الحكومة تجد ضالتها في جيب المواطن للحصول على الموارد.. رفع سعر “الخبز الحر” لأكثر من الضعف
تباغتنا الحكومة بين الحين والآخر بقراراتها الليلية المتأخرة “غير المأخوذة بالحسبان”، والتي تأتي غالباً في “غمرة ازدحام رؤوسنا” بالهموم التي باتت بلا نهاية “مع حكومتنا الحكيمة”.
فبعد موجة من رفع أسعار السلع والخدمات والتي “تصرّ على معايشتنا يومياً”، أعلنت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، رفع سعر ربطة الخبز للمستبعدين من الدعم الحكومي “ولا نعلم ماذا بقي منه”، بنسبة 140%، من 1250 ليرة إلى 3000 ليرة للربطة الواحدة.
وأثار القرار ضجة على وسائل التواصل الاجتماعي، وانهالت التعليقات الساخرة أحياناً والغاضبة أحيانا أخرى، متسائلين إذا ما كانت “الجهات المعنية تعلم بأن أغلب السوريين، باتت تعيش على الخبز “الخط الأحمر” لوحده”، والراتب “لا يكفي لشرائه”!.
وفي هذا السياق، علّقت صحيفة “البعث”، قائلة، يبدو أنّ كل ما نلمسه يومياً من أخطاء وملاحظات حول الاستبعاد من الدعم، والآليات والبيانات غير الدقيقة التي استند إليها، لم يجد طريقاً إلى مسامع الحكومة المستمرة بانسحابها المعلن من معيشة الفئة المستبعدة، محمّلة إياها نتائج الفساد والهدر الذي تعترف به وبعجزها عن ضبطه.
فهذه الفئة “الثرية بعين الحكومة” باتت تعيش على إيقاع التخلي عن أية مسؤولية اجتماعية تجاهها، لتواجه قرارات متتالية برفع الأسعار من المحروقات إلى المواد التموينية، وصولاً لربطة الخبز التي تمّ رفع سعرها لأكثر من الضعف.
وأضافت الصحيفة، القرار الجديد يأتي في وقت تُباع فيه الربطة بالحالة الطبيعية أمام الأفران بـ 3000 ليرة كحدّ أدنى وصولاً إلى 7000 ليرة، ومع عجز وزارة التجارة عن ضبط هذه الظاهرة أساساً، يتوقع الكثيرون أن يتضاعف هذا السعر بدوره، ليتوازى إلى حدّ ما خبز التموين مع الخبز السياحي، وتحقق الحكومة آمالها في دفع جزء من عبئها على كاهل المواطن.
بدوره، أشار الخبير الاقتصادي “عامر شهدا”، إلى انعدام الرؤية الحكومية في التسعير الفوضوي الذي ينهك الاقتصاد، مشيراً إلى أن رفع سعر الخبز للمستبعدين من الدعم يعيد طرح الأسئلة حول عملية الاستبعاد ومدى تحقيقها للعدالة الاجتماعية، إذ يوجد من المستبعدين متقاعدون أو موظفون يملكون سيارة عمرها 15 سنة وأكثر.
ومن غير المقبول استبعاد عائلات يتقاضى ربّ الأسرة فيها 200 ألف ليرة بحجة امتلاكه سيارة، لافتاً من جهة أخرى إلى الهدر الحاصل في حساب الاحتياجات الحقيقية من المواد الأساسية بما يفوق كتلة العجز بالموازنة.
وأشار “شهدا”، إلى أن هكذا رفع للسعر بأقل تقدير سيرفع سعر سندويشة الفلافل مثلاً 500 ليرة، وكذلك أسعار المطاعم، مما يعني المزيد من التضخم وإنهاك الليرة ومستويات الفقر، فهل تكيّفت الحكومة للجوء إلى جيب المواطن وطرح سندات حكومية للبيع لأنها أسهل طرق الحصول على الموارد؟!.
اقرأ أيضاً: الزراعة المنزلية.. سبيل مئات الأسر لتحقيق وفر مادي في ظل الواقع الاقتصادي المتردي
من جهته، أشار الخبير الاقتصادي “فاخر قربي” لصحيفة “الثورة”، إلى أن رفع سعر مادة الخبز ليس له أي مبرر سوى زيادة الدخول للشركة العامة للمخابز، في حين لم يكن هناك أي ارتفاع حقيقي لمستلزمات الإنتاج سواء لسعر القمح أو الأكياس أو مازوت الأفران أو الخميرة وغيرها.
ولفت “قربي” أننا نعيش حالة من الفوضى أمام الأفران بسبب مزاجية القائمين على الموضوع من سوء في التوزيع ونقص في الكميات مخالفةً لعدد الأفراد في البطاقة والعمل على خصم الأعداد الإفرادية من الربطات.
كما أشار الخبير الاقتصادي، إلى السوق السوداء أمام الأفران التي تقوم بالتحكم بمقدرات المخبز وامتلاكها لبطاقات كثيرة تقوم على قطع مادة الخبز برعاية القائمين على العمل في الأفران حيث إن ربطة الخبز تُباع أمام الأفران بأضعاف مضاعفة في ظل غياب الجهات الرقابية.
يذكر أن القرار جاء متزامناً مع ازدحام كبير تشهده الأفران في سورية، دون أسباب واضحة وتبريرات من الجهات المعنية.
وكانت حماية المستهلك، حددت سعر ربطة “الخبز المدعوم” في الأفران بـ 200 ليرة، لكن أغلب الأسر تعتمد على شراء “الخبز الحرّ” لعدم كفاية مخصصاتها المحددة، حتى بات “شراء الخبز الحاف” يستنزف “قروشهم الشهرية”.
المقالات المنشورة لا تعبّر بالضرورة عن رأي الموقع