لتأمين قوتها بعرق جبينها.. “حليمة” من ربة منزل إلى “إسكافي”
فقر الحال وعدم توفر المال الكافي لتأمين حاجيات المنزل المعيشية اليومية، دفع ربة الأسرة “حليمة أحمد” لخياطة أحذية أطفالها المهترئة لتصبح صالحة للاستخدام من جديد، ولكثرة تمرسها في عملية الإصلاح، أكتسب خبرة جيدة، فقررت الاستفادة منها كمهنة تعيل أسرتها من مردودها المادي.
وكانت الخطوة الأولى من عملها هي كسر نمطية عمل المرأة، على اعتبار أن بعض المهن حكراً للرجال، لكن الوضع المادي الصعب الذي كانت تعيشه أسرتها غيّب عن تفكرها هذا التفصيل البسيط، من وجهة نظرها.
وتابعت حديثها لـ “كليك نيوز”، “كنت بحاجة لتأمين طعام لأطفالي الصغار وتأمين أدوية لزوجي المريض، فالأعمال الزراعية التي كنت أقوم بها بين الحين والآخر غير دائمة ولم تعد تسد الهوة بين المدخول والمصروف” وفق حديثها.
“وهي بحاجة لاستثمار أي طاقة أو خبرة مهما كانت بسيطة تمتلكها قد تؤمن لها دخل مستمر مهما كان بسيطة، فقررت تحدي الظروف والعمل بإصلاح الأحذية بالقرب من مكان سكنها في التوسع الشرقي لمدينة طرطوس بالقرب من بناء مجلس بلدة “الشيخ سعد”.
“كانت خطوة غير محسومة النتائج من ناحية انطلاق العمل بسرعة وبدء توافد الزبائن، وإنما مهمة للكثير من العائلات من ناحية عدم قدرتهم على شراء الأحذية الجديدة، حيث كان خيار العودة إلى الأحذية القديمة والمستعمل بعد عمليات إصلاحها هو الحل الأنسب والمتوفر وفق حديث ربة الأسرة “ازدهار موسى”، وهذا كان حافز كبير لـ “حليمة”.
لكن العمل لم يكن سهل كما توقعت وخاصة مع تغير أدوات العمل من الأبرة المنزلية العادية إلى المخرز الكبير الذي بدأ يدخل بيدها ويأكل أجزاء من جلدها نتيجة حركات خياطة غير صحيحة، ولحظات عدم تركيز وشرود في هموم الحياة.
وهذا لم يكن أصعب ما تعرضت له في العمل الذي انطلق وبدأ الزبائن يقبلون عليها يومياً، حيث كان تثبيت الجزء السفلي من الحذاء بالمسامير يؤدي إلى إصابة أصابعها ببعض الضربات الخاطئة فتؤذيها، مما كان ينعكس سلباً على عملها المنزلي كتحضير الطعام والغسيل اليدوي، فتضطر للف يديها بقطع من القماش لتخفف الألم مع ملامسة المياه الباردة أو ملح الطعام مثلاً.
لا تعود إلى منزلها “حليمة” يومياً بعد تسليم الأحذية المنتهية من إصلاحها، بل تحاول إصلاح بعض الأحذية المستعجلة التي بدت حاجة أصحابها لها ملحة، مما يهيئ لها ظروف البقاء لساعة صباحية إضافية في منزلها اليوم التالي.
فتتابع شؤون أبنائها قبل الذهاب إلى المدرسة، وتلبي حاجاتهم المدرسية من طعام وشراب وترتب الفرش والأغطية المنتشرة في الغرفة الوحيدة التي تأويهم، وتجهز فطورها وزوجها المريض، وكل هذه الأعمال اليومية تنجزها بقوة لا تدري من أين تحصل عليها.
ولكن ما تعرفه أن إيمانها ويقينها بأن يد الله معها دوماً هو إيمان مطلق تستعين به لتبقى صامدة، صابرة، مقتنعة لا تعنيها أحوال الناس في محيطها، حتى أنها نسيت أنوثتها ولم تعد تعنيها بشيء.
ويؤكد مرتادو دكانة “حليمة” وجيرانها أن ما تقوم به من عمل في إصلاح الأحذية المستعملة، عمل مشرف بكونه حماها من قسوة الحياة والظروف، وأثبتت أنها قادرة على القيام بأي عمل مهما بلغت صعوبته المهنية أو الاجتماعية، إضافة إلى أنها حمت عائلتها وأطفالها من العوز وطلب المساعدة من الأخرين.
نورس علي – كليك نيوز
اقرأ أيضاً: شابة حلبية تقتحم مهنة توصف أنها حكراً على الرجال!