الكرامة المدعومة خارجياً.. كنتاكي ودولارات!!
الكرامة المدعومة خارجياً.. كنتاكي ودولارات!!
نستطيع جميعاً أن نعود في التاريخ القديم والحديث لنسأل أنفسنا ونسأل التاريخ ذاته السؤال الملّح اليوم في سورية، متى كانت الدول الغربية مهتمة بدعم “كرامة” الشعوب العربية مجتمعةً أو فرادى؟ فإن وجدنا حالة واحدة في تاريخنا تذكرها كتب التاريخ وذاكرة الإنسان، لربما صدقّنا أن الولايات المتحدة وبريطانيا مهتمتان بـ “كرامة” أهلنا في السويداء وفي الجزيرة السورية وفي حلب وإدلب واللاذقية.
تستطيع الولايات المتحدة ومعها معظم الدول الغربية الاستعمارية أن تدّعي ما تشاء من حرصها على الشعب السوري ودعمها لحقوق الشعب، وهي في الحقيقة تزعم ليل نهار أن تدخّلها في سورية واحتلالها أرضنا وسرقتها مواردنا وحصارها بلدنا لهذه الغاية! لكن هل فقدنا نحن عقلنا وقدرتنا على المحاكمة المنطقيّة حتى نصدّق هذه الادعاءات الكاذبة؟
إذاً، ما هو الهدف الأمريكي من التدخل في سورية؟ وما هدف واشنطن من دعم ميليشيا “قسد” في الجزيرة السورية، وما حقيقة حرصها على دعم “فئة المحتجين والخارجين عن القانون” في السويداء واتصالاتها مع قادة الاحتجاج وبعض المشايخ؟
نعود إلى التاريخ قديمه وحديثه بتكرار السؤال، ماذا قدمت واشنطن من حرص ودعم للشعب الفلسطيني لحفظ كرامته وتحقيق عيشه الكريم؟
اقرأ أيضاً: وجهة الجبهة هي معيار الكرامة
ماذا قدمت الولايات المتحدة للشعب الفيتنامي خلال احتلال بلاده، وللشعب الأفغاني خلال مدة احتلالٍ استمرت عقدين من الزمن؟
وماذا قدمت للصومال وليبيا ولبنان؟ أعتقد أنه لا يوجد في كتب التاريخ، ولا يوجد أي شخص يستطيع أن يذكر موقفاً أمريكياً أو بريطانياً داعماً لشعوب هذه الدول في أي وقت من الأوقات.
إذاً، هل الوضع في سورية مختلف؟ بلا شك إن الولايات المتحدة ومعها بريطانيا وغالبية الدول الاستعمارية لا يهمها من سورية سوى ما يخدم مصلحة العدو الإسرائيلي، ولا يعنيها أبداً جوع طفل أو شيخ سوري في السويداء والجزيرة السورية أو في أي بقعة من الجغرافيا السورية سوى بقدر ما يمكن استثمار ذلك لإضعاف الدولة السورية بكل مكوناتها، والشعب أساس هذه المكونات.
لذلك نستطيع أن نقول لأولئك الموهومين والمتوهمين بأن الدعم الأمريكي لممارساتهم واحتجاجاتهم هو دعم “لكرامتهم” وعيشهم “الكريم” سواء كانوا مواطنين عاديين أم شيوخ وقادة رأي.
يجب ألاّ تغرنكم العبارات المنمقة التي تصدر من العواصم الغربية والاتصالات التي تجري معكم تحت عنوان الحرص على “حياة وكرامة” البعض منكم، فهي بمثابة صب الزيت على النار لإشعال المزيد من الحرائق في سورية والقضاء على أي أمل باستعادة السوريين.. جميع السوريين حياتهم الكريمة في وطن آمن، يؤمن لهم “الكرامة والعزة والكبرياء” كما كان على مرّ الزمان.
فلو كانت الولايات المتحدة الأمريكية حريصة على الشعب السوري، أو لنقل فئة من هذا الشعب، لكانت رفضت الاحتلال الإسرائيلي للجولان، ولساعدت في رفع الظلم عن أهلنا فيه، وهي قادرة على ذلك، لكنها على العكس، منحت ضوءاً أخضر لحكومة الاحتلال بالاعتراف بضم الجولان المحتل للكيان الغاصب، ألا تشكل هذه الخطوة نقطة تساؤل لأولئك المحتفين بالاتصالات الأمريكية؟
بالأمس عنونت صحيفة فورين بوليسي الأمريكية في مقال لأحدى كاتبات الرأي فيها وهي فلسطينية الأصل.. 30 عاماً على أوسلو.. كل ما حصل عليه الفلسطينيون هو “الكنتاكي”.. ونحن نضيف.. والمزيد من القهر والقتل والاعتقال بحق الشعب الفلسطيني وتوسيع الاستيطان وسرقة الأراضي وتهويد القدس، بدعم أمريكي غربي مطلق.
هذا ما تريده الولايات المتحدة لشعوبنا العربية، وهذا هو الحرص الذي تدعيه واشنطن عندما تتحدث عن دعم حقوق الشعوب العربية سواء حقوق الإنسان أم الكرامة أم الديمقراطية وغيرها من العناوين.. المزيد من وجبات “الكنتاكي” وقبول الاحتلال والتخلي عن الحقوق، والقليل من الكرامة والاستقلال والسيادة والقدرة على رفض الهيمنة والاحتلال.
لن نتحدث هنا عن الدولارات التي تصرف على “مسرح” ساحة السير في السويداء ومصدرها، ولكن قد يكون من المفيد جداً للسوريين الذين يعولون على واشنطن سواء في الجزيرة السورية أم في السويداء وإدلب وغيرها من المناطق، أن يستحضروا صور الطائرات الأمريكية في مطار كابول وهي تجلي جنود الاحتلال بطريقة هروب وانكسار.
تلك الصور التي شكلت صدمة للعالم وأظهرت الحقيقة التي يجب على كل العالم أن يدركها، كيف تخلّت الولايات المتحدة عن المتعاملين والمتعاونين معها من الأفغان الذين حاولوا التعلق بعجلات الطائرات وتساقطوا من الجو.. هذه حقيقة علاقة الولايات المتحدة بأدواتها في العالم، والعاقل يتعلّم من تجربة غيره.
عبد الرحيم أحمد – كليك نيوز
المقالات المنشورة لا تعبّر بالضرورة عن رأي الموقع