وعود سنوية لإنقاذ موسم الحمضيات.. تعب المزارع يحصده التجار وحسرة سنوية تتجدد مع كل موسم
وعود سنوية لإنقاذ موسم الحمضيات.. تعب المزارع يحصده التجار وحسرة سنوية تتجدد مع كل موسم
مع بداية موسم الحمضيات، نجد أن العناوين المتعلقة “بالجهد الحثيث” و”الهبة الحكومية”، لحل مشكلات التصدير والنقل وارتفاع التكاليف، تتصدر الوسائل الإعلامية، ما يوحي بأن الفلاح بات “في جنة”، و”الحكومة ستحمل منتجي الحمضيّات على كفوف الراحة”، وأن كل التسهيلات والدعم لتسويق محصوله أصبحت جاهزة، لكن سرعان ما يصطدم بحقيقة “الوعود الفاشلة”، و”التجربة المريرة التي تتكرر وتفرض نفسها كل عام”، ليكون في المحصلة “المزارع ضحية، فيما التاجر هو الرابح الأكبر”.
وفي هذا السياق، بين العديد من المزارعين، أن كلفة كيلو الحمضيات، تصل إلى 1500 ليرة دون أجور نقل وعبوات وعمولة سوق الهال، في حين تصل كلفته مع العبوة إلى ألفي ليرة، مشيرين إلى هامش الربح الضعيف والخسارة الكبيرة التي يتلقاها المزارع الذي يسوق إنتاجه إلى سوق الهال بسبب ضآلة الكميات التي تستجرها السورية للتجارة.
وأشار المزارعون، إلى غلاء العبوات البلاستيكية والفلين، مبيّنين أن سعر الفلينة الجديدة سبعة آلاف ليرة، في حين أن سعر المستعملة منها خمسة آلاف ليرة، وسعر عبوة البلاستيك سعة 8 كيلو ثلاثة آلاف ليرة، بينما التي تتسع لكمية 11 كيلو يصل سعرها إلى أربعة آلاف ليرة.
اقرأ أيضاً: تفوق قدرة السواد الأعظم من السوريين.. أسعار المكسرات تلتهب مع نهاية العام
كذلك ارتفاع أجور النقل إلى سوق الهال، إذ تصل كلفة نقل السيارة إلى مئتي ألف ليرة مهما كانت حمولتها، إضافة إلى العمولة التي يتقاضاها تجار سوق الهال المحددة بالقانون 5 % بينما يأخذونها 7%.
واشتكى المزارعون، عدم توفر الأسمدة “كالبوتاس” الذي لم يمنح لهم منذ ثلاث سنوات، علماً أنه مادة رئيسية للشجرة، وسماد “اليوريا” الذي لم يوزع من المصرف منذ سنتين ما أضعف الإنتاج، إضافة إلى الشكوى من عدم كفاية سماد “الفوسفور” الذي وزع بكميات قليلة جداً.
وعلى المقلب الآخر، خرجت الجهات المعنية لتبرير الواقع وفق إمكانياتها، حيث أشار رئيس اتحاد فلاحي طرطوس “فؤاد علوش”، إلى أن التسويق بدأ في المحافظة في 130 مركزاً المنتشرة في مختلف مناطق طرطوس بما فيها أسواق الهال.
وأكد “علوش”، أن التسويق خاسر، لأن الأسعار التي يسوّق بها المزارعون لا تعادل الكلفة الحقيقية المتضمنة الزراعة والسقاية والجني، ونتيجة تدني الأسعار يوجد فائض بالسوق المحلي.
وطالب رئيس الاتحاد بتأمين مستلزمات الإنتاج، وتحديداً مادة المازوت الزراعي وسماد اليوريا والسوبر بكميات كافية، بما ينعكس إيجاباً على سعر المادة.
اقرأ أيضاً: الشمسيات المطرية تسجّل أسعاراً قياسية تزامناً مع بدء الشتاء
بدوره، أوضح رئيس الرابطة الفلاحية في طرطوس “نسيم نعمان”، أن عدد الجمعيات المنتجة للحمضيات يصل إلى حدود 25 جمعية في سهل عكار، ومناطق يحمور والهيشة ومجدلون البحر وسهل ميعار شاكر والمنطار، إضافة إلى زراعة الحمضيات في حقول صغيرة متفاوتة الإنتاج كالجماسة والصفصافة وبحوزي.
وأكد “نعمان”، لصحيفة “البعث” الرسمية، أن الأسعار في السوق رديئة وتصل 2500 ليرة للكيلو، موضحاً أن تسويق السورية للتجارة ما زال خجولاً وبطيئاً وليس بالحجم المطلوب.
بدوره، أشار رئيس لجنة مصدّري الحمضيات “عدنان ريا”، إلى أن كمية الحمضيات المنتجة لهذا العام جيدة، حيث إن هناك زيادة عن العام الماضي بحدود 25%، في حين أن النوعية أقل جودة بسبب ضعف الاهتمام من قبل المزارع لعدم توفر مستلزمات الإنتاج وارتفاع ثمنها وارتفاع أجور العمال، لافتاً إلى أن الخدمة الحالية لشجرة الحمضيات تنفع كمنتج محلي وليس للتصدير.
وأشار “ريا”، إلى أن أسواقنا تستهلك 50 % من المنتج من خلال تجار ووسطاء وبعض الفلاحين والسورية للتجارة، ولأن الكميات كبيرة تستدعي التصدير الخارجي، لافتاً إلى ضرورة الاهتمام والدراسة الجدية بموضوع الحمضيات على أن يسوق داخلياً ويصدّر خارجياً ويستعمل صناعياً كعصائر.
بدوره، أوضح مدير فرع السورية للتجارة في طرطوس “محمود صقر”، أن التسويق بدأ منذ شهر ونصف وسيستمر حتى نهاية الموسم في نهاية الشهر الخامس، حيث سوق الفرع لتاريخه كمية تفوق المئة طن، مبيناً أنه يتم استجرار كافة الأنواع والأصناف المنتجة كالحامض وأبو صرّة والكريفون والبوملي والقشريات كالكرمنتينا.
وأضاف “صقر”، أن السورية للتجارة تسوّق الكميات القادرة على تصريفها، لافتاً إلى أن تسويق كميات كبيرة يشكل عبئاً وخسارة.
ختاماً نشير، إلى أن الأمر المثير للاستغراب، هو أن “الحكومة” تستنفر مع كل موسم لحل مشكلة الحمضيات، وكأنّها تحدث للتو، وتبدأ بإصدار قرارات “الأسعار وبرنامج دعم الحمضيات وخطط التصدير وإنشاء معمل العصائر، وغيرها من العناوين”، والتي بقيت جميعها حبراً على ورق واستمر نزيف الفلاحين، فيما تستعر الأسعار في الأسواق لمصلحة التاجر!! وهو ما يستدعي حقيقة البدء بالبحث عن أسباب المشكلة التي تمتد لسنوات طويلة وعلاجها، بدلاً من الاستمرار بإصدار “الخطابات التي لا تغني ولا تثمر”.
المقالات المنشورة لا تعبّر بالضرورة عن رأي الموقع