خدميمجتمعمحلي

“وسائل التواصل أحد أسبابه”.. رؤية علم الاجتماع لانتشار الطلاق في المجتمع السوري

“وسائل التواصل أحد أسبابه”.. رؤية علم الاجتماع لانتشار الطلاق في المجتمع السوري

 

بعد قرابة عشر سنوات شارف زواج “أحمد وريمان” على الانتهاء، زواج أثمر ولدان وفتاة، فـ “أحمد” يقول إنه وخلال الأشهر القليلة الماضية بدأت زوجته بافتعال المشاكل لأي سبب مهما كان بسيطاً.

مضيفاً، لا يعجبها شيء، وأنه رغم الظروف الصعبة، كان يحاول قدر المستطاع تأمين احتياجات البيت والأولاد، مشيراً، إلى أن الخلافات تطورت بعد أن اكتشف أنها تتحدث مع رجل آخر بواسطة الفيسبوك، وبعد مراقبتها عدة مرات، ورؤية محادثاتها، تبين له أنها تراسله منذ سنة، وتراه بين الفينة والأخرى، منوهاً إلى أنه علم أنها كانت تنوي الانفصال عنه لترتبط بذاك الرجل، ما استدعى الأمر إلى طلاقها مباشرة.

بينما “نغم وعلي” انفصلا بعد زواج دام 15 سنة حصيلتها ولد وفتاة، حيث لم يتحملان مرارة الحياة المعيشية وقسوتها، وبعد أن ضاقت الحياة بها ذرعاً فهي لا تعمل كما تقول، وزوجها أيضاً دخله غير ثابت فهو يعمل أعمال حرة وأحيانا لا يجد عملاً، وكثيرة هي الليالي التي كانوا الأطفال ينامون فيها بلا عشاء، مضيفة، أنه بعد أن تفاقمت المشاكل وتراكمت كان الانفصال سيد الموقف.

الطلاق أفضل الحلول

أماّ حالة “نبيلة” مختلفة نوعا ماً فقد طلبت الطلاق بعد زواج استمر لمدة 17 سنة أنجبت خلالها ولد وثلاث بنات، فقد تحملت خلالها ظروف الحياة القاسية مع زوجها، حسب ما قالته، ورغم ذلك كانت تتعرض يومياً للعنف الجسدي واللفظي، فزوجها كان مدمن على شرب الخمر ويسكر يومياً، وتالياً يفقد السيطرة على عقله، ليصبح غير متوازن وغير مسؤول عن تصرفاته، مؤكدة أنها لم تقوى على التحمل لدرجة أنها فكرت بالانتحار أكثر من مرة، لذلك وجدت أفضل طريقة للخلاص هو الطلاق.

تعددت أسباب الطلاق والنتيجة واحدة، لكن من الملاحظ وخلال الفترات الماضية أن مواقع التواصل الاجتماعي لعبت دوراً سلبياً في تفكك الأسرة، فالخيانة الزوجية أصبحت سبباً أساسياً لوقوع الطلاق، وهذا بالتأكيد سينعكس مستقبلاً على حياة الفرد والأسرة والمجتمع ككل.

أسباب الطلاق من وجهة نظر علم الاجتماع

رئيس قسم علم الاجتماع بكلية الآداب الثانية جامعة دمشق – فرع السويداء الدكتور “جهاد الناقولا”، أشار في حديثه لـ كليك نيوز، إلى أن موضوع الطلاق حديث قديم يعود لأسباب أهمها اقتصادية، وكذلك وجود اضطرابات نفسية لدى الزوج أو الزوجة، حيث يكون من الصعوبة بمكان وجود توافق بينهما، وأيضاً وسائل التواصل الاجتماعي قد تكون أحد أهم أسباب الطلاق، ليس بالضرورة أن يكون خيانة، إنما الانشغال الطويل بها وعدم القيام بالواجبات من قبل أحد الزوجين.

اقرأ أيضاً: “مهووسات تجميل ولو على حساب لقمة عيشهن”.. أخصائي تجميل: أغلب المراجعين من السوريين المقيمين في الخارج لثقتهم بالطبيب السوري

لكن بعض الدراسات اعتبرت التواصل الإلكتروني خيانة لكن ليس بمعناها المادي وإنما الفكري، علماً أن الخيانة سبب قوي لانتشار الطلاق، إضافة إلى العنف بكل مستوياته عنف زوجي، قد يكون من الزوج أو من الزوجة، وأيضا العنف النفسي بحيث لا يوجد تقارب بينهما (العنف عاطفي – الاقتصادي – الجسدي – الجنسي)

تدخل المحيط بحياة الزوجين

وأشار الدكتور “جهاد” إلى وجود سبب على درجة كبيرة من الأهمية هو تدخل أهل الزوجين، حيث أن المفهوم السائد في مجتمعنا عندما يتزوج الشخص فهو لا يتزوج فرد بالمعنى الدقيق، لكن بالمعنى الاجتماعي هو يتزوج عائلة الشريك، لأن هناك علاقات اجتماعية مستمرة سيقوم عليها البناء الاجتماعي للشريكين، منوهاً أنه قد لا يكون هناك سبب واحد للطلاق، وإنما أسباب مجتمعة تتفاعل مع بعضها البعض تدفع أحد الشريكين لطلب الطلاق.

الطلاق لا يعني انتهاء حياة المرأة

ذكر الدكتور “جهاد” أن الطلاق لا يعني أن حياة المرأة قد انتهت كون نظرة المجتمع لها نظرة قاسية، إلا أنها تستطيع أن تعمل وتنتج وتشرف على أولادها، فالطلاق ليس إلاّ حدث من الأحداث التي تمر بها حياة المرأة خاصة إذا كانت متعلمة وتتمتع بشخصية قوية وتعرف ماذا تريد ويعزز ذلك عندما تلقى الدعم المعنوي من أسرتها.

الأطفال هم الضحية

ويرى “جهاد” أن تأثيرات سلبية كثيرة للطلاق على الأسرة والمجتمع، وخاصة على الأطفال، ومع الوقت يمكن أن يحدث لديهم مشكلات سلوكية، وحتى الأطفال ممن هم في سن الدراسة قد يتعرضوا لما يعرف بظاهرة التأخر الدراسي، كاشفاً أن أبناء المطلقين يمكن أن يتحولوا إلى سجون الأحداث بسبب عدم وجود من يرعاهم، مبيناً، أن دراسات علم الجنائي والقانوني تقول أيضاً الطفل الحدث اليوم الذي يدخل معاهد الأحداث والذي يسمى معاهد الإصلاح قد يصبح مجرم المستقبل

يسبب مشكلات صحية

أما بالنسبة لتأثيره على الأسرة، أوضح رئيس قسم علم الاجتماع بكلية الآداب في السويداء، أنه يؤدي الى مشكلات صحية منها أمراض القلب حسب ما ذكرت بعض الدراسات، كذلك معظم الأشخاص المطلقين يعانون من مشكلات نفسية بسبب وضع الحياة التي عاشوها واختبروها مع بعضهم البعض، لافتاً أنه أيضاً يؤثر على المجتمع، حيث أن قوة المجتمع من قوة الأسرة، منوهاً أنه عندما تكون الأسرة ضعيفة تصبح مهددة بالانهيار بحيث يؤثر على العملية الانتاجية ضمن المجتمع.

الطلاق في تزايد

وأضاف الدكتور “جهاد” أنه لا يوجد دراسات محلية حديثة تظهر نسبة الطلاق بشكل دقيق، لكن استناداً الى مجريات الواقع يمكن القول إن نسب الطلاق في تزايد تزامناً مع استمرار الظروف الاجتماعية والاقتصادية والنفسية الصعبة على المجتمع.

وختم “جهاد” بالقول أنه بوجود حزمة إجراءات يمكنها أن تحدّ من حالات الطلاق، منها نشر التوعية عن طريق وسائل الاعلام المختلفة لمعرفة مخاطره، والتأكيد على أن تتسم فترة الخطبة بالشفافية والوضوح من أجل أن تكون الحياة الزوجية واضحة وصريحة لكلا الزوجين.

ميليا اسبر – كليك نيوز

المقالات المنشورة لا تعبّر بالضرورة عن رأي الموقع

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى