مجتمعمحلي
أخر الأخبار

“مُستصحفو الفيس” بدير الزور.. كلو بيصير والطاسة ضايعة!!

“مُستصحفو الفيس” بدير الزور.. كلو بيصير والطاسة ضايعة!!

 

خلقَت تكنولوجيا الاتصالات واقعاً من الفوضى تجده في مُنتجها الافتراضي (وسائل التواصل الاجتماعي)، وإذ يُمطرك بعضها بوابل من السخافات، فإنّ بعضها الآخر لا يقل سخافةً معجونةً بابتزاز ومُتاجرات لدى من يديرونها، في دير الزور.

تحدث عن واقع ما بات يُسمى تندراً بـ (الفسابكة)، هؤلاء أتاحت لهم الأزمة التي مرت بها المحافظة، كما كل سوريّة ليتوالدوا كما الفطر، صفحات لم يتجاوز أصحابها اختبار الإملاء.

يُعرفون أنفسهم بكونهم إعلاميين، وصفحاتهم باتت بمسمى شبكات إعلاميّة، رغم أنها وعلى حد تعبير أحد صحفيي دير الزور “تنشر منشوراً لا يتجاوز الـ 45 كلمة أغلبها أخطاء إملائية، حدث ولا حرج”.

"مُستصحفو الفيس" بدير الزور.. كلو بيصير والطاسة ضايعة!!
“مُستصحفو الفيس” بدير الزور.. كلو بيصير والطاسة ضايعة!!

“الفسابكة ” حاضرون!!

أكثر ما لفتني هو ما كتبه مواطن ديري اختصر فيه المأساة التي طاولت الجسم الإعلامي، ومعه مهنة صاحبة الجلالة الصحافة، كان تعليقاً جاء على منشور لإحدى صفحات “الفيس” إثر نشرها منشوراً مرفقاً بصور عن تكريم الصحفيين بمناسبة عيدهم، وهذا نصه: “شو ماشاء الله كل هدول صحفيين”!!

هنا لا تستغرب أنك ستُفاجأ مع كل دعوة رسميّة لتكريم صحفيي المحافظة بوجود هؤلاء، لا بل إن كنت صحفياً ستجد نفسك آخر المشهد، فيما هؤلاء يتصدرون دون أي مساءلة عن ماهيتهم، ولأي جهة يتبعون؟.

ثاني يوم العيد ذهبت لأخذ صور من أحد محلات بيع الحلويات، استأذنت صاحبه، فأجاب: “قبل شوي صورت الصفحة الفلانيّة، ما في داعي مشكور”، قلت له: الصور لصحيفة رسمية، ليس الأمر ملزماً لك، ما علمته لاحقاً هو إنّ هؤلاء يقصدون المحال سواء لبيع الحلويات أو الألبسة، وما سواها فيأخذون حسب تعبير مواطن (المعلوم)، وأكد لي أنهم ظنوا أنك جئت لتأخذ هذا (المعلوم) أيضاً، وقس على ذلك حجم ما يجري من امتهان لهذه المهنة، وعلى عينك يا تاجر، بل أسهم واقع الفوضى في إيهام الناس بكون “الفيسبوكيين” هم صحفيون.

"مُستصحفو الفيس" بدير الزور.. كلو بيصير والطاسة ضايعة!!
“مُستصحفو الفيس” بدير الزور.. كلو بيصير والطاسة ضايعة!!

فوضى مفتوحة

لم ينفْ أمين سر اتحاد الصحفيين الإعلامي “يونس خلف” واقع ما يفعله هؤلاء من تعدي على مهنة الصحافة، وما يُخلفه ذلك من تشويه بحقها.

وأكد في تصريح لـ “كليك نيوز” أنّ للعمل الإعلامي ضوابطه: “اتحاد الصحفيين عرّف الصحفي في مادة قانونيّة بأنه من يعمل في وسيلة إعلام، رسمية أو خاصة مُرخصة، وتكون مهنته الأصلية التي تُشكل مصدر عيشه، ناهيك عن كونه يحمل بطاقة من المؤسسة أو الجهة الإعلاميّة التي يعمل بها، أكان ذلك في صحف أو إذاعات، أو تلفزيونات.

أما واقع الحال فإن صحفيي “الفيس” تصدروا المشهد على علاتهم، ودون وجه حق “.

فيما يكشف الصحفي “مالك الجاسم” مراسل إذاعة “شام إف إم” بدير الزور عن فتح الباب مُشرعاً لهذه الصفحات بدخول الدوائر والمؤسسات العامة وأخذها تصريحات رسمية دون أي تدقيق من قبل تلك الجهات بماهية هذه الصفحات أو دورها: “هنالك صفحات تحصل على إعلانات مأجورة، والمعروف بأن الإعلانات هي من اختصاص مؤسسة الإعلان، وبتنا نلاحظ بأن منها من يحمل “لوغو” خاص بها، وبطاقات تعريفيّة، والمفارقة أنّ موظفين يعملون بها، فمتى يمارسون عملهم الحكومي؟، ومتى يمارسون صحافتهم المفترضة.. هل ثمة من يسأل؟! ”

وأضاف “الجاسم”: “أمرٌ مزعج آخر في أي اجتماع أو فعاليّة رسميّة تجد هذه الصفحات قبل وسائل الإعلام الرسمية والخاصة المرخصة حاضرة، لا والطامة الكبرى هو عند تكريم الصحفيين في عيدهم، تجد هؤلاء من المدعوين، بل وتُقدم لهم هناك شهادات التكريم، والمزعج أيضاً أنّهم يستخدمون أسلوب النسخ واللصق بسرقة المادة من صحف ووسائل إعلام ونشرها في صفحاتهم دون أية إشارة للمصدر وصاحب المادة، ناسفين جهد وتعب المراسل أو الصحفي، والأمر بالتأكيد يتعلق بما هو خاص”.

"مُستصحفو الفيس" بدير الزور.. كلو بيصير والطاسة ضايعة!!
“مُستصحفو الفيس” بدير الزور.. كلو بيصير والطاسة ضايعة!!

جهل وابتزاز

حديثنا هنا ليس عن صفحات خارج القطر، بل داخله، المضحك المُبكي هو إنّ جهل هؤلاء ينتج عنه إساءات، ناهيك عن التشويه للحياة العامة في البلد، ومن وقائع ما حدث في سلسلة طويلة من تلك الممارسات أن إحداها قام القائمون عليها بنشر صور من داخل قاعات العمليّة الامتحانية للشهادات العامة، ناهيك عن صور أخرى تُظهر تفتيش الشرطة للطلبة المتقدمين قُبيل دخولهم القاعات، علماً أن وسائل الإعلام في محافظة ديرالزور التزمت عند أخذها أي صور أو إجراء استطلاع بهذا الشأن، بالتنسيق مع مديرية التربية، طبقاً للتعليمات الوزارية بهذا الصدد.

تلك الواقعة التي نُشرت ثم جرى حذفها شكّلت إساءة كبيرة وسيل من التعليقات التي طالت جهة رسميّة، تلك التعليقات جاءت إثر نشر جاهل لماهية الحدث الامتحاني، وكثر تابعوا واستنكروا هكذا فعل فاضح، ينم عن عدم إدراك ووعي بماهية الدور الإعلامي، الذي بدا لدى من يُسمون بـ “فسابكة الصحافة”، أو “متصحفي الفيس”.

ولعل واقعة جديدة حدثت منذ أيام، ولا تزال مفاعيلها جارية تكشف عن واقع مزري لعمل هؤلاء، إذ علم ” كليك نيوز ” بأنّ أحد هؤلاء الذين ينشرون في صفحة “فيس” أخذت عنواناً إخبارياً، قصد إحدى الصيدليات لصرف وصفة تأمين صحي، لكن باستبدالها بمواد أخرى، ولما رفضت الصيدلانيّة ذلك وفق القانون، وللثأر من رفض طلبه، قامت الصفحة التي يعمل بها بإجراء استطلاع رأي حول الصيدليات مباشرة، الأمر الذي عدّه نقيب صيادلة دير الزور الدكتور “نزار العليوي” بمثابة ابتزاز، سبقته شكوى تقدمت بها صاحبة الصيدليّة للجهات المعنيّة عن الشخص المذكور لا نعلم ماهية أسبابها، غير أنّ هكذا مواضيع غالباً ما يجري طيها، فيما لا رادع لأي تجاوز يقوم ” متصحفو الفيس”، به، والأدهى عندما يتحدث هؤلاء بأسماء جهات دون علمها على طريقة (أنا مسنود).

"مُستصحفو الفيس" بدير الزور.. كلو بيصير والطاسة ضايعة!!
“مُستصحفو الفيس” بدير الزور.. كلو بيصير والطاسة ضايعة!!

لابد من ضبط

فرّخ العالم الافتراضي واقعاً مُعاشاً من هكذا صفحات، تارةً باسم الوطن، وتارةً باسمٍ إعلامي، أمام ما يجري يرى الصحفي “وائل حميدي” مراسل صحيفة البعث بأن لابد من تأطير وتنظيم عمل هكذا صفحات، ويشير في حديثه لـ “كليك نيوز” أن أهم خطوة لتنظيم وبرمجة صفحات الفيس الإخبارية هو منحها وفق معايير دقيقة صلاحية النشر، بشرط معرفة إدارة الصفحة والجهات القائمة عليها والداعمة لها أو الجهات التي تتبناها.

وبالتالي فإن كل ما يُنشر على هذه الصفحة التي تطرح نفسها كصفحة عامة يكون على مسؤولية أشخاص معروفين من حيث الإقامة والمهنية الإعلامية.

واقع الحال نحن أمام صفحات تقول انها إخبارية وتنجح بين الحين والآخر بنشر خبر صحيح ولكن ما بين وبين هناك حالة من الفوضى تتوغل في عالم الإعلام، وهذا التوغل يجب أن يُوضع له حد أو على الأقل يجب أن تتم برمجته والسيطرة عليه بحيث يكون إعلاماً حقيقياً لا إعلاماً فيسبوكياً.

نعم وضع قانون المطبوعات بعض التأطير، ولكنه لم ولن يُطوّق كل التفاصيل لأن “الفيسبوك” عالم مفتوح، وفتح صفحة لا يستهلك أكثر من دقيقتين فقط وبالتالي إما بث السموم المغرضة وهذا ما نخشاه، وإما بث أخبار صحيحة وهذا ما نتمنى أن يتم تحت مظلة الرقابة الإعلامية الحقيقية”

"مُستصحفو الفيس" بدير الزور.. كلو بيصير والطاسة ضايعة!!
“مُستصحفو الفيس” بدير الزور.. كلو بيصير والطاسة ضايعة!!

أخيراً

توجد صفحات ” فيسبوكيّة ” تطرح نفسها كصفحات إخبارية عامة، غالباً أصحابها هم ممن عمل أو يعملون في وسائل الإعلام، ويمتاز عملهم بالمهنيّة والمسؤوليّة، لكن النمط الغالب بدير الزور هو غير المهني، والذي لا يُدرك من أطلقها ماهية دورهم، وماذا تعني المصداقية، أو محاذير النشر، ناهيك عن أمور أخرى تتطلبها أخلاقية العمل المهني، فما هدف الصفحة التي تنشر “فيديو” لطفل صغير يبكي أباه فترة تحضيره للدفن سوى جمع “اللايكات”.

وما الذي يعنيه نشر خبر عن وجود ثعبان أو كما يُسمى بدير الزور “عربيد” في أحد المؤسسات التعليميّة، وأن طوله 3 أمتار وووو، وأنه جرى الاتصال كما يقول الخبر بفوج الإطفاء لقتله، وما رد به قائد الفوج بأنهم سيأتون للقبض عليه، ألا يحمل هكذا نشر تسخيفاً كما نشر أحد المعلقين (هو عربيد ولا حرامي لتقبضوا عليه).

"مُستصحفو الفيس" بدير الزور.. كلو بيصير والطاسة ضايعة!!
“مُستصحفو الفيس” بدير الزور.. كلو بيصير والطاسة ضايعة!!

وماذا يُسمى نشر وصول أعداد من الموقوفين للإفراج عنهم بموجب العفو الرئاسي وتجميع الناس بالمئات بانتظار خروجهم وما شكّل ذلك من اكتظاظ وقلق، ناهيك عن التلاعب بالمشاعر، مع التذكير أن كل وسائل الإعلام جرى إبلاغها بوصول الموقوفين حينها، لكن مراسلوها تحاشوا النشر المُسبق، منتظرين تحقق الحدث، ومن ثم النشر.

ملخص المشهد، وتسطيح وإساءة لكل ما يُسمى إعلام، بل وابتذال رخيص، ويبدو أنّ بعضاً من الواقع الرسمي يتبنى تلك الصفحات والله أعلم؟!!

دير الزور – عثمان الخلف

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى