرها، مضيفة أنها تقبل اليوم بأن تسكن بالإيجار وبدون ذهب، لأن الوضع المعيشي الراهن يحتم عليها ذلك.
متوسط تكلفة الزواج 120 مليون ليرة
بدوره الباحث الاقتصادي الدكتور “عمار يوسف” أوضح لـ كليك نيوز، أن تكاليف الزواج لا تقل عن 120 مليون ليرة للشخص المتوسط مادياً، حيث أن تكلفة أثاث البيت يتراوح بين 50 -55 مليون ليرة، بينما سعر الأدوات الكهربائية تزيد عن 35 مليون ليرة، كذلك سعر غرف النوم والسفرة والصالون وبمواصفات متوسطة، تصل إلى 75 مليون ليرة وربما أكثر.
إضافة إلى موضوع آخر وهو الذهب حيث أن سعر خاتم الزواج يتراوح بين 4-5 مليون ليرة، مؤكداً أن أي شخص في الوقت الحالي غير قادر على تسديد تكاليف الزواج الباهظة، لذلك يعزف الكثير من الشباب عن الزواج.
خجولة جدّاً
وذكر “يوسف” أنه خلال الفترة الماضية لاحظنا أنّ نسبة الزواج كانت خجولة جداً، وتنحصر بأشخاص مضطرين للزواج حيث تربطهم علاقة حب قديمة ولا يستطيعون التأجيل أكثر من ذلك، منوهاً إلى أن تلك الزيجات كانت تتم بمستلزمات بسيطة كالسكن في غرفة متواضعة، علماً أنّ عملية إنشاء الأسرة بحد ذاتها صعبة جداً في الظروف الراهنة.
وأشار “يوسف” إلى موضوع هام وهو المشاركة بين الزوج والزوجة أو الخطيب والمخطوبة على تأمين حاجيات البيت وكذلك مستلزمات الحياة ولو بالحدود الدنيا، بالإضافة إلى مساعدة الأهل للشاب المقبل على الزواج لأنه بدون مساعدتهم سيكون من المستحيل أن يقدم على الزواج ضمن المعطيات الاقتصادية الحالية.
الرغبة بالزواج من شباب خارج البلد
وبين “يوسف” أن الشاب الذي سافر أو هاجر لديه إمكانية مادية كبيرة للزواج، حيث أن الفتيات يرغبون بالزواج من الشباب المسافرين للخارج بحيث يتزوجون، وبعدها يقوم الشاب بإجراءات لمل الشمل من أجل أن تسافر الفتاة إلى البلد الذي يقيم فيه.
مؤكداً أن هذه الحالات تتسبب بمشاكل اجتماعية كثيرة حيث أن الشاب والفتاة لا يعرفان بعضهما مسبقاً، ولا يوجد أي تعامل بينهما، إلا أن الفتاة تقبل الزواج منه على مضض، فقط لأنه موجود في الخارج ولديه إمكانات مادية جيدة تمكنها من حياة كريمة.
وختم “يوسف” بالقول، إن زبدة الكلام في هذا الموضوع بأن الشاب السوري لا يملك في الوقت الحالي القدرة على الزواج بأي شكل من الأشكال إلاّ في حالات استثنائية وقليلة جداً.
ميليا اسبر – كليك نيوز
المقالات المنشورة لا تعبّر بالضرورة عن رأي الموقع