يوم القدس.. وحدة الساحات
يوم القدس.. وحدة الساحات
يحيي العالم الإسلامي اليوم في الجمعة الأخيرة من شهر رمضان المبارك “يوم القدس العالمي” من أقصى الغرب إلى أقصى الشرق، وتلتحم حناجر وأيادي المسلمين للتنديد بالاحتلال الإسرائيلي لفلسطين وللتذكير بقضية شعب احتلت عصابات الصهاينة أرضه وهجرته عنها ومازالت تمارس أبشع أنواع الجرائم بحقه تحت ناظري الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي.
إن يوم القدس العالمي الذي أطلقه الإمام الخميني بعد انتصار الثورة الإسلامية في إيران عام 1979، ليس مجرد يوم لتنظيم المسيرات الداعمة للشعب الفلسطيني والتنديد بالاحتلال الإسرائيلي فقط، بل هو دعوة إلى الالتزام الإسلامي والأخلاقي من الشعوب الإسلامية والعربية والمحبة للسلام بقضية فلسطين، ودعوة لتوحيد الصفوف والساحات من أجل دعم الشعب الفلسطيني لاستعادة حقوقه المشروعة وتحرير أرضه ومقدساته من الاحتلال الإسرائيلي.
ويأتي يوم القدس العالمي هذا العام في وقت تتعرض فيه القدس ومسجدها الأقصى لأبشع أنواع الإجرام والتدنيس الإسرائيلي من قطعان المستوطنين والمتطرفين الصهاينة برعاية حكومة الاحتلال المتطرفة التي تعلن صراحة عدم اعترافها بوجود الشعب الفلسطيني أو فلسطين وتعمل بكل صلافة لتهويد القدس وتغيير وجهها وتاريخها الإسلامي.
لكن سياسة الإجرام الإسرائيلية هذه يقابلها تصميم فلسطيني وإسلامي على أن فلسطين للفلسطينيين مهما طال الاحتلال، وأن روح المقاومة المغروسة نفوس الشعب الفلسطيني في الضفة والقطاع وفي الأراضي المحتلة عام 1948 وفي الشتات تزاد قوة وعزيمة لدحر المحتل بدعم من محور المقاومة الذي يزداد قوة وقدرة على مختلف الجبهات.
اقرأ أيضاً: قمة الرياض.. هل تكون قمة المصالحة مع سورية؟
إن كان إحياء يوم القدس العالمي تعبيراً عن الانتماء الحقيقي للشعوب العربية والإسلامية، فإن الدفاع عن فلسطين والقدس والمسجد الأقصى بالقول والفعل هو السلوك المعبّر عن هذا الانتماء، ومن هذا المنطلق نرى أن مفاعيل يوم القدس تتراكم يوماً بعد يوم وها هي تترجم في وحدة الساحات داخل فلسطين وخارجها، وها هي وحدة الساحات ترعب المحتل وتزلزل كيانه.
ويكتسب هذا اليوم العالمي أهميته من كونه تحوّل إلى مناسبة عالمية لمواجهة محاولات المحتل الإسرائيلي ومعه الغرب الاستعماري تصفية القضية الفلسطينية ومحوها من الذاكرة الجمعية للشعوب العربية والإسلامية وللأجيال الشابة عبر مخططات التطبيع مرة تحت شعار “السلام” ومرة تحت شعار “الاتفاقيات الإبراهيمية”.
لقد كرس يوم القدس نهج المقاومة وتبني خيار المقاومة للدفاع عن فلسطين والمقدسات الإسلامية وفي مقدمتها المسجد الأقصى وساهم في حشد الدعم العربي والإسلامي لهذه القضية المحقة التي دخلت عقدها الثامن ومازالت تتعرض لأبشع أنواع التحريف والتشويه من قبل قوى الاستعمار والهيمنة العالمية.
اليوم يحيي العالم الإسلامي من أقصاه إلى أقصاه يوم القدس العالمي تحت عنوان واحد يحمل اسم فلسطين والقدس تعبيراً عن وحدة القضية وعن توحيد ساحات المواجهة ضد المحتل الإسرائيلي من فلسطين إلى لبنان وسورية وإيران واليمن حيث تمتلئ الساحات بالملايين لمواجهة عدو لا يفهم سوى لغة القوة.
في يوم القدس ومع توحد الساحات الداخلية في فلسطين والساحات الخارجية في لبنان وسورية وإيران، نستطيع أن نقول بكل ثقة أن الاحتلال الإسرائيلي خسر الرهان على فصل الساحات داخل فلسطين وخارجها والاستفراد بها، وأصبح يحسب ألف حساب لكل تصرف ضد الشعب الفلسطيني من أن جميع الساحات سوف تشتعل في وجهه.
في هذا اليوم المبارك نستطيع وبثقة أيضاً أن نؤكد أن العدو فشل في الرهان على طمس القضية الفلسطينية وفي مسحها من ذاكرة الأجيال الشابة سواء داخل فلسطين أم خارجها بفضل إبقاء شعلة القدس وقّادة، وها هي الأجيال الشابة في فلسطين تلقن العدو أقسى الدروس في المقاومة وتبتكر أساليب جديدة قادرة على إرهاق جنوده ومستوطنيه الذين بدؤوا يحزمون حقائبهم إلى مواطنهم الأصلية التي جاؤوا منها.
إن الأجيال الفلسطينية الشابة تحيي يوم القدس بمزيد من الإصرار على تحرير الأرض بالمقاومة المدعومة من محور المقاومة الممتد من فلسطين إلى بيروت ودمشق وطهران، وهي تدرك جيداً أن العدو يراهن على الزمن لكن رهانه باء بالفشل.
لقد أثبت الشباب الفلسطيني الواعي المؤمن بقضيته أنه لا يموت حق وراءه مطالب وأن الحقوق تنتزع من المغتصب وتسترد بالقوة، وأن اتفاقيات السلام ما هي إلاّ اتفاقيات استسلام لم تجلب للشعب الفلسطيني سوى القتل والعزل والقيود وجدران الفصل العنصري والمزيد من المستوطنات الإسرائيلية على أرض فلسطين.
إن وحدة الساحات التي جاءت بتلاحم الشعب الفلسطيني للدفاع عن قضيته ومقدساتها من الأراضي المحتلة عام 1948 ومن غزة ومن الضفة الغربية مدعومة بتطور عسكري وقدرات عسكرية صاروخية حطمت قباب الحديد وحولتها إلى قباب من الكرتون، هي الكفيلة بتحرير فلسطين وهي التي حولت “إسرائيل” إلى كيان أوهن من بيت العنكبوت.
فلسطين لا تموت، وشعبها لن يهزم رغم كل الجرائم الإسرائيلية، وفي كل يوم ينبت لفلسطين آلاف المقاومين المدافعين عن القدس وعن خريطة فلسطين المحفورة بوجدان العرب والمسلمين، وسيبقى يوم القدس نبراساً للدفاع عن فلسطين إلى يوم التحرير.
عبد الرحيم أحمد – كليك نيوز
المقالات المنشورة لا تعبّر بالضرورة عن رأي الموقع