حوالي 3000 مبنى مهدَّد بالانهيار.. الزلزال يكشف عيوب الأبنية المشيّدة في المحافظات السورية
تسببت كارثة الزلزال المدمّر الذي ضرب البلاد ليس فقط في إزهاق أرواح الآلاف، بل في تهديد حياة عشرات الآلاف الآخرين الذين تصدّعت منازلهم.
وأوضح نقيب المهندسين “غياث القطيني”، أن النقابة من خلال فروعها في المحافظات ولاسيما في “حلب – اللاذقية – إدلب – حماة”، قامت بتشكيل لجان فنية بكل فرع نقابة بالتنسيق مع المحافظين ورؤساء المدن والبلديات، للكشف الفوري على المباني المتضررة من تشققات، وتصدعات بالأبنية، إضافة إلى بيان الحالة الفنية لها من حيث الخطورة.
وقال “القطيني” لصحيفة “تشرين” الرسمية، إنه “تم إعداد استمارات وفق دليل العمل الهندسي لفرق التدخل السريع الميدانية، حيث تبيّن هذه الاستمارات درجة خطورة المبنى”.
مشيراً إلى أن “إجمالي عدد المباني التي تم الكشف عليها منذ وقوع الزلزال وحتى الآن، 7724 بناء سكنياً، منها 2500 بناء في حلب، بينما عدد الكشوفات على الأبنية في اللاذقية 2300 بناء، وفي حماة 2237 كشفاً، أما في إدلب فبلغ عدد الكشوف 687 بناء”.
في سياق متصل، أكد المهندس “مالك هوشة” رئيس لجنة السلامة العامة في قرية نهر البارد والمزارع التابعة لها في الغاب بمحافظة حماة، أن “اهتمام لجان السلامة العامة ينصبّ بالدرجة الأولى بهذه المرحلة على تحديد الأبنية المتصدعة التي تشكل خطورة على سكانها وإخلائها لتجنب مخاطر الهزات الزلزالية الارتدادية ريثما يتم تقييم دقيق لوضعها الإنشائي في مرحلة لاحقة”.
وأشار “هوشة”، إلى أن “الزلزال الذي ضرب المنطقة سيكشف الكثير من العيوب في الأبنية المنفذة من الناحية الإنشائية من جهة الدراسة، أو التنفيذ، سواء كان تنفيذ هذه الأبنية من قبل المواطنين أو من قبل مقاولي البناء”.
مشيراً إلى أن هذا “يسمح بالتفكير بالدور المنوط بالجهات الحكومية المعنية بتحقيق الحد الأدنى من شروط السلامة بدراسة وتنفيذ الأبنية السكنية”، لافتاً إلى أن “نقابة المهندسين معنية بهذا الأمر بما يخص الأبنية المرخصة لديها من جهة الدراسة والإشراف على التنفيذ.”
وحول تصميم أبنية مقاومة للظواهر الطبيعية كالزلازل، قال المهندس “هوشة”: “التكلفة تتضاعف في حال رفع شروط السلامة لكن لدينا قواعد ضرورية من الناحية الإنشائية للأبنية مثل معالجة التربة إذا كانت غير صالحة لإنشاء قواعد البناء عليها، وأن تكون القواعد بمستوى واحد واختيار نوع القواعد المناسبة (منفصلة – متصلة – فرشة كاملة) وتنفيذ جدران القص التي تساهم بشكل كبير في مقاومة القوى الأفقية كالزلازل.”
وكشف أن “أغلب التصدعات بالأبنية التي تم الكشف عليها ناتجة عن نقص في عوامل السلامة في مرحلة تنفيذ هذه الأبنية، نتيجة الجنوح نحو التوفير في التكلفة بسبب غلاء مواد البناء مقارنة بالدخل.”
ودعا “هوشه” إلى التوجه نحو دعم مواد البناء (حديد – إسمنت) بما يتوافق مع مستوى الدخل، وهذا يساهم في توفير مساكن تحقق شروط السلامة لأن دعم سلامة المسكن توازي دعم بعض المواد الغذائية والمحروقات.”
إلى ذلك، أكد المحامي “فراس سعيد”، أن” القانون المدني السوري يحمّل المهندس مسؤولية مدنية بالتعويض عن الضرر إذا حصل تهدم البناء نتيجة الزلازل، وكان سبب التهدم ضعفاً في البناء وعدم مراعاة قواعد المتانة في مواجهة الزلازل حتى بعد انقضاء مدة الضمان المحدد بالقانون بعشر سنوات بعد تسليم البناء، لأن مسؤوليته هنا ناتجة عن الخطأ في التزام معايير السلامة ومقاومة الزلازل، وهي مسؤولية لا تنتهي بانتهاء عشر السنوات”.
ولفت المحامي “سعيد”، إلى أن “المادة 550 من قانون العقوبات تنص على أن أي خطأ يرتكبه المقاول أو المهندس المدني أو المشرف على عمليات البناء والإنشاء إذا خالف التعليمات الخاصة بضمان متانة الأبنية ومقاومتها الزلازل حسب القوانين المرعية ونجم عن خطئه انهيار البناء في مواجهة الزلازل، فإنه يتحمل المسؤولية الجزائية عن هذا الخطأ.
في السياق، كشفت لجنة السلامة العامة في دير الزور، على 40 بناءً متضرراً سابقاً ضمن أحياء المدينة حيث زاد ضررها نتيجة الزلزال، وتبين وجود عشرة أبنية تشكل خطراً على السلامة العامة، بينها أربعة أبنية مأهولة، أخليت فوراً بعد تأمين سكن مؤقت لقاطنيها ريثما تعالج مكامن الخلل والتدعيم لعدد منها فيما يُزال عدد آخر.
وفي دمشق، قال نائب رئيس المكتب التنفيذي في المحافظة المهندس “علي المبيض”، لإذاعة “شام اف ام” إنه تم تشكيل أكثر من 30 لجنة هندسية من محافظة وجامعة دمشق ونقابة المهندسين مهمتها الكشف على المنازل التي يقوم المواطنين بالإبلاغ عن وجود أي حالة تصدع أو تشقق أو أي شيء في المنزل.
حيث تم الكشف على أكثر من 1000 منزل في دمشق، مشيراً إلى أن المحافظة خصصت خط ساخن لتلقي طلبات المواطنين على الرقم 196، يتم تلقي الاتصالات عليه وعنوان ورقم طالب الكشف، ويتم توجيهها إلى اللجان المختصة للكشف على العقارات وتقييم الحالة الإنشائية، وتقديم الدعم الفني والمشورة الفنية لأصحاب هذه العقارات وإذا اضطر الأمر لإجراء تجارب يتم من قبل مخبر نقابة المهندسين.
وكان العديد من خبراء الاقتصاد، قدروا عدد الأبنية المنهارة بحوالي 150 بناء تحوي أكثر من 500 شقّة سكنية، إضافة إلى حوالي 3000 مبنى مهدَّد بالانهيار.
يذكر أن الزلزال الذي ضرب سورية فجر 6 شباط الجاري أدى إلى وقوع 1414 وفاة و2357 إصابة، حسب الحصيلة النهائية لضحايا الزلزال.
اقرأ أيضاً: بالأرقام.. حجم الخسائر التي خلفها زلزال 6 شباط في سورية