لم يبق من “بسطات الفقراء” إلا اسمها.. خبير اقتصادي: لا يمكن في الوقت الراهن تنظيمها
في الوقت الذي سجلت فيه أسعار الألبسة خلال العامين الأخيرين ارتفاعاً غير مسبوق، كانت البسطات التي تنتشر في الشوارع الملاذ لمن تقطّعت بهم السبل من المواطنين العاجزين عن الشراء من المحلات.
ورأى الخبير الاقتصادي الدكتور “حسن حزوري”، أن تنامي وسرعة انتشار البسطات في سورية يعود لأسباب عديدة في مقدمتها نتائج الحرب، وتدهور الوضع المعيشي للسكان وزيادة الفقر، وعدم كفاية الدخل الرسمي للعاملين بأجر ولاسيما في القطاع الحكومي.
وأكد “حزوري” في حديث لصحيفة “الوطن” المحلية، أن البسطات ترتبط غالباً بمعدل البطالة والفقر بشكل وثيق في أي بلد، وعلى الرغم من أنها تمثل فرص عمل متناثرة، لكنها تشكل بمجموعها حركة اقتصادية تسهم بشكل كبير في تنشيط مختلف جوانب الإنتاج الزراعي والصناعي لكونها تعتبر أبواب تصريف كثيرة وواسعة وقادرة على زيادة حجم المبيعات.
واعتبر “حزوري” أنه ونظراً لكون البسطات، غير مسجلة في الدوائر الرسمية وغير محسوبة الأعداد، فإنه يصعب التنبؤ بشكل دقيق بمقدار مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي للمدينة أو الدولة، كما تشكل هذه الظاهرة، إشكالية بالنسبة للجهات الرسمية من ناحية كيفية ضبطها أو التقليل من الآثار السلبية الناجمة عنها، خاصة التلوث والاختناقات المرورية وسط المدن الكبرى، والصراع بين أصحاب هذه البسطات وأصحاب المحلات التجارية.
اقرأ أيضاً: العيد يطرق الأبواب.. العادات والطقوس المعتادة تختفي في سورية
وأوضح أن البسطات تعد واحدة من أشكال اقتصاد الظل التي يتم الحصول من خلالها الحصول على مكاسب مادية من دون أن تخضع للنظام الضريبي، ولهذا يفضلها الكثيرون، لكونها مربحة ولا يخضع لأي ضريبة أو رسوم أو تكاليف، وذلك في حال تم استثناء ما يدفع أحياناً لموظفي البلدية للسماح لصاحب البسطة بالبقاء أو لعدم مصادرة البضاعة.
واعتبر “حزوري”، أنه على الرغم من أهمية البسطات ودورها في تأمين فرص العمل وتحسين الدخل وتصريف المنتجات الصناعية والزراعية، إلا أن لها سلبيات كبيرة أيضاً، منها عدم وجود أي رقابة على السلع المباعة فيها، فقد تكون مجهولة المصدر، ومضرة بالصحة العامة، أو مهربة، أو غير صالحة للاستهلاك ولا يوجد فيها أي ضمان، وبالتالي لا يستطيع المواطن من خلال البسطة ضمان حقه في ملاحقة من يبيع مواد مغشوشة أو مضرة بالصحة العامة.
وأكد الخبير الاقتصادي، أنه لا يمكن بالوقت الراهن ونتيجة الحرب، تنظيم هذه البسطات مثل الدول المتقدمة، لأسباب عديدة، في مقدمتها، الوضع الاقتصادي وعدم قدرة الحكومة أو القطاع الخاص على خلق فرص عمل إضافية أو تأمين دخل يؤمن الحد الأدنى من المستوى المعيشي لحياة كريمة، إضافة إلى عدم توافر ساحات كافية في المدن لتمركز البسطات فيها.
يذكر أن هناك عشرات البسطات التي تنتشر في شوارع دمشق، تبيع جميع السلع والبضائع من مواد غذائية وألبسة وأحذية وأدوات مطبخية ومستحضرات تجميل، وشواحن وإكسسوارات للموبايلات، وحتى بسطات للموبايلات المستعملة.
وهناك نوعان من باعة البسطات، الأول يضم الفقراء محدودي الدخل أو حتى معدميه ممن لا يجد قوت يومه، ويضطره ذلك لامتلاك بسطة في أحد شوارع المدينة بحثاً عن مصدر رزق، أما النوع الثاني فيشمل التجار وأصحاب المحال التجارية التي إما يملكون بسطة ويديرونها بواسطة عامل وإما يستغلون الرصيف المحاذي لأبواب محالهم لعرض بضائعهم.
وبينما تلقى تلك البسطات إقبالا كبيراً من المواطنين، غير أنها أصبحت خلال العامين الأخيرين تجاري في كثير منها الأسواق بأسعارها، ولم يبقَ من شعارها “بسطات الفقراء”، إلا الاسم فقط وفق ما يؤكد المواطنون، وسط غياب تام للرقابة.
وتقوم محافظة دمشق بين الحين والآخر، بحملات لإزالة تلك البسطات، ومصادرة موجوداتها، بحجة تشويهها للمنظر الحضاري، وكان محافظ دمشق المهندس “طارق كريشاتي”، أعلن في آذار الفائت، أنه ستتم إزالة كل البسطات من مدينة دمشق، كاشفاً أن مديرية الأملاك تحضر 11 ساحة تفاعلية سيتم نقل كل البسطات المرخصة إليها لتكون مدينة دمشق خالية من أي بسطة غير مرخصة، مشدداً على أنه ستتم إزالة كامل البسطات غير المرخصة من مدينة دمشق.
المقالات المنشورة لا تعبّر بالضرورة عن رأي الموقع