من المناطق العشوائية إلى المنظمة.. السكن المشترك وسيلة لمواجهة الغلاء
دعوات كثيرة وتساؤلات متكررة تتردد في مسامع المواطن حول وجود منازل للإيجار، كما تعدت السؤال وصولاً لنشر الإعلانات الفيسبوكية ضمن شروط محددة وطابع مختلف، تبرره الأرقام الخيالية التي تسجلها عقارات دمشق بشكل يومي، ما دفع العديد من الشبان للبحث عن سبل تقليل المصاريف، لتغدو فكرة السكن الجماعي الحل الأمثل لهم، الذي امتد ليشمل الفتيات أيضاً، ممن رضخن لفكرة العودة له، تحت وطأة العوز الاقتصادي.
حل بديل
مفرزات الحرب وتبعات الأزمة، لقب يطلقه الخبراء على أي ظاهرة جديدة نشأت خلال سنوات الأزمة، والتي شملت بدائل كثيرة كالتي وصل إليها الطلبة بعد حالة من الرفض الكبير لها قبل الأزمة، واقتصارها على السكن الجامعي فقط.
فما يطلبه أصحاب العقارات من مبالغ صادمة حسب تعبير الطالب “علي حيدر”، فتح المجال لحسابات أخرى جعلته هو ومن معه في دائرة القبول والرضا لهذا الأمر، آخذين الأمر من مبدأ تخفيف الأعباء للجميع.
فيما تمتد هذه الرؤية التي وصفتها “أروى محمد” بالمنطقية حيال صعوبة تأمين غرفة واحدة لها، حتى ضمن الأحياء الدمشقية التي عرفت سابقاً بالأقل تكلفة لجهة الإيجارات.
هم مشترك
لعل أكثر ما يخفف هواجس المقبلين على هذا الحل، دورانهم ضمن حلقة واحدة مفادها الهم الواحد، والتي بررت للشاب “علاء إبراهيم” إقدامه على هذه الخطوة الأقل صعوبة أمام التفكير بنفقات فواتير المياه والكهرباء والانترنيت، عدا عن متطلبات الحياة الأخرى، والتي لم يعد بمقدور أي طالب القيام بها لوحده.
وفي موازاة هذا التفكير، يجد زميله “محمود العبدلل”ه، الذي اشتكى سوء المزاج العام لزملائه، أنه رغم هذه الثغرة التي تسود أي تجمع سواء كان شبابي أم عائلي، يبقى للتشاركية أثرها الايجابي وسط تشابه الهموم والمشاكل المعيشية لهم.
ظروف قاهرة
وإذا ما عدنا للأسباب الرئيسية التي تقف خلفها نشوء مثل هذه الظواهر، سنجد حتماً منعكسات اقتصادية فرضتها ظروف صعبة جعلت من ذوي الدخل المحدود والمهجرين والطلبة الأكثر اندفاعاً لهذا الخيار، الذي بات أكثر أماناً لهم.
وبحسب التصنيف الأخير الذي تصدرت فيه مدينة دمشق القائمة بصفتها الأعلى لجهة أسعار العقارات من حيث متوسط الدخل العائلي السنوي في عام 2022، الذي رافقه غلاء كبير في الأسعار، يجد “فادي مرزوق” صاحب مكتب عقاري بأن خضوع الغالبية لهذه المعايير ما هو إلا نتيجة حتمية لهذه الظروف الصعبة، والتي قادت الكثير من ذوي الدخل المحدود للقبول بمبدأ الشراكة لاسيما الشباب منهم، فيما لازال حتى اليوم ظهور حالة من الطلب لدى الفتيات نوعاً من الغرابة، التي باتت تحتمل وصول قسم كبير منهن لهذا الحل أيضاً.
ويضيف: “أكثر ما يسعف الشباب لهذا الأمر، هو حرصهم على امتلاك مدخرات تساعدهم في الأوقات الصعبة، عدا عن التزامهم بشراء مستلزماتهم من ألبسة ومقتنيات شخصية”.
فوضى حتمية
وكما لكل ظاهرة إيجابياتها التي تمثلت في تخفيف الحمولة وتقاسمها مع الجماعة، لابد أن تحمل وجهاً آخر برأي “مرزوق”، فكما هو معروف بأن غالبية الأسر الراغبة بالاستئجار والاستقرار ضمن شقة، تتجنب البحث بالقرب من مناطق السكن المشترك، سواء للفتيات أو الشباب، لمعرفتهم السابقة بما يصدر عنهم من سلوكيات مزعجة، أخذت صفة العمومية، ابتداءً بالأصوات العالية وانتهاءً بالخلافات التي لا تنتهي بينهم، عدا عن الخلافات المادية التي برزت بقوة لدى الكثير، أمام ارتفاع تكاليف المدفوعات لقاء تفاوت في الإسراف من البعض والتقنين من البعض الآخر.
وأمام كل ما يواجه المواطن من تحديات ومضاعفات للأزمة، لاتزال مشكلة تأمين السكن للفرد أو العائلة هاجساً لا يغيب عنه، وسط تراوح الإيجارات في بعض المناطق العشوائية بين 300 و500 ألفاً، فيما تجاوزت في مناطق أخرى هذه الأرقام لتلامس المليون ليرة، وسط تراجع حاد في حركة البيع والشراء ضمن سوق العقارات بصورة عامة.
بارعة جمعة – كليك نيوز
اقرأ أيضاً: رئيس مجلس الشعب يتعرض لحملة من الانتقادات بعد ردّه على نائب ينتقد الحكومة!!