توحيد البوصلة نحو الضحايا حتى لا يكونوا أرقام متلاحقة
توحيد البوصلة نحو الضحايا حتى لا يكونوا أرقام متلاحقة
خلال أقل من 30 يوماً شهدت مدينة حلب أخبار تتضمن في كنفها وفيات وشغلت الرأي العام من خلال تغطية وسائل الإعلام المحلية وتفاعلت معها مختلف منصات وصفحات مواقع التواصل الاجتماعي، وذلك في سعي وحيد يحترم أخلاقيات المهنة وقواعدها واحترام خصوصيات البشر وكرامتهم واحترام حق المجتمع بالمعرفة.
يتكرر المشهد مجدداً، خبر وفاة شاب جراء سقوطه من باب وسيلة نقل في حي الفرقان، هذا الخبر ليس كغيره من الأخبار المختلفة كونه يحتوي على ضحية، أيا كان الخطب فإن ملف النقل يحمل دلالة واحدة عنوانها هو التراجع سواء من تكديس المواطنين في باص نقل داخلي أو غياب السرافيس من غالبية أحياء حلب أو تقسيم الخط الواحد لأجزاء عديدة مع أنهم يحصلون على مخصصاتهم الرسمية بشكل يومي فإذاً نحن أمام أسئلة عديدة أين تغيب السرافيس، وكيف يسمح لها بالتعاقد مع مدارس خاصة، وفي حال معاقبة أصحابها، هل يتم حرمانهم من كميات المازوت المخصصة لهم؟ وبالتالي الخاسر الوحيد هو المواطن.
القضية الوحيدة في العالم التي لا بد أن تجد لها مكاناً على الأجندة الإعلامية وفي غرف الأخبار، لكن في الواقع تجدها تزاحم وبشكل مفاجئ أهم الأحداث المحلية من زيارات ومهرجانات وينبغي أن تنجح قضايا التي ينجم عنها وفاة ضحايا في تحويل عدسات الكاميرا وتخصيص ساعات ومساحات في الصحف للبحث في تطورات ملفات النقل الشائكة منذ عشرات السنين، كون الوسائل الإعلامية من وظائفها الأساسية الإخبار والغوص في تفاصيله والتحقيق في معرفة الأسباب وابتكار الحلول.
الحوادث والكوارث لدينا الكثير من الأمثلة التي ينجم عنها ضحايا وإن ثمة سعي لطمسها وحجبها عن الواجهة، فإن من مهام وسائل الإعلام ما تلبث أن تعيدها وأحياناً بالقوة إلى الواجهة الإعلامية.
ويمكنني القول أن التحقيقات الصحافية تخفت أحياناً لكنها لا تندثر وقد تستطيع الحصول على معلومات من مصادر عديدة بحسب “شطارة” الصحافي، فإن عدم توحيد البوصلة نحو الضحايا الذين لقوا حتفهم جراء أخطاء لم يقترفوها يشكل استهدافاً جديداً لا يقل خطورة عما سبق ذكره.
إن البحث في الأسباب الرئيسية للقضايا التي تحتوي على ضحايا خصوصاً من وسائل الإعلام المحلية بمختلف أنواعها يقع على عاتقها ويحملها الكثير من مسؤولياتها حول ملف النقل العام والخاص، وفي العمل لصحفي تعد الرتابة عدو المضمون، وإن كانت بعض القضايا تظل حية لدى الناس إلا أن التجديد في آلية طرح الملفات التي تعنى بها والتنوع في القصص وابتكار أساليب جديدة بعيداً عن الطرح الاستهلاكي المتكرر يساهم في إبقاء المتابع مرتبطاً بها.
ولا يسعفني القول إلا أن القضايا العادلة التي تكتنف في طياتها على ضحايا تبقى عادلة، ولا تحتاج إلى مجهود صحفي كبير للتعبير عنها لأن الحدث على الارض هو ذاته وليس بالإمكان تجميله، وليس بمقدور الصحفي توظيف القانون، لكن بإمكانه الاستناد إليه في سياق المساحة المتوفرة له، وأن مطاردة الكلمة أو الصحفيين الذين يشيرون إلى سبب الحدث الذي أدى لوجود ضحايا أو يطالبون بالحق لا ينبغي أن يخشاهم المسؤول كونه يساهم في الإشارة إلى مكامن الخطأ في العديد من الحوادث انطلاقاً من كونه يضع مؤسسة ما تحت مجهر الرقابة التي منحها له القانون، وإلا ستبقى الضحايا كأرقام متلاحقة والمسببات ذاتها دون حلول.
أنطوان بصمه جي – كليك نيوز
اقرأ أيضاً: يرتدي حزام ناسف وبحقه 13 إذاعة بحث.. مطلوب خطير في قبضة شرطة حلب