تلك الدموع الحرى الساخنة …!!
تلك الدموع الحرى الساخنة …!!
لم تفاجئني تلك الدموع الحرى الساخنة التي انهمرت على خدي الرجل السبعيني وتلك الشهقة العميقة التي ظهرت في تهدج نبرات صوته وعبرات أنفاسه في أحد أسواق دمشق العريقة عندما سألته الصحفية الشابة “دعاء جركس” أين يعيش وأين أبناءه وماهي أكلته المفضلة التي يشتهيها لتقدمها هدية لطيفة، لأنها أصل فكرة اللقاء الذي تجريه الصحفية بحيوية ورشاقة وخفة ظل بادية وإحساسٍ عالٍ ترجمته تلك الضمة العفوية الحنونة التي قامت بها إثر بكائه التلقائي في محاولة لإخراجه “ربما” من وحدته أو ألمه مما آلت إليه حياة السوريين الذين لطالما كانوا يوزعون الحب والحنان والكرم للكون كله..!!
وبعيداً عن مجريات اللقاء والانتقادات “غير المفهومة” التي وُجّهِت فإن دموع الرجل اختصرت في لحظة واحدة الحال العامة للناس المتعبة الذين لا ذنب لهم بكل ما يجري، ولم يقصروا يوماً في التعبير عن حب البلد وتقديم الغالي والنفيس كرمى عيونه، ولأجله لم ينفذ صبرهم ولم يفقدوا بعد الأمل والرجاء في الفرج القادم…
لكنهم في ذات الوقت وفي لحظة معينة لا يستوعبون ولا يفهمون ما جرى ويجري ولماذا ومن أجل من، ولا يقتنعون بمبررات الحصار وتداعيات الحرب التي تُسَوّقْ لاعتقادهم أن المشكلة في الأداء العام، لأنه من الممكن أن يكون أفضل بكثير سيما أن لدينا الخامات والطاقات الديموغرافية الفتية والثروات والمحاصيل الزراعية الوفيرة كالزيتون والحمضيات والقمح والقطن والشوندر السكري والتفاحيات والكرمة والفستق الحلبي والسوداني وعشرات أصناف الخضار والفواكه التي لا تنتهي قائمتها، القادرة على تحقيق وضمان أمنٍ غذائي مديد تفتقد له وتبحث عنه دول كبرى.
ولا ننسى بطبيعة الحال ثروتنا الحيوانية من الأبقار وخراف العواس والماعز الشامي والدواجن والبيض وأطنان الألبان والأجبان ومشتقاتها…
ولا شك أن ما سبق متاح ولا يشيخ ولا ينضب ومثالنا مراعي هولندا الذائعة الصيت، لكن ذلك يحتاج لسياسات زراعية وتصديرية وتسويقية وتصنيع زراعي وحيواني خبير ومدرك لأهمية ما لدينا بعيد عن السين وسوف ليتعاطى مع التنوع الهائل كثروة وطنية يجب أن نقدم لها باليمين بلا حساب ولا منة ليعود باليسار أضعافاً مضاعفة…
وهو وحده القادر أن يعطينا في زمن قياسي بلا حدود بالاعتماد على أنفسنا بعيداً عن الوعود التي لا تأتي فيؤمن عشرات آلاف فرص العمل ويوظف مليارات البنوك المكدسة في اقتصاد منتج وقوي يعيد للسوريين فرحهم وللاقتصاد والليرة القوة والمنعة التي افتقدها طوال عقد من الزمن وسيجفف منابع المعاناة والقل وتداعياتها القاسية على كل مرافقنا وقطاعاتنا الكهربائية والنفطية والنقلية والخدمية والحياتية بكل تشعباتها ومفاصلها لكنه يحتاج بكل تأكيد للإرادة قبل أي شيء…
وائل علي – كليك نيوز
اقرأ أيضاً: السؤال الصعب…!؟