بعد فشلها.. المركزي يلغي العمل بمنصة تمويل المستوردات وخبراء يؤكدون: القرار ليس له أهمية حقيقية على أرض الواقع
بعد فشلها.. المركزي يلغي العمل بمنصة تمويل المستوردات وخبراء يؤكدون: القرار ليس له أهمية حقيقية على أرض الواقع
ألغى مصرف سورية المركزي، مؤخراً، منصة تمويل المستوردات، التي بدأ العمل بها قبل نحو عامين بهدف تثبيت سعر الصرف، بعد مطالبات كثيرة من التجار والصناعيين، والتي كانت تعرضت لانتقادات واسعة، بسبب ما تركته من آثار سلبية على عملية الاستيراد والأسواق عموماً.
وحول هذا القرار، أشار الخبير الاقتصادي “عامر شهدا” لـ كليك نيوز، إلى أن القرار 970 لم يلغ القرار 1070، كما اعتقد البعض، بل خفف من امتدادات المنصة وتدخلها بعمليات الاستيراد.
وقال “شهدا” القرار الجديد أعطى المصرف المركزي، التزاماً بتثبيت سعر الصرف، فيما إذا قام المستورد بدفع قيمة القطع الأجنبي لتمويل مستورداته، كما سمح القرار للمستورد باستقدام حساباته الخارجية ومن مصادره الخاصة، مشيراً إلى أن هذه الصلاحية موجودة بالقرار السابق، والقرار الجديد لم يعط أي شيء جديد.
وحول تدهور قيمة الليرة السورية، أشار “شهدا” إلى أن سببها أصحاب المصالح المرتبطين بالمنصة، وليس القرار 970، مضيفاً، قام هؤلاء برفع قيمة الدولار في السوق السوداء، بحجة التخفيف من انخفاض قيمة الليرة السورية، كما أشار إلى أعمال وقرارات رجال أعمال لهم مصالح ببقاء سعر الدولار مرتفعاً.
وتوقع “شهدا” أن يشهد السوق خللاً في السوق لمدة ثلاثة أشهر حتى يصبح هناك استقراراً، مشيراً إلى أنه من المفروض أن يعي المصرف المركزي هذا الأمر وفكر فيه عند إصدار القرار.
وأكد “شهدا” أن المنصة ليست حلاً لضبط تدهور قيمة الليرة وتثبيت سعر الصرف، فعند صدور القرار 1070 كان الدولار بسعر 2200 ليرة واليوم الدولار 9900 ليرة، مشيراً إلى أن قرار المنصة من المفروض أنه قرار مرحلي، ما كان عليه أن يتجاوز الستة أشهر، لكن تم تمديده لمدة سنة ونصف.
وأكد الخبير الاقتصادي لـ كليك نيوز، أنه لا المنصة ولا المصرف المركزي قادرين على تثبيت سعر الصرف وضبط تدهور قيمة الليرة، مشيراً إلى أن الموضوع خارجي وليس داخلي.
اقرأ أيضاً: وسط صمت رسمي.. ما حقيقة “صفقة استثمار مطار دمشق الدولي”؟
وفي هذا الموضوع، أشار “شهدا” إلى تراجع توريد الحوالات إلى سورية نتيجة سياسة نقدية اتبعتها بعض الدول بعمليات التحويل، وفي سورية ارتفع الطلب على الدولار ما أدى لارتفاع سعره.
وأكد أن موضوع التحويلات من العراق وتركيا وغيرها من الدول، واضح ومعروف، حيث يوجد ضغوط خارجية على الليرة السورية، هي السبب بانخفاض قيمتها.
وحول التضخم في قيمة الليرة، قال “شهدا” إن هذا الأمر سببه قيام المركزي برفع سعر الحوالات، نظراً لاعتقاده أن رفع السعر سيزيد من وتيرة الحوالات، وهذه أكبر غلطة يرتكبها المركزي.
مشيراً إلى أن موضوع الحوالات إلى سورية ليس مرتبطاً بسعرها، بل مرتبط بسياسات نقدية خارجية، يجب على المركزي أن يعلمها، مشيراً إلى أن قيام المركزي برفع سعر الصرف تسبب بضرب الليرة السورية، وخفّض من قيمتها، وبالتالي أحدث التضخم.
من جهته، أشار الخبير الاقتصادي “جورج خزام” لـ كليك نيوز، إلى أن إلغاء عمل المنصة جاء بعد أن اقترب الوضع من أن يصبح خارج السيطرة على سعر صرف الليرة السورية.
وقال “خزام” كان المطلوب التراجع عن الأخطاء التي كانت السبب المباشر بانهيار الليرة، قبل ذلك بكثير، ومن ضمنها منصة تمويل المستوردات التي أدت لتراجع كميات البضائع المستوردة المطلوبة وارتفاع سعرها.
وأضاف، أن هناك سبباً آخر لقرار المركزي، وهو البطء الشديد بعمل المنصة، بالإضافة لتشجيع الاحتكار من خلال السماح لبعض التجار بتمويل كل مستورداتهم بالسرعة المطلوبة على حساب باقي المستوردين.
ولفت “خزام” إلى أن القرار غير كافي لتلبية احتياجات السوق التي ينقصها إطلاق الحرية للتاجر، للعمل بدون تدخل هدّام بإلزامه بقوانين لا تصلح لأي زمان ومكان وغير موجودة بأي دولة بالعالم.
ورأى أن القرار ليس له أي أهمية حقيقية على أرض الواقع، لأنه يشدد على ضرورة الكشف بشكل دقيق عن مصدر التمويل للمستوردات إذا كان المصدر من أرصدة خارجية، وكأن الأموال المجهولة المصدر إذا عملت بالصناعة والتجارة سوف تؤدي لحدوث أضرار على الاقتصاد الوطني.
وتساءل الخبير الاقتصادي، هل نسأل المستثمر الأجنبي في حال قدومه للاستثمار لدينا ما هي مصدر أموالك؟ أم أن تهجير رؤوس الأموال بالدولار هو الغاية من التشديد على معرفة أدق التفاصيل عن مصدر الأموال؟!
وأضاف، إن إلزام المستورد بالتمويل من مكاتب الصرافة المرخصة حصراً يعني نقل منصة تمويل المستوردات “السيئة السمعة” من المصرف المركزي إلى مكاتب الصرافة فقط، لأن القرار يقول بأنه في حال نفاذ السيولة بالدولار الموجودة بمكتب الصرافة فإنه يتوجب على المستورد الانتظار لحين توفر السيولة، وهذا يعني فقط نقل نفس المشكلة من المصرف المركزي لمكاتب الصرافة.
وأكد الخبير الاقتصادي، أن القرار لن يؤدي لانخفاض سعر صرف الدولار أمام الليرة السورية، لأن ذلك مرتبط بإلغاء تقييد حرية سحب ونقل الأموال، وهو السبب المباشر لانهيار الليرة السورية.
فكل من لديه مدخرات بالليرة السورية، أصبح يدخر أمواله بالدولار والذهب، وذلك خوفاً من تقييد السحب عند الضرورة والطلب، مما أدى لزيادة كبيرة بكتلة السيولة النقدية المتداولة بالليرة السورية بالسوق مقابل كمية الدولار والبضائع المعروضة للبيع، وبالتالي ارتفاع كبير بسعر صرف الدولار والبضائع معاً.
كما أشار “خزام”، إلى قرار تعهد التصدير، الذي يلزم التاجر المصدّر بتسليم قيمة صادراته بالدولار للمصرف المركزي وبسعر الصرف الرسمي المخفض، ما أدى لتكبيد التاجر خسائر من فرق التصريف وتوقف الكثير من الصادرات.
ورأى أن قرار المركزي، لن ينعكس على الأسواق بانخفاض سعر الصرف إلا بإطلاق كل الحرية للعمل التجاري، وإلغاء قرار تقييد حرية سحب ونقل الأموال وإلغاء منصة تمويل المستوردات بكل تفاصيل عملها بدون استثناء وإلغاء قرار الكشف عن مصدر تمويل المستوردات وإلغاء تعهد التصدير وإلغاء قرار تجريم التعامل بالدولار.
وكان مصرف سورية المركزي، أصدر قبل أيام القرار رقم 970 المتعلق بتمويل المستوردات، حيث أنهى العمل بالقرار رقم 1070 لعام 2021، ليوسِّع القرار الجديد القائمة التي تسمح لمستوردي المواد الأولية ومستلزمات الإنتاج من الاعتماد على مصادرهم الذاتية لتمويل مستورداتهم.
وقال المركزي، إن هذا القرار جاء بهدف دفع العملية الانتاجية ومنح مرونة أكبر لتطوير قطاع الإنتاج.
وبحسب المركزي، هذا قد يساهم في تخفيف التقلبات الحادة في ارتفاع أسعار المستوردات، فيما إذا تم التخفيف من العمليات المكثفة التي يقوم بها المضاربون على سعر صرف الليرة السورية.
وبموجب القرار، سمح المركزي بتمويل مستوردات القطاعين الخاص والمشترك من المواد المسموح استيرادها، وفقاً لأحكام التجارة الخارجية النافذة والقرارات والتعاميم ذات الصلة، بغية وضعها بالاستهلاك المحلي من مصادر تمويل محددة.
وحسب قرار المركزي، تحدد المصادر المذكورة بـ “حساب المستورد بالقطع الأجنبي لدى أحد المصارف العاملة في سورية المرخص لها التعامل بهذا القطع”، و”بيع القطع للمستورد عن طريق المصارف”، و”بيع القطع للمستورد عن طريق إحدى شركات الصرافة المرخصة العاملة”، ومن “كل الموارد المتاحة للمستورد من القطع الأجنبي خارج سورية”.
كما يلزم القرار، بحسب المركزي، جميع مستوردي القطاع الخاص والمشترك لدى تخليص البضائع المستوردة المدرجة ضمن القوائم المرفقة بتقديم كتاب إلى أمانة التخليص الجمركية صادر عن المركزي، يتضمن الموافقة على تخليص البضاعة استناداً لقيام المستورد ببيان مصدر تمويل مستورداته، وتلتزم الأمانات الجمركية بعدم إتمام عملية التخليص دون تقديم هذا الكتاب.
عفراء كوسا – كليك نيوز
المقالات المنشورة لا تعبّر بالضرورة عن رأي الموقع