خوفاً من هزيمتها وحفظاً لماء وجهها.. “قسد” تختار الحوار مع دمشق
خوفاً من هزيمتها وحفظاً لماء وجهها.. “قسد” تختار الحوار مع دمشق
في الوقت الذي صعدّت فيه واشنطن حملتها الهادفة إلى عرقلة الانفتاح بين سورية وتركيا، حيث قدمت أوّل دفعة من الأسلحة لما يسمى “ثوار الرقة”، كما قدّمت دفعات مالية لقيادته، ونظّمت خطّة تدريبات لعناصره في مقرّ “الفرقة 17” في الرقة.
في هذه الأثناء، بدأت تتّضح ملامح وساطة أميركية بين الأتراك و”قسد”، تُوازيها مرونة أكبر تُبديها القيادات الكردية في الحوار مع الحكومة في دمشق، حيث تتطلّع الولايات المتحدة من وراء سعيها إلى إنجاز تلك المصالحة، إلى ضمان وجود عسكري مستقرّ لها في سورية.
حيث نقلت صحيفة “الأخبار” اللبنانية عن مصادر كردية، قولها “إن الأميركيين طلبوا من قسد الإعلان رسمياً عن فكّ ارتباطهم نهائياً “بحزب العمال الكردستاني”، وإخراج الوحدات الكردية من دير الزور والرقة، وتشكيل مجالس محلّية عربية ذات نفوذ مستقلّ لإدارة هذه المناطق بعيداً عن سطوة القيادات الكردي”.
ولفتت المصادر إلى أن تركيا تصرّ على انسحاب “قسد” و “الإدارة الذاتية” من مناطق غرب الفرات في كلّ من منبج وعين العرب.
لكن مساعي واشنطن حسب المصادر، تبدو غير ميسّرة، في ظلّ وجود عوامل تفريق عديدة، من بينها إصرار الأكراد السوريين على رفْع رايات حزب “العمال الكردستاني” وصور زعيمه “عبد الله أوجلان” في مكاتبهم وفعالياتهم المختلفة، وهو ما تراه أنقرة نقطة تضادّ محورية.
في هذه الأثناء، ذكرت المصادر أن “قسد”، “منفتحة على فكرة الحوار مع تركيا، لكنّها لا تقبل بتقديم تنازلات بهذا الحجم، لأنها تعني خسارة مناطق واسعة من نفوذها لمصلحة الأتراك”، مضيفة: “لا تبدي المصادر الكردية أيّ تفاؤل تجاه المبادرة، لأن الشروط التركية تعجيزية، واحتمالية نجاح المساعي الأميركية شبه معدومة”.
بالتزامن مع ذلك، تواصل فيه الحكومة السورية التمسك بموقفها “غير المشجّع” على استخدام العنف ضدّ “قسد” في مناطق سيطرتها شمال شرق البلاد، ورغبتها في التوصّل إلى تفاهمات معها، في الوقت نفسه الذي تمضي فيه في مسار التقارب مع الجانب التركي.
وفي هذا السياق، افادت مصادر مطّلعة، بأن عدّة لقاءات جمعت مسؤولين سوريين مع قيادات من “قسد” في مدينة القامشلي، منذ مطلع العام الجاري، بهدف التوصّل إلى صيَغ تساعد على تطوير الحوار بين الطرفين، مشيرة إلى احتمال توجّه وفد من القامشلي، يضمّ شخصيات عسكرية وسياسية وإدارية من “قسد” و”مسد” و”الإدارة الذاتية”، إلى دمشق، لإيجاد منافذ تؤسّس لحوار فاعل مع الحكومة السورية.
وتوقعت المصادر أن تلجأ “قسد” إلى تقديم بعض التنازلات، في ظلّ استشعارها الخطر المحدق بها على ضوء التقارب السوري التركي، مؤكّدة أن قيادات “قسد” تعتبر الحوار مع دمشق، توجّهاً أساسياً لا تريد الاستغناء عنه مطلقاً، لمنع سقوط مزيد من مناطق الشمال السوري بأيدي الأتراك والفصائل المسلّحة الموالية لهم، لكنها في المقابل لا تريد تقديم أيّ تنازلات جدّية، ورجحت المصادر، أن تكون جلسات الحوار بين الطرفين أكثر مرونة خلال الأيام القادمة، وأن تَخرج بنتائج مهمّة.
يذكر أنه وفي الوقت الذي تستعجل فيه أنقرة لتحقيق قفزات سريعة في التقارب مع دمشق، فإن سورية أكدت أن ذلك مرهون بالحصول على خريطة طريق واضحة تشمل سحْب أنقرة قوّاتها من الشمال السوري، والالتزام الكامل بالسيادة السورية على جميع أراضيها.
وكان الرئيس بشار الأسد، شدد خلال استقباله ألكسندر لافرنتييف، المبعوث الخاص للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في دمشق، على أن اللقاءات التي تَجري مع أنقرة، بوساطة روسية، يجب أن تُبنى على تنسيق وتخطيط مسبَق بين سورية وروسيا من أجل الوصول إلى الأهداف والنتائج الملموسة التي نريدها من تلك اللقاءات، انطلاقاً من الثوابت والمبادئ الوطنية للدولة والشعب، المبنيّة على إنهاء الاحتلال ووقف دعم الإرهاب.
وبينما أعلنت أنقرة تطلّعها إلى إتمام اللقاء مع وزراء خارجية دمشق وموسكو، منتصف الشهر الحالي، أوضحت الحكومة السورية، أن موعد اللقاء لم يُحدَّد بعد، بسبب رفض دمشق عقْده قبل تحديد الأهداف المرجوَّة منه، وفي مقدّمتها انسحاب الجيش التركي من كامل الأراضي السورية، بالإضافة إلى رفضها استثماره في العملية الانتخابية التركية، والتي يشكّل الملفّ السوري أحد أبرز عناوينها الدعائية.
وبعد تصريحات دمشق، خرج وزير خارجية تركيا مولود تشاووش أوغلو، بتصريحات جديدة تحدّث فيها عن إمكانية اجتماعه بنظيره السوري مطلع الشهر المقبل، وسط أنباء عن احتمال حضور الإمارات للاجتماع وترجيحات عن عقده على أراضيها.
اقرأ أيضاً: مقتل جندي تركي بقصف من “قسد” شرق حلب