ملف “الدعم” يعود إلى الواجهة مجدداً.. هل اقتربت الحكومة من التخلص منه نهائياً؟
عاد ملف الدعم في سورية إلى الواجهة مجدداً، “والذي أساساً أصبح شكليا”، حيث توحي مؤشرات جديدة بأن الحكومة في طريقها للتخلي عن “مظلة دعم” بعض المتبقين في دائرته.
وفي هذا السياق، قال عضو لجنة الموازنة في مجلس الشعب “محمد زهير تيناوي”، إن المواد الأساسية لا زالت ضمن قائمه الدعم، وبنود دعم الدقيق والسكر والأرز لا تزال موجودة ولم تحذف، وإنما جرى توحيد لهذه البنود ضمن بند واحد وهو البند الرابع بالنفقات التحويلية تحت مسمّى الدعم الاجتماعي والتي بلغت 6210 مليارات ليرة سورية، وبالتالي الدعم مستمر للمواد الغذائية وبعض المشتقات النفطية للشرائح التي تستفيد من الدعم.
وأشار “تيناوي” وفق ما نقلت صحيفة “البعث”، الرسمية، إلى أن موضوع إعادة توزيع الدعم الذي تنتهجه الحكومة يهدف لإعادة توزيع الدعم وإيصاله لمستحقيه، مبيناً أن هناك بعض الشرائح أكثر راحة من غيرها، لذلك يجب أن يوجّه الدعم إلى صغار الكسبة وذوي الدخل المحدود والذين هم الأكثر حاجة لدعم الخبز والسكر والأرز والمازوت، وما يؤكد ذلك أن ربطة الخبز لا زال سعرها 200 ليرة سورية لمستحقي الدعم.
وحول إمكانية استبعاد شرائح جديدة من الدعم، لفت عضو لجنة الموازنة، إلى أنه لم يرد في مشروع الموازنة موضوع الاستبعاد من الدعم، لكنه خلال المناقشة والمداخلات طرح سؤال عن ذلك لوزير المالية، ولم يكن هناك جواب صريح، لكن الحكومة تدرس باستمرار موضوع الدعم وإيصاله إلى مستحقيه، ومن الممكن أن يرفع الدعم عن شرائح معينة مستقبلاً وشرائح أخرى قد يعاد إليها الدعم، وذلك حسب واقع الحال.
اقرأ أيضاً: ازدياد حالات العنف ضد النساء خلال الحرب.. كيف يرى أهل الاختصاص واقع المرأة السورية؟
من جهته، بين الخبير والمستشار الاقتصادي الدكتور “فادي عياش”، أن الأهم في سياسة الدعم هو الانتقال من دعم سلعة إلى دعم المستهلك الأكثر عوزاً للسلعة، لأن في ذلك تحقيقاً أكبر للعدالة الاجتماعية من خلال إيصال الدعم لمستحقيه، وهذا من شأنه تقليل الهدر وتخفيض عجز الموازنة.
وأوضح “عياش”، أن التوجّه العالمي يركز على دعم المخرجات وليس دعم المدخلات، سواء في الإنتاج أو التصدير، ويطبق الدعم النقدي عوضاً عن الدعم العيني، وكذلك يطبق دعم المستهلك المستحق عوضاً عن دعم السلعة، وهذا أقدر على تحقيق توازنات الكمّ والنوع والعدالة.
وأضاف، بذلك يتمّ القضاء على الكثير من الهدر وشبهات الفساد والإثراء غير المشروع عبر الإتجار بالدقيق المدعوم وتخفيض مؤثر في عجز الموازنة أيضاً، وينعكس ذلك إيجاباً على صناعة وجودة الرغيف، مؤكداً أن شرط نجاح هذا التوجّه هو القدرة على تعويض المستهلك النهائي والمستحق الفعلي للدعم.
بدوره، بيّن عضو مجلس الشعب “أحمد طراف”، حول إمكانية إخراج المواد الأساسية من الدعم، أنه لا يمكن الخوض في تفاصيل الموازنة العامة، لأنها لا تزال مشروعاً، ولم تقرّ من مجلس الشعب حتى الآن، مبيناً أنه تتمّ مناقشة مشروع الموازنة من قبل لجنة الموازنة المختصة، وهي التي تحدّد مسار المناقشة قبل العرض تحت قبة المجلس، ومن المبكر الخوض في هذه النقطة.
وتابع “طراف”، أن ردّ المجلس يكون حسب قناعاته بواقع احتياجات الوزارات، وهذا مرتبط بالواقع الاقتصادي الحالي في البلد، ومدى قدرة اللجان الوزارية على إقناع المجلس برؤيتها للميزانية في العام القادم، مؤكداً أن الخبز لا يزال خطاً أحمر بالنسبة للشرائح المدعومة، وهذا توجّه عام للحكومة.
يذكر أن سورية تبنَّت على مدار العقود الماضية، سياسة تقديم الدعم لمواطنيها في مجالات عدة، غير أن الأزمة التي عاشتها البلاد، جاءت لتضيف عبئاً مالياً جديداً على عاتق الخزينة العامة، ما جعل معظم الحكومات المتعاقبة تفكر في التخفيف وحتى التخلص نهائيا من هذا الدعم.
وشمل الدعم الحكومي في سورية، عبر تاريخه، دعم السلع الأساسية من السكر والأرز، ودعم المحروقات والخبز والكهرباء والصحة والتعليم، والتي أصبح جميعها اليوم شبه مغيبة عن أولويات الحكومة، التي اتجهت لرفع أسعارها جميعاً بنسب كبيرة هددت معيشة أغلب الأسر السورية، وباتت الفجوة عميقة بين الرواتب وكافة الأسعار.
وكانت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، أعلنت في منتصف شهر كانون الثاني الفائت للعام الجاري 2023، عن دورة للمواد المدعومة شملت “سكر، رز، زيت نباتي، برغل، متة”، وهي آخر دورة تم الإعلان عنها.
هذا وسجل سعر السكر في الأسواق 14 ألف ليرة والأرز 23 ألف ليرة، والزيت 24 ألف ليرة لليتر الواحد، والمتة نصف كيلو 30 ألف ليرة، والبرغل 10 آلاف ليرة.
المقالات المنشورة لا تعبّر بالضرورة عن رأي الموقع