أربع ساعات براتب موظف.. الدروس الخصوصية تجارة ترهق الجيوب وتحصد أرباحاً خيالية
يتسابق أهالي مدينة “حمص” لحجز دور لهم معلنين بدء العام الدراسي الجديد فيما إن وجد معلم يلبي حاجتهم المستمرة في كل عام، وإذا ما تم الأمر فستكون تلك الفرصة والحظ بنظرهم، لنجد البعض منهم أيضاً يلاحق فكرة تأمين معلم وسط عدم الحاجة له، إنما من باب إرضاء الذوق العام الذي طغى على ثقافة مجتمع بأكمله، بات يميل للتباهي أكثر من الحاجة للتعليم.
بريستيج اجتماعي
الخوف من الفشل أمام المعارف والأقارب من أهم أسباب انتشار ظاهرة الدروس الخصوصية، التي لجأ اليها الأهالي في الفترة الأخيرة، من باب الثقة والراحة النفسية لاجتياز المراحل الدراسية بسلام.
ومن ناحية أخرى فهناك من يلجأ اليها من باب الغيرة والحسد والتكبر، فأصبحت ظاهرة لا يمكن التخلي عنها، باعتبارها وسيلة للتفاخر دون النظر لأسعار التي وصفت بالخيالية.
ظاهرة خطيرة
“ظاهرة خطيرة على العملية التعليمية بكل أبعادها، كونها لا تتيح للتلاميذ فرصاً متكافئة، وتؤثر على السلوك اذ تبعد الطالب عن الجو الصفي والمشاركة الجماعية والتعاون مع الزملاء”، بهذه الكلمات اختصرت المرشدة الاجتماعية “ساندي الزمتلي” هذه الظاهرة التي باتت تؤثر على قدرة التلاميذ في التكيف الاجتماعي والتفاعل مع المعلم أثناء الحصة الدرسية، وبالتالي اللجوء إلى الاتكالية، التي ستؤدي حتماً لفقدان ثقتهم بأنفسهم وبالمدرسة أيضاً.
في حين يشكل ضعف الاطلاع العلمي للأهالي، خاصة بعد تغير المناهج للأصعب وعدم فهمها، السبب الرئيس في اللجوء للدروس الخصوصية برأي “الزمتلي”، من مبدأ إخلاء أنفسهم من المسؤولية أمام أبنائهم.
تعويض للنقص
ما يعانيه معلمو المراحل التعليمية من نقص في الدخل قياساً بالجهد المبذول بات المبرر الأول لاعتماد المدرسين العمل ضمن هذا المجال حسب توصيف الدكتورة “وفاء الخضور”، عدا عن انخفاض كفاءة بعض المعلمين وعجزهم عن إيصال المعلومة للطالب.
لنجد أيضاً نوعاً من الطمع لدى البعض منهم في اتباع أساليب جذب الطالب لهذا الخيار بوصفه المنقذ لهم، إلا لصعوبة المناهج الحديثة دوره أيضاً برأي “الخضور”، أمام ضعف بعض المعلمين في استيعابه وإيصاله للطلبة، لتبقى سمة التقليد الأعمى هي الغالبة على الأهالي ومن ثم الطلبة أنفسهم، فالاتكالية والغياب المقصود وعدم تنظيم الوقت من قبل الطالب لا تعد مبرراً له.
شكاوى ومقترحات
يشكو بعض الأهالي من ضخامة المواد التي باتت تشكل عبئاً على الطالب نفسه قبل المعلم، فما كانت تتصف به المناهج القديمة من الرشاقة والسلاسة والقدرة على النفوذ إلى عقل الطالب بسهولة لم تعد متوفرة اليوم، الذي باتت سمته ضخامة الكتب وكثرة المعلومات والتمارين التطبيقية غير المناسبة للمراحل المرهونة لها رواية المعلمة “سهى المرعي”.
من جهتها، أكدت المرشدة الاجتماعية “سلام المحمد” بأن الأهل هم السبب الأول والأخير في اعتماد أولادهم على الدروس الخصوصية، مضيفة، “أن انشغال الأهل في أعمالهم لفترات زمنية طويلة، وضعف إشرافهم على تعليم أبنائهم بأنفسهم، وانصراف بعض الأمهات لعالم التواصل الاجتماعي، وعدم تعاونهم مع المدرسة، كل ذلك أدى إلى طمع الطالب واتكاله على معلم الخصوصي”.
فيما يبقى رفع رواتب المعلمين وتأمين دخل مناسب له سيبعد عن ذهنه فكرة إشغال نفسه بهذه الدروس خارج المدرسة برأي الموجهة التربوية “شادية الخضر”، لتبقى المراجعة المستمرة والمتابعة لكافة المواد من قبل المدرسين والأهل معاً وسيلة لمواجهتها أيضاً.
كما عدت “الخضر” مسألة الازدحام داخل الغرفة الصفية سبباً لإنهاك المعلم، عدا عن إعطائه ساعات تفوق قدرة استيعابه للمنهاج، والذي بدوره سيقلل تفاعله مع الطلبة وضعف قدرته على كشف جوانب الضعف لديهم، ليبقى التعاون بين الأهل والمدرسة الحل الأنجع برأيها، من خلال التواصل المستمر لتلافي الثغرات والتقصير في الوقت المناسب.
ربى العلي – كليك نيوز
اقرأ أيضاً: ماذا تعرف عن ساعة “كرجية” في حمص والمشهورة بالساعة الجديدة