مجتمعمحلي

الشباب السوري فرص ضائعة وأحلام في مهب الريح

الشباب السوري فرص ضائعة وأحلام في مهب الريح

 

حملوا أحلامهم في قلوبهم وخرجوا بحثاً عن حياة أفضل، لم يكن ذلك المسار الوحيد الذي سلكوه، إنما نتيجة خيبات متلاحقة عصفت بهم من كل حدب وصوب، مغامرات يومية واحتمالات كثيرة كانت شرارة النهوض من رماد الخيبة لمتاعب السفر والغربة، ليبقى ما بقي منهم تحت رحمة الأحلام الضائعة والفرص البائسة.

الشباب السوري فرص ضائعة وأحلام في مهب الريح
الشباب السوري فرص ضائعة وأحلام في مهب الريح

استغلال بالجملة

 

لم يكن اللجوء للعمل ضمن شركة خاصة أمراً مستغرباً لدى “يارا الحلبي” ٢٤ عاماً، لقناعتها بأن ظروف العمل أفضل من القطاع الحكومي، لنجد “يارا” بعد تجربتها في إحدى شركات الصرافة مستبعدة من العمل الذي استنفد كل طاقاتها حسب وصفها وبأجر لا يتجاوز الـ 90 ألف ليرة، ضمن ٩ ساعات عمل متواصلة، عدا عن الدقة المطلوبة وعدم مغفرة الهفوات من قبل صاحب الشركة.

لم تقف حدود الجشع والطمع لأرباب العمل هنا، إنما وصلت إلى الشركات الخارجية التي تطلب أعمالاً على الإنترنت من المنزل، تحدثنا “دانا الخوري” خريجة كلية الإعلام في دمشق إلى أنها تعمل محرّرة في أحد المواقع الإلكترونية الخارجية، بأجرٍ يصل إلى 100 ألف ليرة مقابل القيام بتحرير 25 مادةً صحفيةً خلال ثماني ساعات يومياً، مع إعطاء عطلة ليوم واحدٍ في الأسبوع.

الشباب السوري فرص ضائعة وأحلام في مهب الريح
الشباب السوري فرص ضائعة وأحلام في مهب الريح

قرارات غير مدروسة

 

ولأنه لا يختلف اثنان على أهمية نهوض الشباب بالمشاريع الصغيرة والمتناهية الصغر والعمل كشريك مع الحكومة لرفد الاقتصاد، من واجب الأخيرة تقديم تسهيلات مصرفية للعمل بنظر الخبير الاقتصادي “عامر شهدا” واليوم بعد رفع الفوائد لم يعد باستطاعة هؤلاء الشباب بالقيام بهذه المشاريع لارتفاع التكلفة بالنسبة للفائدة، كما أنه مع التوقعات بأن تصبح فوائد التسهيلات الائتمانية 20% بحيث تصبح الفائدة الدائنة 11% والمدينة 20% وبحساب الفارق بينهما وهو 9% يقف “شهدا” متسائلاً.. هل أصبحت المصارف متخوفة من التضخم في البلاد؟ أم أن الفارق 9% هو مؤشر لتراجع العملة المحلية؟ مؤكداً أن من يرغب بتشجيع الاستثمار ودعم الإنتاج لا يرفع تكلفة الحصول على السيولة، فكما أنه من حق المصرف التحوط يحق للمُنتج الفعل ذاته أيضاً.

وبالنظر لمؤشر المخاطر لدى المصرف نستنتج بأن طرح الـ 20% جاء 9% منها كتهيئة نفسية للناس ومنها 2% لتغطية التكاليف والأرباح، لتبقى نسبة 7% للتحوط، ومن البديهي أن يحتاج المنتج 9% للتحوط، ما يعكس نسبة ارتفاع بالأسعار والتي تبلغ 20%، مقدماً “شهدا” تساؤلاته هنا قائلاً: هل الحكومة جادَّة في خلق الفرص أم تراهن على قدرة الأهالي في تأمين فرص الهجرة لأبنائهم؟

داعياً الشباب بعدم الاتكال على الوظائف الحكومية، وعدم انتظار خلق فرص عمل لديها بالمدى القريب، والخروج من نمطية العمل الوظيفي الذي لا يضمن شيء لمستقبل صاحبه، مطالباً الجامعات بتوجيه التفكير للمشاريع الخاصة لكل طالب.

 

الشباب السوري فرص ضائعة وأحلام في مهب الريح
الشباب السوري فرص ضائعة وأحلام في مهب الريح

تجارب ناجحة

 

ويذكر أنه خلال العقد الذي سبق الصراع في سوريا، بلغ متوسط النمو الاقتصادي 4.5% سنوياً، بينما انخفضت معدلات البطالة في صفوف الشباب من 26% في العام 2001 إلى 20% في 2010.

جاء ذلك نتيجة النجاح الملحوظ الذي حققته البرامج المُعدة لإدماج الشباب اقتصادياً، من قبيل برامج تنمية المشاريع الحرة وريادة الأعمال، رغم الصعوبات التي واجهتها بسبب تفشي الفساد والمحسوبية.

لكن ومنذ العام 2011، أدى الانهيار الاقتصادي المصاحب للصراع إلى خسائر فادحة في فرص عمل الشباب في القطاعين العام والخاص.

وارتفعت معدلات بطالة الشباب ارتفاعاً بالغاً وصل إلى 78% في العام 2015، ورغم النمو الذي شهدته المشاريع الحرة في بعض المناطق، في محاولة للتأقلم ومسايرة الأوضاع، فقد بات الوضع اليوم خطيراً للغاية لدرجة أن استراتيجيات سبل العيش المتاحة لم تعد كافية لتلبية الاحتياجات الأساسية.

بارعة جمعة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى