حتى هدية عيد الأم لم تسلم من لعبة الحرب..
حتى هدية عيد الأم لم تسلم من لعبة الحرب..
خلال اتصال تلقته وهي في السرفيس قالت: “مارح سافر بعيد الأم ما في مصاري للهدية ولا حتى للسفر”..
موقف لم يستغربه الركاب لأنه جاء وسط حالة من خجل عام تسيطر على أناس مستعدين لتقديم أعمارهم لأمهاتهم لكن قساوة الظروف المعيشية حرمتهم حتى من تقديم الهدايا الرمزية أو السفر لتقبيل أياديهن ورؤوسهن.
اعذرونا يا أمهاتنا التقصير ليس من عاداتنا كما هو ليس خيارنا.. هو نتاج لعبة نحن أدواتها وضحاياها..
نتاج طبخات عالية الدسم نحن وقودها.. هي لعبة مجانين الحرب وحيتان المال وسماسرة الدماء..
لعبة يتطور فيها البعض ليصبحوا ديناصورات بينما يتحول البعض الآخر الى أرقام قابلة للضرب والتقسيم والحذف..
اعذرونا يا أمهاتنا ونحن نتقلص نحو اللا شيء ولا يستطيع الكثيرون دفع حتى تكاليف السفر إلى مساقط رؤوسهم هناك..
لعبة تتطور فيها الهدايا عند البعض لتصبح مزارع وشاليهات وسيارات فارهة وبطاقات سفر حول العالم.. هدايا تنكمش عند البعض الآخر إلى دمعة وغصة واعتذار ملفوف بشريطة سوداء.
هذه الإنسانة التي كرمتها الديانات السماوية والوضعية.. هذه التي تفكر بمستقبلنا ونحن داخل رحمها وترانا عرساناً وأطباء ومهندسين وعلماء وأشخاصاً ناجحين ونحن نحبو أمامها، هل نحن معذورون إن استسلمنا للظروف وحرمناها اجتماعنا حولها..
هل نحن معذورون إن حرمناها طقوس عيدها التي لا يمكن أن تكتمل بدون وجودنا أمام عينيها..
لأن من روائع خلق الله قلب الأم وحنيته.. لأن أمهاتنا هن من صنعونا، وأصبح مستقبلنا رهين رضاهن.. ولأنهن يظلمن أنفسهن لينصفونا ولأن وجههن هو وجه الدنيا لأن ولأن..
هل أمهاتنا سيسامحوننا على تقصيرنا.. هل الله سيسامحنا، أم هناك حق خاص وحق عام يجيز التسامح في الأول ويمنعه في الثاني.
ولأن الأم تفهم جيداً على كل الأمهات.. لأن الأم التي ولدتنا تفهم جيداً، على الأم التي نعيش في كنفها وعلى ترابها، فإن الأولى اعتقد أنها لا تريد هدايانا بل أن ترى أفراد أسرتها الصغيرة بخير يحبون بعضهم ويتعاونوا في كل الظروف..
والثانية تريدنا أن نكون أوفياء لترابها وسمائها ودماء أبطالها.. تريد من أبناء أسرتها الكبيرة المحبة والوفاء والتعاون لاستعادة قوتها وهيبتها، ومن ثم إعادة إعمارها.
اللعنة على هذه الحرب التي لم ينجو منها حتى الحبل السري.. حرب حاصرتنا في كل شيء حتى بصلة الرحم.. سرقت منا الكثير من واجباتنا وعاداتنا التي لا يمكن أن تستوعبها مدنيات ما وراء البحار.
كل عام وأنت بخير يا أمي.. كل عام وأنتن بخير يا كل أمهات بلدنا..
نضال فضة – كليك نيوز
اقرأ أيضاً: هل الزعل أم الامتعاض من الحكومة “إلكترونياً” حلال أن حرام؟