مجتمعمحلي

ظاهرة التسول في حمص.. حاجة أم تجارة؟

ظاهرة التسول في حمص.. حاجة أم تجارة؟

 

انعكاسات حرب طويلة لم تنته بعد أدت لنشوء ظاهرة التسول في حمص وغيرها من المدن. حيث أدت الحرب في سوريا لانعكاسات على شتى نواحي الحياة في بلد أكمل عامه الحادي عشر من عمر أزمة لم تنتهي بعد، مع رغبة عارمة في نفوس السوريين بخلاصهم منها وعودتهم لما عاشوه قبلها أمنياً واقتصادياً واجتماعياً.

من إحدى تلك المنعكسات الواضحة للعيان، هو تردي الوضع الإقتصادي لحال الكثيرين، وتراجع القدرة الشرائية بشكل أدى لاختفاءٍ شبه كامل للطبقة الوسطى التي كانت تشغل الحيز الكبير في المجتمع السوري.
يظهر الفقر بعدة أشكال، لعل أكثرها وضوحاً هو انتشار ظاهرة التسول في حمص المدينة المعروفة سابقاً بأم الفقير، بما يشير للمستوى الإقتصادي الجيد الذي كانت تعيشه.

إلا أنه ومع مجيء الحرب إلى شوارع المدينة، اندثرت تلك المقولة وتحولت حياة الكثيرين فيها من “البحبوحة” إلى ما دون الوسط والاقتصار على تأمين الضروريات بالإضافة لتفشي ظاهرة التسول في حمص أضعافاً مضاعفة عن السابق، وبكل الأعمار والأشكال.

ظاهرة التسول في حمص.. حاجة أم تجارة؟

يكاد لا يخلو شارع منهم

وبجولة لـ ” كليك نيوز” في شوارع المدينة، لوحظ انتشار يمكن وصفه بالكثيف للمتسولين والمشردين من الأطفال والشباب والعجزة والمرضى، لاسيما في الشوارع المكتظة بالسكان.
ولعل من أكثر الأماكن التي تشهد هذه الظاهرة هو شارع الحضارة الحيوي في المدينة، والممتد حتى باب الجامعة، وفي النفق المؤدي لها وعلى أسوارها، إضافة لشوارع الزهراء وعكرمة والدبلان.

يكاد لا يخلو شارع منهم

تبريرات وأعذار يقابلها رفض وإحجام

يبرر بعض السكان في حمص، انتشار هذه الظاهرة بالوضع المادي المتردي للمتسولين، ممن يفتقرون فعلاً لأي مصدر مالي إما لسبب صحي ما أو وضع اجتماعي معين، كما قال “سليمان” وهو صاحب محل تجاري في حي الزهراء.

بينما ترى “سوزان” وهي معلمة في حي الأرمن في حديثها لـ “كليك نيوز” أن “السبب في وجود ظاهرة التسول في حمص هو إهمال مديرية الشؤون الاجتماعية والعمل، والواجب هو تأمين فرص العمل للقادرين عليه، وإيواء العاجزين في دور مخصصة لذلك، واجتثاث الظاهرة من شوارع المحافظة”.

تبريرات وأعذار يقابلها رفض وإحجام

تختلف الطرق وتتنوع

لم يعد التسول مقتصراً على طلب المال بالطريقة المعتادة، بل تطورت سبله وطرائقه، فالبعض يدعي المرض أو الحاجة لعملية جراحية أو ثمن لدواء مفقود، أما اليوم فالغلاء والفقر وضعف فرص العمل يعد بنظر البعض سبباً مقنعاً وكافياً للمتسول للقيام بهذا العمل.
ويروي أحد باعة الخضار في حي النزهة إحدى تلك الطرق، وقال “تعتمد الطريقة الجديدة على طلب الخضار مجاناً، وينطبق الأمر نفسه على محال السندويش والوجبات والفواكه، فإن منعك عزة النفس من طلب المال، لن يرحمك الجوع الكافر وسيجبرك على التسول خصوصاَ لمن لديه عائلة”.

من جهته، يرفض “أسامة” وهو من سكان حي الأرمن تقديم أي مساعدة للمتسولين، وأضاف أن ” ظاهرة التسول في حمص باتت تجارة وبشكل واضح وصريح، ومنظم عن طريق شبكات متخصصة وموزعة ،تجمع أموالاً طائلة كما نسمع كل فترة على مواقع التواصل الاجتماعي”.

مكتب مكافحة التسول “دور كبير للمجتمع بقمع ظاهرة التسول في حمص”

من جانبه، أشار مدير مكتب مكافحة التسول بمديرية الشؤون الاجتماعية والعمل بحمص، “ياسر جروان” لـ “كليك نيوز” أن “الجولات المكثفة مستمرة و بأوقات مختلفة لرصد حالات التسول و التشرد للحد منها بالطريقة المناسبة”.

وتابع “جروان” بأن “عدد الحالات التي تم ضبطها عن طريق مكتب مكافحة التسول منذ بدء العام الجاري حتى تاريخ اليوم بلغت 53 حالة، عدا الحالات التي قامت بها أقسام الشرطة بهذا الخصوص”.وعن الصعوبات التي تواجه عمل المكتب، أوضح “جروان” أن “من أكبرها هو طريقة التعامل مع مكتومي القيد ممن لا يملكون هويات او إخراج قيد، حيث يتم العمل على إصدار شهادة تعريف خاصة بهم بعد تنظيم الضبط اللازم”.

وأضاف “أن أهمية دور المجتمع المحلي كبير جداً في معالجة ظاهرة التسول في حمص والقضاء عليها، مع عدم السماح باستمرارها بعدم التعاطف مع المتسول ومنحه المال كون ذلك سيجعله يستمر بهذا التصرف”.وأردف جروان “هناك تعاون مع عدة جهات منها قيادة شرطة حمص والأقسام المنتشرة في المدينة إضافة لـ “جمعية البر” التي تتولى رعاية العجزة المشردين كونهم بلا مأوى”.

وبما يخص هذه الظاهرة قانونياً، يشار أن المادة 604 من قانون العقوبات الصادر بالمرسوم التشريعي رقم 148 تاريخ 22-6-1949 عدلت بالقانون رقم 8 لعام 2019 لتنص على “أن كل من دفع قاصراً دون الثامنة عشرة من عمره أو عاجزاً إلى التسول بأي طريقة كانت جرا لمنفعة شخصية عوقب بالحبس مع التشغيل من سنة إلى ثلاث سنوات وبالغرامة من خمسين ألف ليرة سورية إلى مئة ألف ليرة سورية.

كليك نيوز

حمص – عمار إبراهيم

اقرأ أيضاً: السادسة خلال العام الجاري.. العثور على رضيعة مرمية في حمص

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى