الطلاق الفيسبوكي
الطلاق الفيسبوكي غياب متكرر وطويل، يتبعه شرود وعدم اهتمام بالطرف الآخر، حصيلة الجلوس لفترات طويلة أمام مواقع التواصل الاجتماعي من قبل الأزواج، ما جعل منها ملجأ لقضاء وقت من السعادة مع أشخاص آخرين، والهروب من مسؤوليات الحياة الزوجية التي أفضت للانفصال لدى الكثيرين.
ارتفاع ملحوظ
وفي العودة لما تم إعلانه من قبل المحاكم الشرعية عن نسب الطلاق الأخيرة والمسجلة ضمن إحصائيات العام الماضي البالغة ٥٠% من نسب حالات الزواج، تبين بأن السبب الكامن وراء طلبات التفريق الواردة للمحاكم هي اقتصادية واجتماعية وثقافية حسب تأكيدات القاضي المستشار “وليد كلسلي”، كاختلاف البيئة وبلد الإقامة وظهور حالات تسلط وفرض قيود لاإنسانية من قبل الزوج ضد زوجته، وبروز علاقات بنيت بالأساس على المنفعة المادية بعيداً عن العواطف والمحبة.
وأشار “كلسلي” إلى أن ظهور وسائل التواصل الاجتماعي وتطورها أدى لارتفاع هذه الحالات العائدة للخيانات من قبل الطرفين، أمام التطور في وسائل الدردشة والمراسلة وارسال مقاطع لا أخلاقية، والتي استخدمت لغير غايتها الأساسية والقائمة على تعزيز التواصل والحصول على المعلومة بسرعة قصوى.
الطلاق الفيسبوكي نزوة افتراضية
“الفيسبوك كان السبب وراء عودتي لحبي الأول”، هذا ما روته “سماح علي” أم لثلاثة أطفال، بعد قبولها لطلب صداقة عبر صفحتها الشخصية حاملاً معه قصصاً ومشاعر قديمة مرتبطة بمرحلة المراهقة التي تزامنت مع معرفتها لشخص وحبها له، دون الحصول على فرصة للارتباط به.
“ما شعرت به للوهلة الأولى هو حالة من الخوف والذعر”، حالة “سماح” بمجرد تذكرها تلك اللحظات وعودتها لواقعها الجديد والذي أنتج أطفالاً وزوج ومسؤوليات اجتماعية وعائلية أيضاً، لكن كل ذلك لم يقف عائقاً أمام القدر الذي ساقها من جديد لنفس المكان واختيارها الانفصال إثر معرفة زوجها مجدداً بعلاقتها به عبر الانترنيت.
كما لشعور الملل والروتين الذي يرافق الحياة الزوجية المليئة بأعباء جديدة والتزامات لم تكن سهلة بالنسبة لـ “ريم محمود” أخذ بها إلى جلسات الدردشة ضمن مجموعات افتراضية ومناقشة قضايا وتقاطعها مع آراء أخرى ووقوعها ضحية إعجابها بحب جديد من شخص افتراضي، قادها لما كان يخيفها وهو الانفصال والرجوع إلى مرحلة جديدة من الحياة دون زوج.
خيانة مقصود
في حين كان لحالات الطلاق المنتشرة في المجتمعات العربية والتفكك الحاصل نتيجتها خطراً حقيقياً يهدد كيان الأسر العربية برأي المحامي “محمد عبد الله”، بل تحول لكابوس يؤرق الكثير ويعود لسوء الأخلاق والتدهور القيمي الذي طال المجتمع السوري، وتراجع الرغبة بالاستقرار والتضحية من أجل الزوج والأبناء لصالح قيم رديئة كملاحقة المظاهر وانعدام سبل العيش.
كما للجوء بعض الأسر لتزويج بناتهم بسن مبكر والتخلص من مسؤولية الإنفاق عليهم، مدعاةً للانهيار الكامل والتفكك التام في أسس وأركان المنظومة الأسرية ضمن المجتمع، والذي أفرز طوابير من النساء المطلقات والأطفال لاستفحال ظاهرة الطلاق.
وتابع “عبد الله” قائلاً: “إدمان وسائل التواصل الاجتماعي مرض نفسي سببه الفراغ العاطفي وغياب لغة الحوار واستخدام منصات الفيسبوك و الواتساب ما دفعهم للتقصير في أداء واجباتهم وخلق الكثير من المشاكل الأسرية”.
بدورها، أوضحت الباحثة الاجتماعية ومديرة “أكاديمية السلام ضد العنف ونشر السلام العالمي والوعي الثقافي في سورية “مجد آلوسي” أن اختلاف الأولويات بين الزوجين، وكثرة العنف هي أحد أسباب الطلاق المنتشرة، لأن العدوانية تؤدي إلى نزع الحب والاحترام من العلاقة الزوجية مما يجعلها أقرب الى علاقة جحيم سواء كان العنف لفظي كالسب والسخرية والانتقاد اللاذع أو جسدي كالضرب مما يدفعها إلى التفكير في الخلاص من خلال اللجوء إلى الطلاق بالإضافة لتدخل الأهل سواء من عائلة الزوج أو عائلة الزوجة في تفاصيل الحياة الخاصة بين الزوجين، مشيرة إلى أن تقصير الطرفين في واجباتهما التي تقع على عاتقهما من أهم أسباب الطلاق أيضاً.
يمكنك متابعة صفحتنا على فيس بوك
بارعة جمعة