الملابس تتحوّل إلى “صمديات” في المحلات التجارية.. خبراء: قرارات استيراد القطن تخدم التجار وترفع الأسعار
الملابس تتحوّل إلى “صمديات” في المحلات التجارية.. خبراء: قرارات استيراد القطن تخدم التجار وترفع الأسعار
اجتهدت المحلات في سورية مع بداية فصل الشتاء، بعرض أجمل الموديلات على الواجهات، لكن “وعلى ما يبدو”، فإنها تبقى “جميلة من بعيد”، لأن أسعارها صدمت السوريين، بأرقامها الخلبية التي تجاوزت راتب الموظف بأضعاف للقطعة الواحدة، ما جعلها تتحوّل إلى “صمديات”، لعدم قدرة الأغلبية على شرائها.
ويأتي ارتفاع أسعار الملابس لعدة أسباب، منها المتعلق باستيراد القطن، ومنها حوامل الطاقة وغيرها من الأسباب التي لا يمل التجار وأصحاب القرار تكرارها على مسامعنا في كل مكان، غير آبهين بحال المواطنين، الذي يعاني واقعاً اقتصادياً متردياً لم يشهده عبر تاريخه.
وفي هذا السياق، وعلى الرغم من تمديد الحكومة لقرار استيراد القطن، غير أن هذا لم يكن “أمراً مساعداً للصناعيين لكسر حدّة أسعارهم الفلكية”، حيث عزف الصناعي “عماد قدسي”، سمفونية “السعر العالمي المرتفع”، قائلاً، لن يتغيّر سعر الألبسة، وربما نشهد ارتفاعاً لأسعارها مرة جديدة كون المادة الخام مستوردة.
اقرأ أيضاً: أرباحها تجاوزت 160 مليار ليرة.. المصارف الخاصة تنشر نتائجها المالية عن الربع الثالث للعام الجاري
وأضاف “قدسي” لصحيفة “البعث” إن المطلوب كي نلمس إيجابيات هذه القرار هو دراسة أسعار حوامل الطاقة، ومنها الكهرباء، لوصول المنتج بتكلفة قادرة على المنافسة وعودته إلى جميع الأسواق العربية، إضافة إلى تخفيض رسوم الجمركة وأجور النقل والتعبئة، مشيراً إلى أن الحكومة اليوم شريك مع الصناعيين بإزالة العقبات المتعلقة بحوامل الطاقة وتخفيف أعباء الاستيراد وإعادة حركة الإنتاج.
في المقابل، اتهم الخبير التنموي “أكرم عفيف”، التجار والمستوردين بأنهم المتحكمين الأساسيين بمفاصل البلد، مضيفاً، لن تنخفض أسعار الألبسة بعد هذا القرار، خاصة وأنها مرتبطة بسعر الدولار المستمر في الارتفاع بسبب سياسة استنزاف القطع الأجنبي الموجود في سورية للمستوردات.
اقرأ أيضاً: بعد تحليق أسعارها.. “بدائل التدفئة” تخرج من حسابات أهالي حلب
وأضاف “عفيف” الحلّ هو تصحيح السياسة التسعيرية الخاطئة منذ زمن بعيد، وعلى الرغم من استيقاظ الحكومة هذا العام وإعطاء مزارعي القطن 10 آلاف ليرة بالكيلو، إلّا أن الدودة الأمريكية نهبت المحصول، فإنتاج الدونم الذي كان يعطي 300 كيلو انخفض للنصف، ووصل إلى 150 كيلو، بالتالي وقع الفلاحون بالخسارة مرة ثانية، فالسياسة التسعيرية التي قضت على الشوندر والحنطة ومحاصيل العلف ستقضي أيضاً على القطن.
وقال الخبير التنموي، يجب دعم الزراعة بإعطاء سعر جيد والتقيد بالأسعار، مشيراً إلى حالة الغبن التي يتعرّض لها الفلاح بتسعير كيس السماد بـ 400 ألف اليوم بينما عندما كان سعره 175 اشتراه الفلاح بمليون ليرة، وبالتالي سيشتريه في الوقت الحالي بمليوني ليرة طالما أن السعر النظامي 400 ألف.
من جهته، رأى أمين سر جمعية حماية المستهلك “عبد الرزاق حبزة”، أن قرار تمديد استيراد القطن، سينعكس على الألبسة القطنية بشكل مغاير للمتوقع، لافتاً إلى أن عدم اتخاذ هذا القرار في الوقت الراهن سيؤدي لتوقف المعامل عن تصنيع الألبسة القطنية، كما طالب بتقديم الدعم لزراعة الذهب الأبيض.
اقرأ أيضاً: لهيب الأسعار يحرم المواطنين تأمين قوتهم اليومي.. الحكومة تتابع عمليات التصدير!
هذا وكانت الحكومة وافقت مؤخراً على تمديد فترة العمل بقرار استيراد القطن لمدة 6 أشهر إضافية، نظراً لانخفاض إنتاج سورية لهذا العام، ويتوقع هذا العام إنتاج 14.373 طناً من القطن في المناطق الآمنة، وحددت سعره 10 آلاف ليرة للكيلو غرام بهدف تشجيع المزارعين لتسليم كامل المحصول إلى المحالج، وتشجيع الزراعة في الأعوام القادمة وزيادة المساحات المزروعة في الموسم القادم، حسب قولها “الحكومة”.
ووسط هذا الجدل، بقي المواطن المستهلك هو الخاسر الأكبر، حيث ارتفعت أسعار الملابس خلال السنوات الأخيرة لأكثر من 100%، وهذا العام بلغ وصل سعر المانطو الجوخ في الأسواق حتى 700 ألف ليرة، والجاكيت الجلد 450 ألف ليرة، والبيجاما 550 ألف ليرة، والبنطال 375 ألف ليرة، والكنزة 300 ألف ليرة، وهي أسعار جميعها خارج قدرة السواد الأعظم من السوريين.
المقالات المنشورة لا تعبّر بالضرورة عن رأي الموقع