مجتمع

الأمثال الشعبية خلاصة تجارب أم تعاطٍ واضح مع الواقع؟

الأمثال الشعبية خلاصة تجارب أم تعاطٍ واضح مع الواقع؟

 

ما كذب المثل لما قال لسان كبار السن لإبداء رأي معين أو تأكيد حدث ما وإن كان بلا سبب، حالة من الانسجام الفكري بين الماضي والحاضر، أدواتها القياس فيما لو كان التشابه كبيراً، ليبقى للاختلاف الطفيف بين الحوادث مصطلحات رديفة له، تفسيرات باتت محط جدل المهتمين بها، لإسقاطها على كل زمان ومكان.

يراها البعض أقاويل شاذة عن الواقع، وترجمان الزمن القديم البعيد عن حداثة اليوم، التي خففت الكثير من المعاني وانساقت بها إلى أماكن أخرى أقل تأثيراً في النفس دون الخروج بمعنى يصاحب أخاه.

الأمثال الشعبية خلاصة تجارب أم تعاطٍ واضح مع الواقع؟
الأمثال الشعبية خلاصة تجارب أم تعاطٍ واضح مع الواقع؟

عبرة الماضي المرتبط بالحاضر في أزمنة تعاد وتحكى لكن بروايات وشخوص مختلفة، حملت معها الذاكرة الشعبية إلى حيث لا مكان للانزلاق أو الهفوات، فالبلاغة سرها والعمق مبدؤها، فيما باتت احتمالاتها كبيرة لو قيست بزوايا مختلفة أيضاً.

تدخل النفوس بلا استئذان وتستوطن أعماق سامعيها دون شرح أو تفصيل، وسمتها المشافهة لا التدوين، فالحكمة ضالة المؤمن كما يقال والمثل لسان حاله، تتشابه في كثير من الأحيان لالتقائها بالسرد والايجاز والسهولة والخبرة الانسانية إلا أنها تختلف في الهدف والمصدر، لتبقى التجربة الخاصة التي مصدرها العقل رهن الأولى، فيما يعرف المثل باقترانه بمناسبة خاصة ولا يخلو من الحكمة المتضمنة في ثناياه.

تنطلق الأمثال من فكر وبيئة الجماعة الانسانية لتنعكس موجزة وموحية لنظرتهم بالحياة، يرددها اللاحقون لتدعيم القول بها، وكأنها باتت من المسلمات لإثبات أو نفي التهمة عن طرف بذاته، تأخذ ديمومتها بوصفها إرث متنقل عبر الأجيال، وذكرى مخلدة في نفوسهم، وعِبرٌ مستقاة على مرِّ الزمن، ليبقى لالتقائها مع حضارات أخرى دلالة على اجتيازها حواجز المكان، التي برزت في المثل العالمي “اصنع كوخك والشمس ساطعة”، والذي يتقاطع مع مقولة: “دق الحديد وهوي حامي”.

الأمثال الشعبية خلاصة تجارب أم تعاطٍ واضح مع الواقع؟
الأمثال الشعبية خلاصة تجارب أم تعاطٍ واضح مع الواقع؟

وتتشابك الأمثال في المنطقة العربية أيضاً، منتشرة حول الجغرافيا وعبر المحيط، لنجد الكثير من أقاويل البيئة اللبنانية ملك البلاد العربية أجمع مثل: “ضربني وبكى سبقني واشتكى”، والتي تظهر جلياً طبيعة هذه البيئة في التهرب من مسؤولياتها.

وتستقي الأمثال من صياغتها قيماً معينة، تتكرس في الزراعة مثلاً حاملة معها أسمى معاني الأمل والتفاؤل والاستقرار والتعاون كمقولة: “من زرع حصد”، في حين تنفرد الأمثال الصادرة عن البيئة الصحراوية مثل: “شو بدي اتذكر منك ياسفرجل.. كل عضة بغصة” بمعاني الصبر والتحمل.

ولتستخلص عبرة انسانية يمكن استعادتها في حلة أخرى لها ستجدها حتماً في مقولات مثل: “رب ساع لقاعد”، في حين تمتزج الأنا بالأنا الآخر بوضوح في ثقافتنا الشعبية، لتبدو علاقة تقارب أو تكامل مثل “حكلي لحكلك”، لتجد في مثل هذه المعاني تجسيداً واقعياً لما تعيشه الحضارات المتعاقبة من طقوس وعادات باتت الأكثر التقاءً ومحبة مما تعيشه أجيال اليوم في عصر التكنولوجيا والمعلومات، لتغدو مرجعهم في أماكن محددة وملتقى إرثهم الحضاري القديم.

بارعة جمعة – كليك نيوز

اقرأ أيضاً: الصحة النفسية والمجتمع.. تهم باطلة تكرس العجز وتنمي ثقافة الخوف

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى