رحلة البحث عن حليب الأطفال تتجدد.. الصحة المتهم الأول بفقدانه والأسعار تكوي جيوب الأهالي
باتت رحلة البحث عن حليب الأطفال في سورية، من المهام الشاقة لدى الأهالي، لا سيما وأنها تنتهي بالفشل في معظم الأحيان، حتى بات حليب الأطفال كغيره للأغنياء وميسوري الحال، بعد أن وصل سعر العلبة إلى 100 ألف ليرة.
وأكدت إحدى السيدات، أنها جالت على الكثير من الصيدليات عسى ولعل أن تحظى بعلبة واحدة على الأقل لطفلتها البالغة من العمر ثلاثة أشهر، على الرغم من ارتفاع سعر العلبة الواحدة في بعض الصيدليات إلى حوالي 90 ألف ليرة.
وأضافت السيدة، إن حلـيب الأطفـال متواجد في معظم الصيدليات، إلا أن هناك أنواعاً محددة هي الأكثر طلباً مثل “نان 1، نان 2، اس 26″، وهذه ارتفعت أسعارها بشكل كبير، وحجة الصيدلي دوماً أن كمياتها قليلة نتيجة الوقت الذي يتطلبه استيرادها.
اقرأ أيضاً: “الفقير يموت بعلته”.. أسعار الأدوية ترهق المواطنين وتحرمهم نعمة الصحة
وقالت سيدة أخرى، إنها اضطرت لشراء نوع مختلف عما اعتادت على شرائه بسبب ارتفاع الأسعار، مشيرة إلى أن تغيير الأنواع يتسبب بإصابة أطفالهن بأمراض معوية.
وبينما تستمر معاناة الأهالي، خرجت وزارة الصحة “لتلقي الحمل عن ظهرها”، معلنة أنه ليس لها علاقة بتسعير مادة حليب الأطفال أو استيرادها.
وأشارت الوزارة، إلى أن عمل وزارة الصحة ينحصر فقط بتسجيل أنواع وماركات مادة حليب الأطفال ومراقبتها فنياً، في حين تقوم وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية من خلال المؤسسة العامة للتجارة الخارجية بعملية التسعير بالقطع الأجنبي، ومن ثم تقوم وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك بالتسعير بالليرة السورية، بينما يقوم مصرف سورية المركزي بإجراءات التمويل وفق الأولويات المتوفرة لديه.
وقالت الوزارة، هناك قطاع خاص هو من يقوم بالاستيراد، مشيرةً إلى أن الفترة الحالية لم تشهد فقدان مادة حليب الأطفال، لا بل على العكس هي متوفرة.
اقرأ أيضاً: القرص بـ 500 والسندويشة بـ 7000.. المأكولات الشعبية أصبحت للمقتدرين أيضاً
بدوره، أكد أحد موزعي حليب الأطفال، أن فترة وصول المادة إلى المرفأ، ومن ثم إلى الصيدليات أصبحت أقل مما كانت عليه خلال الأشهر الأولى من العام الحالي، حيث تصل الدفعات كل شهرين تقريباً.
وكشف صيدلي يعمل في دمشق، أنه يتم توزيع كل أسبوع علبتين أو ثلاث علب على كل صيدلية، رغم أنه متوفر وبكميات جيدة في بعض المستودعات، معتبراً أن فعل ذلك هو تمهيد لرفع سعر المادة، فضلاً عن تهريب بعض الأصناف المستوردة إلى لبنان لبيعها بسعر مرتفع.
وقال رئيس مجلس إدارة الغرفة التجارية السورية الإيرانية المشتركة “فهد درويش”، وهو أحد مستوردي مادة حليب الأطفال، إن هناك محاولات لاستيراد كميات تغطي حجم السوق من مادة حليب الأطفال الرضع من إيران، حيث تم الاتفاق على الاستيراد خلال 20 يوماً.
مبرراً أن قلة الكميات في الفترة الأخيرة يعود لقلة الإنتاج في البلد المورد، الأمر الذي أدى إلى منع الاستيراد لحين تأمين كميات كافية.
واعتبر أن مشكلة استيراد حليب الأطفال لا علاقة لها بالتمويل أو بالمنصة، وإنما بإجراءات وزارة الصحة التي تفرض شرط التسجيل لديها، والذي يستلزم وقتاً طويلاً يصل إلى حوالي خمسة أشهر، وذلك للتأكد من أن مادة الحليب المستوردة مصدرها الشركة الأم، إضافة إلى تشكيل لجنة تقوم بالكشف عن هذه المادة للتأكد أيضاً من وجود تركيبة خاصة ضمن مادة حليب الأطفال.
اقرأ أيضاً: أسعار الفروج ترتفع 300% واللحمة أكثر من 350% خلال 2023
يذكر أنه تم مؤخراً الكشف عن وجود عبوات حلـيب أطفـال غير صالحة للاستهلاك وتحتوي على ديدان، وحتى هذه، تنصلت حماية المستهلك عن مسؤوليتها تجاهها.
وأوضح مدير تموين دمشق “ماهر بيضة”، أن مديرية التموين غير مسؤولة عن ضبط حالات “غش” لحليب أطفال كونه يباع بالصيدليات، وهناك ضابطة خاصة من وزارة الصحة مهمتها سحب عينات والقيام بتحليلها.
منوهاً إلى أن هناك أنواعاً من حليب الأطفال تباع على البسطات، مصدرها الإعانات الإغاثية المقدمة رغم أنه ممنوع من البيع، وفي حال بيعه فإن كل ما نفعله هو التأكد من الفواتير.
وكان مدير عام هيئة الاستثمار السورية “مدين دياب”، قال إن هناك مشروعاً لإنتاج حلـيب الأطفـال في مدينة عدرا الصناعية بكلفة تقديرية تصل إلى حوالي 7 مليارات ليرة، يؤمن 21 فرصة عمل، ومن المتوقع البدء بالتشغيل التجريبي بداية العام القادم، كما أن هناك مشروعاً لصناعة الحليب المجفف ومساحيق أغذية الأطفال وتعبئتها في محافظة حماة، وقد باشر بتركيب الآلات، ومن المتوقع أن يبدأ الإنتاج أيضاً مع بداية العام القادم.
هذا وبلغ عدد إجازات استيراد حليب الأطفال الممنوحة منذ بداية العام الحالي وحتى نهاية شهر تشرين الأول، بلغ 30 إجازة منحت لحوالي 6 مستوردين، وبقيمة إجمالية تبلغ 20 مليون يورو.
المقالات المنشورة لا تعبّر بالضرورة عن رأي الموقع