رمضان في حوران.. غياب الطقوس الاجتماعية المعتادة خلال الشهر الفضيل
يحمل شهر رمضان المبارك معه أجواء دينية وروحانية واجتماعية مميزة، إضافة إلى مجموعة من العادات والتقاليد الاجتماعية والأسرية التي تجعل منه شهراً مميزاً ومختلفاً عن بقية أشهر السنة، لكن هذا العام غابت معظم هذه الأجواء بسبب غلاء الأسعار والوضع المعيشي الصعب في بلدات وقرى حوران.
حيث تحدث “جميل عبد الله” أحد كبار السن في مدينة درعا، لـ “كليك نيوز”، عن تغير وتقلص عادات الشهر الفضيل قائلاً: “أول إشارة لبدء شهر الصوم سابقاً في المحافظة تكون عبر إطلاق مدفع رمضان لعدة مرات متتالية على طلعة البلد، حيث يتم الحديث عن إثبات الشهر الكريم، ويعلو التكبير في المساجد وفي الشوارع ويتبادل الناس التهاني ببدء شهر الرحمة والخير والبركة، وهم يتبادلون عبارات “طاعتكم مباركة” أو “كل عام وأنتم بخير”.
لكن “اليوم تغير الحال، ذهب مدفع رمضان مع دخول الأزمة للمحافظة، وتغيرت العادات، وتقلص تحضير الاحتياجات من مواد غذائية، وغابت الكثير من الأمور والعادات التي كنا نمارسها خلال الشهر منها تحضير الوجبات الكبيرة والحلويات والتمور والمشروبات، لكن لا يسعنا أن نقول إلا، الله يفرجها على البلد بهذه الأوضاع الصعبة المعيشية، بصراحة من له ابن في الخارج يستطيع أن يحضر احتياجات كاملة فقط”.
اقرأ أيضاً: حلب تفتقد رائحة الشواء في رمضان هذا العام
وعن غياب الطقوس والعادات الاجتماعية والتي تتسم بالألفة ونشر المحبة خلال رمضان تحديداً، يقول الخمسيني “جمال عياش” من سكان مدينة درعا لـ “كليك نيوز”، أنه “عادةً يحمل اليوم الأول وفي كل يوم جِمعة من الصيام، عادات وتقاليد مميزة عند معظم الأسر، وكما هو متعارف عليه يجتمع أفراد الأسرة الواحدة في اليوم الأول في بيت كبير العائلة، سواء أكان ذلك عند الوالدين أم عند الأخ الأكبر لتناول طعام الإفطار”.
لكن “هذه العادة اندثرت اليوم لأن أقل وجبة إفطار لعدد من العائلات تكلّف أكثر من 300 ألف ليرة، حيث كان يلتم شمل العائلة على مائدة الإفطار، ويجتمع الإخوة والأبناء والأحفاد بما فيهم القادم من السفر، وكانوا يواظبون على هذا التقليد، ويصرون على تناول طعام الإفطار في اليوم الأول مع الإخوة والأهل في طقس اجتماعي محبب لدى معظم أبناء المحافظة”.
وأضاف “عياش”، “أما خلال أيامنا هذه وجراء الغلاء الفاحش لجميع السلع والمواد الغذائية، اقتصرت جمعة الأهل على عدد معين وقليل، أو إرسال “فروج نيء” الى الأخوات البنات”.
كذلك قال “محمد الموسى” وهو من سكان بلدة “زيزون” من أهم العادات التي انقرضت وغابت بشكل ملحوظ في رمضان هذا العام، ما يعرف بـ “السكبة” بين الجيران سواء بالريف أو المدينة.
اقرأ أيضاً: مشروبات رمضان في حمص.. غلاء في الأسعار وتراجع في الطلب
وشرح قائلاً “كانت تقوم كل أسرة بإرسال جزء من الطعام الذي تم تحضيره للإفطار إلى الجيران في البناء أو في الحي وعلى مدار الشهر، ويتبادل الجيران إرسال الطعام إلى بعضهم بعضاً وبشكل يومي، حتى أن الفقير الذي لديه القليل من الطعام يكاد لا يصل إلى موعد الإفطار إلا وقد اجتمع على مائدته مختلف أنواع الأطعمة والجميع يقول ويكرر العبارة المشهورة “رمضان كريم” والتي لها خاصيتها المميزة”.
وأضاف” هذا العام غابت “السكبة” وتكاد تكون معدومة وذلك بسبب ضعف القدرة الشرائية للمواطنين وارتفاع الأسعار الجنوني”.
من جهته مختار مدينة درعا “أبو مؤمن محاميد”، وخلال حديثه عن العادات والطقوس الغائبة في رمضان 2023، قال “ثمة مظاهر وعادات تختلف بين منطقة وأخرى، تضفي أجواء اجتماعية محببة ينتظرها الناس كل عام، ويتحضرون لها ويحرصون على التمسك بها ولعل استقبال الشهر الفضيل هو من بين تلك العادات والتقاليد التي كانت ومازالت موجودة بأجوائها المميزة، والتي إن اختلفت أو تضاءلت كثيراً عما كان عليه الأجداد والآباء إلا أنها تبقى موجودة وخاصة لدى كبار السن”.
في حوران اليوم اختلف استقبال الشهر الكريم والاستعداد له، حيث كانت العائلات قبل أيام تقوم بالتحضر والاستعداد وشراء المواد الغذائية والاحتياجات الضرورية التي يكثر استخدامها خلال شهر الصوم وتزيد وتيرة الاستعداد مع اقتراب موعد قدوم “رمضان”، وأصبحت الاستعدادات تخف رويداً رويداُ وبأبسط الأمور، حيث تلاشت بنسبة كبيرة هذا العام جراء قلة الدخول وضعف القوة الشرائية للمواطنين عموماً وارتفاع الأسعار كثيراً”.
هيثم علي – كليك نيوز